الأزمة في الأردن؛ هذا ما حدث

انتشر منذ ساعات تسجيل صوتيّ جديد يقدّم فيه ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين، الذي اتهم بالتورط في مخطط لزعزعة أمن واستقرار الأردن، نفسه كأردني حر يريد خدمة وطنه كما وعد والده الراحل الملك حسين.

الأزمة في الأردن؛ هذا ما حدث

الأمير حمزة والملك عبد الله (أ ب)

انتشر منذ ساعات تسجيل صوتيّ جديد يقدّم فيه ولي العهد السابق، الأمير حمزة بن الحسين، الذي اتهم بالتورط في مخطط لزعزعة أمن واستقرار الأردن، نفسه كأردني حر يريد خدمة وطنه كما وعد والده الراحل الملك حسين. ويوضح التسجيل ما الذي دار بين الأمير، ورئيس أركان الجيش، يوسف الحنيطي.

والتسجيل الذي تم تداوله اليوم الثلاثاء، عبر موقعي التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك"، قُدم على أنه تسجيل لحديثه السبت مع الحنيطي، بحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس" للأنباء.

وقال الأمير في مقطع فيديو نشرته مساء السبت، محطة "بي بي سي" إنه سجل هذا الحديث الذي يتم التعرف من خلاله على صوته.

وفي المقطع المُسجّل، يقول الأمير حمزة للحنيطي: "سيدي أنا أردني حر إبن والدي لي الحق أن أختلط بأبناء شعبي ووطني وأخدم وطني مثل ما وعدت وأقسمت له وهو على سرير الموت"، عام 1999.

وأضاف: "أين كنت أنت قبل 20 عاما، أنا كنت ولي عهد هذه البلد بأمر من والدي يرحمه الله، أقسمت له أن أظل أخدم وطني وشعبي طوال حياتي".

ويتضح من صوت الأمير أنه غضب عندما اتهمه الحنيطي بلقاء العديد من الناس والحديث الذي يتم تناقله عبر وسائل الاتصال الاجتماعي "وعن أداء سيدنا ولي العهد (الأمير حسين)".

وقال الحنيطي للأمير: "سيدي أنا واياك نعرف أن الناس بدأت تتكلم أكثر من اللازم. لذلك أرجو من سمو الأمير اعتبارا من هذا اليوم أن يصير هناك التزام من سموك بعدم الذهاب إلى هذه المناسبات وعدم الاختلاط بمناسبات داخلية وخارجية والالتزام بالزيارات العائلية للعائلة الهاشمية فقط".

وأضاف الحنيطي: "سيدي هذه رسالة منا نحن مدراء الأجهزة الأمنية نقول لك أنك تعديت الخطوط الحمراء"، ليجيبه الأمير: "أنا تخطيت الخطوط الحمراء؟ طيب أشكرك توكل على الله، الله يعطيك العافية".

وقال الأمير: "سيدي اسمعني أنا أحترمك كشخص ولكن التخبيص (سوء الإدارة) الذي يحصل في هذا البلد راح يدمرنا كلنا ويدمر إرث آبائي وأجدادي".

وذكر أن "التخبيص (سوء الإدارة) اللي يصير فيها مش بسببي وأنتو عارفين من مين وأنا عارف من مين".

وانتهي الحديث بطلب الأمير حمزة من الحنيطي المغادرة وقوله له: "المرة القادمة لاتأتِ تهددني في بيتي، بيت الحسين".

ورغم الإعلان الرسميّ الذي صدر أمس الإثنين، والذي يُفيد بأن الأمير حمزة وقّع رسالة يؤكد فيها ولاءه لأخيه الملك، عبد الله الثاني، إلا أن الإعلان عن كشف مخطط لزعزعة نظام الحكم في البلاد، قبلها؛ ترك أمورًا غير واضحة وتساؤلات.

من هم المتورطون؟

وفقا لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، اعتُقل 14 إلى 16 شخصا بالإضافة إلى رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد.

فيما وُضع ولي العهد السابق الأمير حمزة، قيد الإقامة الجبرية.

وباسم عوض الله، الذي يحمل الجنسية السعودية أيضًا كان وزير تخطيط أسبق، تلقّى تعليمه في الولايات المتحدة، وكان قريبًا من العاهل الأردني، لكنّه كان شخصية جدلية. ترأس الديوان الملكي عام 2007، وكان مديرا لمكتب الملك عام 2006.

الأمير حمزة، ووالدته الملكة نور (أ ب)

وأدّى عوض الله دورًا رئيسيًا في إدارة الوضع الاقتصادي في البلاد، وتعرّض لانتقادات شديدة لدوره في برنامج الخصخصة ما دفع عدد كبيرا من الأردنيين لكرهه.

أما الشريف حسن بن زيد، الذي يحمل هو الآخر الجنسية السعودية، فشغل سابقا منصب مبعوث العاهل الأردني إلى السعودية.

ولم تُعرف هوية باقي الموقوفين.

ماذا كان هدفهم؟

يُستبعد أن يكون نحو 20 شخصا قادرين على تنظيم انقلاب للوصول إلى السلطة، وإن كانت الفرضية طرحتها الصحافة الأميركية. لكن قد يتعلق الأمر بالتحريض ضد سياسات الملك الاقتصادية والاجتماعية لإضعافه.

ونقلت وكالة "فرانس برس" للأنباء عن مدير مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي، قوله: "أستبعد تماما محاولة انقلاب والدليل مجموعة الأشخاص التي تم القبض عليها؛ لا تستطيع عمل انقلاب".

