عشية انتهاء المهلة الدستورية: مساع لحسم اختيار مرشح لرئاسة وزراء العراق

عشية انتهاء المهلة الدستورية لاختيار رئيس وزراء عراقي جديد، الخميس، هدأ "بازار" الأسماء في العاصمة العراقية لتستقر مفاوضات الكتل السياسية على ثلاثة، إضافة إلى رابع يقدم نفسه ناطقا باسم الشعب الذي يرفض أي شخصية مرتبطة بنظام ما بعد الغزو

عشية انتهاء المهلة الدستورية: مساع لحسم اختيار مرشح لرئاسة وزراء العراق

بغداد (أ ب)

عشية انتهاء المهلة الدستورية لاختيار رئيس وزراء عراقي جديد، يوم غد الخميس، هدأ "بازار" الأسماء في العاصمة العراقية لتستقر طاولة مفاوضات الكتل السياسية على ثلاثة، إضافة إلى رابع يقدم نفسه ناطقا باسم الشعب الذي يرفض أي شخصية مرتبطة بنظام الأعوام الـ16 الماضية التي أعقبت الغزو الأميركي.

ومنذ موافقة مجلس النواب في الأول من كانون الأول/ديسمبر الحالي على استقالة حكومة عادل عبد المهدي، بدأت بورصة السياسة تداول أسماء عدة، بعضها كان جديًا، وأخرى كانت أوراقًا محروقة لاستبعادها.

لكن ثلاثة أسماء طرحت مؤخرًا في "المزاد"، هي وزير التعليم العالي قصي السهيل، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق محمد شياع السوداني، ورئيس جهاز المخابرات الوطني مصطفى الكاظمي.

وكانت مصادر سياسية عدة أشارت في وقت سابق إلى أن طهران، تسعى إلى فرض اسم السهيل على الكتل السياسية السنية كمرشح أوحد لإيصاله إلى رئاسة الحكومة.

والسهيل عضو سابق في تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وانضم في ما بعد إلى كتلة دولة القانون، التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي.

وإن كانت حظوظ السهيل قد بدت مرتفعة في الساعات الأخيرة، إلا أن كون المشاورات في العراق كصندوق أسرار تخرج منه المفاجأة تلو الأخرى حتى اللحظات الأخيرة، يجعل من الصعب التكهن بشكل نهائي.

فالأسبوع الماضي، كان الاسم الأكثر تداولًا هو السوداني، الذي أعلن استقالته من حزب الدعوة وكتلة دولة القانون التي ينتمي إليها أيضًا. لكن أسهمه تراجعت بين ليلة وضحاها، من دون معرفة الأسباب.

وأكدت مصادر مقربة من المرجعية الدينية الشيعية العليا في النجف، أن السوداني حاول مقابلة آية الله علي السيستاني، لكنه لم ينجح في ذلك، ما اعتبره البعض فيتو.

لكن المرجعية أعلنت سابقًا عدم مشاركتها في أي مشاورات أو مفاوضات وسحب يدها من مباركة أي اسم يطرح، خلافًا للسنوات الـ16 الماضية، حين اضطلعت بدور حاسم غير مباشر في رسم المسار السياسي للبلاد.

ويبقى اسم الكاظمي داخل درج رئيس الجمهورية برهم صالح، الذي "يراهن على اللحظات الأخيرة" لتقديم مرشحه، وهو ما يضمنه له الدستور، وفق مصادر سياسية.

لكن الصعوبة تكمن في أن الكاظمي محسوب على الولايات المتحدة، ما يجعل من الصعب أن يحظى بموافقة طهران، إلا في حال تسوية.

وفي حال انعدام التوافق، يبقى الخيار الدستوري أن يصبح صالح رئيسًا للوزراء بحكم الأمر الواقع، في حالة الفراغ، لمدة 15 يومًا وفق المادة 81 من الدستور، على أن يكلف خلالها مرشحًا جديدًا.

في الجهة المقابلة، قدم النائب الليبرالي فائق الشيخ علي، المعروف بانتقاده للفساد المستشري في مفاصل الدولة، ترشيحه رسميًا إلى رئيس الجمهورية.

وقال الشيخ علي في كتاب ترشحه الذي نشره على "تويتر": "أتقدم إلى فخامتكم بالترشح لتكليفي تشكيل حكومة مهنية متخصصة غير متحزبة بعيدة عن المحاصصة الطائفية والعرقية".

ويعتبر الشيخ علي نائبًا مثيرًا للجدل، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اشتهر بتغريداته التي تتضمن الكثير من التلميحات ضد سياسيين من خصومه. وسبق أن رفع البرلمان الحصانة عنه بتهمة "تمجيد البعث".

ويقدم الشيخ علي نفسه مرشحًا باسم الشارع، الذي يبقى حكمًا في العملية السياسية، ويشترط أن يكون رئيس الوزراء الجديد مستقلًا، ومن غير المضطلعين بأي دور سياسي منذ العام 2003.

ووصلت الأسماء إلى ساحة التحرير المركزية للاحتجاجات في وسط العاصمة بغداد. وقال حسين علي لفتة (23 عامًا) إن "السوداني والسهيل لا يمثلاننا، أنا كمواطن عراقي أرفضهما وساحة التحرير ترفضهما". وأضاف أن "ما تقوم به السلطة هي أنها تبدل المناصب للأشخاص أنفسهم في الحكم، وكأنها لعبة شطرنج".

أما أم محمد الخمسينية، فتعتبر أن هذين المرشحين "مرفوضان، لأن المجرب لا يجرب. نريد مرشحًا من رحم الشعب، تظاهر بيننا في ساحة التحرير، أما غير ذلك، فنرفضهم شلع قلع".

وتبقى المعضلة مسألة الكتلة النيابية الأكثر عددًا في البرلمان. ومفهوم الكتلة الأكبر هو الائتلاف الذي يضم أكبر عدد من النواب بعد الانتخابات، وليس بالضرورة أن يكون التحالف الفائز بأكبر عدد من المقاعد بعد الاقتراع.

ولم تكن الكتلة الأكبر واضحة بعيد الانتخابات التشريعية في أيار/مايو 2018، وجاءت تسمية عبد المهدي رئيسًا للوزراء حينها بتوافق سياسي جرى خلال ساعات، بعيد انتخاب صالح رئيسًا للجمهورية.

غير أن المهمة اليوم صعبة على أي مرشح ينال ثقة البرلمان، ويكون قادرًا على تلبية مطالب الشارع وسحب المحتجين، بعد أكثر من شهرين من التظاهرات التي أسفرت عن مقتل نحو 500 شخص وإصابة أكثر من 20 ألفًا بجروح.

والغالبية العظمى من الضحايا من المحتجين، سقطوا، وفق المتظاهرين وتقارير حقوقية دولية، في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحين من فصائل "الحشد الشعبي" التي تربطها صلات وثيقة مع إيران. لكن "الحشد الشعبي" ينفي أي دور له في قتل المحتجين.

التعليقات