من هو السلطان قابوس ومن يخلفه؟

يعتبر السلطان قابوس بن سعيد (79 عامًا) الذي توفي ليل الجمعة - السبت، بعدما حكم عُمان لنحو 50 سنة، بأنه من قاد مسار تحديث السلطنة الخليجية، وجنبها النزاعات الإقليمية التي لعب فيها دور الوسيط الموثوق،

من هو السلطان قابوس ومن يخلفه؟

يعتبر السلطان قابوس بن سعيد (79 عامًا) الذي توفي ليل الجمعة - السبت، بعدما حكم عُمان لنحو 50 سنة، بأنه من قاد مسار تحديث السلطنة الخليجية، وجنبها النزاعات الإقليمية التي لعب فيها دور الوسيط الموثوق، وأول من استقبل بنيامين نتنياهو في دولة خليجية بشكل رسمي وعلني. وقابوس حكم أطول مدة عربيا والثالث عالميا.

والحاكم الخليجي الذي كان يعاني من سرطان القولون بحسب دبلوماسيين، لم يكن له أبناء ليتوارثوا الحكم من بعده، ما يفتح البلاد على فترة من عدم اليقين في مرحلة من التوترات الإقليمية مع إيران.

ولد السلطان قابوس في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 1940 في صلالة في الجنوب، حيث تابع تعليمه المدرسي، إلى أن التحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في بريطانيا، وهو في العشرين من عمره. وتخرّج السلطان منها بعد عامين برتبة ملازم، ثم خدم في ألمانيا ضمن فرقة عسكرية بريطانية لمدة عام.

لدى عودته إلى بلاده سنة 1964، اصطدم السلطان بسياسة متشددة كان يعتمدها والده الرافض لأي تحديث، إلى أن تولى الحكم في 23 تموز/ يوليو 1970 بعدما انقلب على أبيه (نُقل إلى لندن ودفن فيها عام 1972)، ليطلق مرحلة من التحديث بدأت بتصدير النفط.

قابوس ووالده

وأعلن قابوس نفسه "سلطان عمان" بعدما كان لقب الحاكم "سلطان مسقط وعمان"، وأصبح الحاكم الثامن في سلالة آل سعيد منذ أن تولت الحكم في 1749، فقام فورا بتغيير العلم والعملة. واستدعى السلطان الدبلوماسيين المحليين القلائل والعمانيين الذين كانوا يقيمون في المنفى، للعودة والمساهمة في اختيار حكومة يرتكز عملها على تطوير البلاد، التي كانت تفتقد للطرق والمدارس والمستشفيات.

وقال خبراء في الشأن العماني لوكالة "فرانس برس"، إنّ السلطان كان يتنقّل من قرية إلى قرية، ويلقي خطابات أسبوعية عبر الراديو، من أجل الوصول إلى كل شرائح المجتمع. وفي بداية عهده، واجه ثورة ماركسية في ظفار جنوبا، المعروفة بـ"ثورة ظفار"، فقام بالقضاء عليها في عام 1975 بمساندة شاه إيران محمد رضا بهلوي، الذي أرسل نحو ثلاثة آلاف عسكري إلى عمان.

واعتمد السلطان منذ ذلك الحين سياسة تقارب مع إيران الواقعة على الضفة الأخرى من مضيق هرمز، وذلك على النقيض من حكام عرب آخرين. وقد اتخذ موقفا محايدا خلال حرب العراق مع إيران بين عامي 1980 و1988.

وأتاحت له علاقته القريبة من إيران بأن يلعب دور الوسيط في الملف النووي، الأمر الذي تمخّض عنه اتفاق مهم في العام 2015 بين طهران وواشنطن في عهد باراك أوباما، قبل أن ينسحب منه الرئيس الحالي دونالد ترامب.

علاقات مع إسرائيل منذ السبعينيات

تعود بداية العلاقات بين إسرائيل وسلطنة عمان إلى سبعينيات القرن الماضي، "وأدار الموساد هذه العلاقات السرية"، وفقا للصحافي والمحلل الأمني الإسرائيلي، يوسي ميلمان. "وعمليا، فإن جميع رؤساء الموساد منذئذ وحتى اليوم زاروا عمان والتقوا مع المسؤولين فيها وبضمنهم السلطان. ومثلما رافق رئيس الموساد الحالي، يوسي كوهين، نتنياهو في زيارته، رافق رئيس الموساد الأسبق، شبتاي شفيط، ونائبه إفرايم هليفي، رابين، ورئيس الموساد الأسبق، داني ياتومن رافق بيرس".

وبدأت هذه العلاقات على خلفية أحداث وقعت عند الحدود بين عمان واليمن الجنوبي، الذي كان مواليا حينها للاتحاد السوفييتي، بحسب ميلمان، واستضاف منظمات فلسطينية في أراضيه (ثورة ظفار). وبحسب ميلمان، فإن عمان طلبت مساعدة عسكرية من بريطانيا، "وأرسلت إسرائيل مستشارين من أجل المساعدة في تدريب وإرشاد جيش عمان. وبمرور السنين كانت هناك توجهات عمانية أخرى لإسرائيل من أجل الحصول على مساعدات أمنية وتكنولوجية، لكنها لم تكن بحجم كبير. والأهمية الكبرى هي بمجرد وجود العلاقات التي استمرت رغم الأزمات".