وأضاف: "لا يمكن عمل انقلاب دون تأييد وحدات رئيسية من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمخابرات وهذه كلها كان لها موقف موحد خلف الملك".

وقال الصفدي، يوم الأحد الماضي، إن الاجهزة الأمنية تابعت "على مدى فترة طويلة نشاطات وتحركات لسمو الأمير حمزة بن الحسين والشريف حسن بن زيد وباسم عوض الله وأشخاص آخرين".

وتابع أن تلك النشاطات والتحركات "تستهدف أمن الوطن واستقراره، ورصدت تدخلات واتصالات مع جهات خارجية حول التوقيت الأنسب للبدء بخطوات لزعزعة أمن" الأردن.

ووفقا للأستاذ في جامعة "سانت لويس" في مدريد، بارا ميكائيل فإن هدف هذه المجموعة هو "إثارة الغضب الشعبي ضد الملك".

ويأتي هذا الوضع المعقد في ظل مواجهة الأردن جائحة كورونا التي استدعت إغلاق المدارس والجامعات وفرض حظر تجوال يومي، عند الساعة السابعة مساء، وحظر شامل يوم الجمعة؛ ما فاقم مشكلة الفقر والبطالة وأدى لاحتجاجات صغيرة قبل نحو أسبوعين.

ما هو الدور الذي قد يكون أدّاه الأمير حمزة؟

سمى الملك عبد الله، الأمير حمزة وليًا لعهده عام 1999 بناءً على رغبة والده الراحل الملك حسين، لكنّه نحّاه عن المنصب عام 2004 ليسمي لاحقا ابنه الأمير حسين وليًا للعهد عام 2009. ويبدو أن الأمير لم ينسَ ذلك.

وقال الرنتاوي إن الأمير حمزة (41 عاما) "يغرد منذ فترة خارج السرب ويطرح مواقف وتطورات ورؤى أقرب إلى صوت المعارضة والحراكات الشعبية منها إلى الأصوات الرسمية".

وأضاف: "لا يمكن أن تكون عضوًا في أسرة حاكمة، وفي نفس الوقت رمزًا معارضًا للدولة".

وانتقد الأمير حمزة ما وصفه بأنه "فساد وعدم كفاءة" في إدارة الدولة.

وقال المحلل السياسي، لبيب قمحاوي: "هناك إشارات واضحة لزيارات الأمير حمزة للعشائر، وهو لديه شعبية كبيرة جدا خصوصا لدى أوساط الشباب".

وأضاف: "هذا فُسر كمحاولة لاختراق قاعدة القوة للنظام... وفُسر على أنه تعدٍ على استقرار النظام بشكل أو بآخر".

هل السّلطة في خطر؟

يرى الخبراء أنه ما من خطر يهدد الملك.

وقال الرنتاوي إن "الجيش والأمن والمخابرات في موقف موحد خلف الملك، ليس هناك خطر على الملك".

وأضاف أن "الإحساس بالخطر كان في الساعات الأولى لقلة المعرفة بما حدث لأنه لم تكن هناك معلومات، لكن عندما انكشفت القصة فورا زال الشعور بالخطر أو القلق".

واتفق قمحاوي مع الرنتاوي، وقال: "لا أعتقد أنه كان هناك أي خطر على الملك، والجيش والشرطة والمخابرات تحت سيطرة الملك بشكل كامل".

وقال مدير مركز "الفينيق" للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض: "الملك والنظام السياسي لم يكن ولن يكون في خطر".

وأضاف: "الجيش والأمن والمخابرات 100% تحت سيطرة الملك، وهو صاحب الصلاحيات في تعيين قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية ولا أعتقد أن هناك أي اختراق".

ما مدى وجود خيوط خارجية؟

يستبعد الخبراء تدخل جهات خارجية، فالجميع يدعم الملك رسميًا.

وقال الرنتاوي: "أستبعد تورط لاعب خارجي رئيسي بشكل حاسم في الأمر".

وأضاف أن فكرة "المؤامرة الخارجية تحدثت عنها الحكومة (...) وأن هناك طرفًا خارجيًا لم تحدده. ما لم تحدده أو تفصح عنه ستبقى روايتها ضعيفة وقابلة للطعن والتشكيك".

من جهته، قال قمحاوي: "أشك أن يكون هناك أي تدخل خارجي في الموضوع، الموضوع محلي 100 بالمئة".

وأضاف: "المشكلة هي صراع قوى داخل العائلة المالكة فقط".

وأشار قمحاوي إلى أن "رد فعل السعودية كان سريعا جدا لأنها أرادت أن تنفي أي علاقة لها، لأن شخصيتين تم اعتقالهما يحملان الجنسية السعودية وقريبان من الحكم في السعودية".

"رد فعل السعودية كان سريعا جدا لأنها أرادت أن تنفي أي علاقة لها" (أ ب)

هل يُنهي تعهّد الأمير حمزة بالإخلاص للملك الأزمة؟

حُلت الأزمة داخل العائلة المالكة لكن جذورها ستبقى، فالأمير حمزة لم يسحب كلامه حول الفساد وعدم الكفاءة في إدارة الدولة.

وقال عوض: "ما جرى هو حل عائلي باتجاه احترام محددات الدستور... لكن ليس حلًا للأزمة السياسية في البلد".

وأضاف أن "الأزمة لم تنته، الأزمة ستبقى واستمرار العمل في المستقبل بنفس الطريقة السابقة في إدارة شؤون البلاد غالبا لن ينجح".

وتابع: "يجب أن تكون هناك طرق أخرى بالتحول إلى مزيد من الإصلاحات الديمقراطية".

التعليقات