في سنة 1994، زار رئيس الحكومة الإسرائيلي، يتسحاك رابين، مسقط بدعوة من السلطان قابوس، قبل أن يجري فتح مكاتب تمثيل تجاري في العاصمة العمانية وتل أبيب سنة 1996. وجرى إغلاق هذه المكاتب خلال الانتفاضة الفلسطينية عام 2000. واستقبل السلطان قابوس في تشرين الأول/ أكتوبر 2018 رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من دون أن تؤدي الزيارة إلى إقامة أي علاقات رسمية.

رغم استقراها النسبي، لم تكن سلطنة عمان بعيدة عن تأثيرات احتجاجات الربيع العربي، فقط شهدت تظاهرات شارك فيها مئات، ما دفع السلطان قابوس إلى إجراء تعديل وزاري كبير في 2012.

وتولى السلطان خلال فترة حكمه مناصب رئيسية عدة، بينها رئيس الحكومة، ووزير الخارجية والدفاع والمالية. وهو كان يسمي أعضاء الحكومة. وجرى في عهده انتخاب مجلس للشورى، للمرة الأولى في تاريخ السلطنة، عام 2003.

ولم يكن للسلطان الذي تزوج قريبة له لفترة وجيزة سنة 1976، أيّ أبناء، ما يطرح أسئلة حول هوية من سيخلفه في الحكم.

من المرشحين لخلافة السلطان قابوس؟

بحسب الدستور، يقوم مجلس العائلة المالكة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، بتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم. وإذا لم يتم الاتفاق، تُفتح رسالة تركها السلطان قابوس وحدّد فيها اسم خليفته، ثم يجري تثبيته في منصب السلطان.

ويُشترط فيمن يختار لولاية الحكم في عمان أن "يكون مسلما رشيدا عاقلا وابنا شرعيا لأبوين عمانيـين مسلمين". في ما يلي أبرز المرشحين لخلافة قابوس:

"أشقاء زوجته السابقة"

جرى تعيين أسعد بن طارق (65 عامًا)، الذي يُعتقد على نطاق واسع في سلطنة عمان أنّ اسمه سيظهر في رسالة السلطان، نائباً لرئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي في عام 2017. واعتبرت هذه الخطوة رسالة دعم واضحة من السلطان لابن عمه و"ممثّله الخاص" منذ عام 2002.

وأسعد بن طارق، الذي كان قائدًا للمدرعات في الجيش العماني، غالبا ما يرأس وفودًا حكومية في مؤتمرات إقليمية ودولية، ويستقبل مسؤولين أجانب، ويشارك في مناسبات علنية نيابة عن قابوس.

من المرجح أن يكون الأخوان غير الشقيقين لأسعد بن طارق، هيثم بن طارق (65 عامًا) وزير التراث والثقافة، وشهاب بن طارق (63 عامًا) المستشار المقرب من السلطان، أبرز منافسيه. ويعتقد أن إحدى شقيقاتهم كانت زوجة قابوس الوحيدة.

شغل هيثم بن طارق منصب نائب وزير الخارجية، قبل أن يصبح وزيراً للتراث والثقافة في منتصف التسعينات. كما أنه أول رئيس للاتحاد العماني لكرة القدم في مطلع الثمانينات.

ويتمتع شقيقه شهاب، القائد السابق للبحرية العمانية، بمنصب أقلّ أهمية، فيتولى بشكل خاص نقل الرسائل إلى القادة الإقليميين، وتمثيل السلطان في اجتماعات عربية رفيعة المستوى.

فهد بن محمود آل سعيد وابنه تيمور

فهد بن محمود آل سعيد (بين 75 و79 عاما)، هو نائب رئيس الحكومة لشؤون مجلس الوزراء، وأحد أكثر المسؤولين العمانيين شهرة ونشاطًا، وقد تولى منصبه في عام 1972، بعد عامين من خلع السلطان والده في انقلاب وإعلانه عن ولادة "عهد جديد"، وبقي في المنصب نفسه مذّاك.

ولعب نائب رئيس الوزراء المعروف بظهوره العلني في العديد من الفعاليات العامة، دور رئيس الوزراء في فترات عدة، وهو المنصب الذي كان يشغله قابوس منذ توليه العرش وحتى وفاته.

أبرزت برقية دبلوماسية أميركية في مسقط، سرّبها موقع ويكيليكس في 2017، مكانة تيمور نجل أسعد بن طارق البالغ من العمر 39 عامًا.

وذكرت البرقية أنّ تيمور "يعتبر من قبل العديد من العمانيين المرشح الرئيسي في جيله لخلافة (السلطان)، خصوصا إذا جرت عملية انتقال (السلطة) بعد أن يكون والده وأعمامه قد تجاوزوا العمر الذي سيُعتبرون فيه خلفاء جيدين". ولا يشغل تيمور أي منصب رسمي كبير.

التعليقات