النظام السوريّ يعود إلى "الحضن العربيّ"؟ "كأنّ العقد الماضي لم يحصل"

يعزّز الإعلان السعودي - السوري المشترك، وكذلك الإعلان التونسيّ، احتمال دعوة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لحضور القمة العربية التي تستضيفها الرياض في أيار/ مايو المقبل، في خطوة من شأنها إنهاء عزلة النظام السوري الإقليمية رسميا.

النظام السوريّ يعود إلى

مظاهرة ضد النظام في إدلب، في الذكرى الـ12 للثورة (Getty Images)

أعرب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، ووزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، أمس الأربعاء، عن ترحيبهما ببدء إجراءات استئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين البلدين، بحسب بيان مشترك بين الجانبين صدر عن وزارة الخارجية السعودية، في ختام زيارة المقداد للمملكة، وذلك لأول مرة منذ أكثر من عقد. كما أعلنت الخارجية التونسية، أمس، أن سلطات النظام السوري، قررت إعادة فتح سفارة دمشق لدى تونس، وتعيين سفير على رأسها "في الفترة القليلة القادمة"، فيما أفاد تقرير بأن الرياض تسعى لحضور سورية لاجتماع لمجلس التعاون الخليجي، وذلك "لتذليل الخلافات الخليجيّة بشأنها".

ويعزّز الإعلان السعودي - السوري المشترك، وكذلك الإعلان التونسيّ، احتمال دعوة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لحضور القمة العربية التي تستضيفها الرياض في أيار/ مايو المقبل، في خطوة من شأنها إنهاء عزلة النظام السوري الإقليمية رسميا.

وتستضيف السعودية، غدا الجمعة، اجتماعًا لتبادل وجهات النظر بشأن عودة سورية، إلى الحاضنة العربية، في خضمّ تحرّكات دبلوماسية إقليمية كبرى يتغيّر معها المشهد السياسي في المنطقة منذ اتفاق الرياض وطهران على استئناف العلاقات الشهر الماضي.

ويُعقد اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي في مدينة جدّة، وتشارك فيه أيضًا مصر والعراق والأردن، للبحث في مسألة عودة سورة، إلى جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها منذ 2012، قبل نحو شهر من انعقاد القمة العربية في السعودية.

وفي الثاني من الشهر الجاري، أفادت وكالة "رويترز" للأنباء، بأن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، سيتوجه إلى دمشق في الأسابيع المقبلة لتسليم الأسد دعوة رسمية لحضور القمة، المقرر عقدها في 19 أيار/ مايو المقبل.

أطفال أمام سيارة متضررة بعد هجوم لقوات النظام في إدلب، الشهر الجاري (Getty Images)

ونقلت وكالة "فرانس برس" للأنباء، اليوم الخميس، عن دبلوماسيّ عربيّ في الرياض، لم تسمّه، قوله إن "الغرض من الاجتماع، تذليل الخلافات الخليجية حول سورية قدر الإمكان".

وأفاد دبلوماسي عربي آخر، بأن "هناك احتمالًا" أن يحضر المقداد اجتماع جدة، "لعرض وجهة النظر السورية"، موضحًا أن الدول المشاركة لم تستلم بعد جدول أعمال الاجتماع.

وأكّد الدبلوماسي الأول أنّ "السعودية هي التي تقود هذه الجهود بشكل، كامل ولكن تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي".

وصرّح أن "السعوديين يحاولون على الأقل ضمان عدم اعتراض قطر على عودة سورية للجامعة العربية إذا طُرح الموضوع على التصويت"، مشيرًا إلى أنه لا يتوقع اتخاذ موقف موحّد في هذه المسألة.

تغيير في النهج الإقليميّ إزاء النظام السوريّ؟

ويمثل حضور الأسد القمة العربية، أهم تطور في مساعي إنهاء العزلة المفروضة عليه من العالم العربي منذ عام 2011 حينما علقت الجامعة العربية عضوية سورية. وقاطعت عدة دول غربية وعربية الأسد بسبب حملته الوحشية لقمع الثورة في سورية.

وأدى القمع الوحشي الذي استخدمه الأسد لإحباط الثورة ومساعي التغيير في سورية، إلى اندلاع حرب أهلية طويلة؛ ولقي مئات الآلاف حتفهم في الحرب التي استقطبت العديد من القوى الأجنبية وقسمت البلاد، وأدت لتهجير ملايين السوريين.

وستكون عودة النظام السوري إلى الجامعة التي تضم في عضويتها 22 دولة، بمثابة خطوة رمزية إلى حد كبير، لكنها تعكس تغييرا في النهج الإقليمي تجاه النظام السوري.

وذكر البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أمس: "أعرب الجانبان عن ترحيبهما ببدء إجراءات استئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين البلدين".

وأضاف: "عقدت جلسة مباحثات بين الجانبين، جرى خلالها مناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سورية، وأمنها واستقرارها وهويتها العربية وسلامة أراضيها".

ووفق البيان "اتفق الجانبان على تهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم وإنهاء معاناتهم وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم".

مظاهرة في إدلب ضد النظام في الذكرى الثانية عشرة للثورة، في 15 آذار/ مارس (Getty Images)

كما بحث الطرفان "الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها وتحقق المصالحة الوطنية وتساهم في عودة سورية إلى محيطها العربي".

وفي وقت سابق الأربعاء، أعلنت السعودية وصول المقداد إلى جدة، تلبية لدعوة بن فرحان.

وتأتي زيارة المقداد للسعودية وسط تنامي المساعي العربية لعودة النظام السوري للمحيط العربي والإسلامي بشكل غير مسبوق، منذ تجميد عضوية دمشق بمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية في 2011.

وقالت الخارجية التونسية في بيانها أمس: "تجاوبا مع مبادرة رئيس الجمهورية قيس سعيد بتعيين سفير للجمهورية التونسية لدى الجمهورية العربية السورية الشقيقة، أعلنت السلطات السورية عن موافقتها الفورية على هذا التعيين".

وأضافت أن سلطات النظام السوري "قررت إعادة فتح السفارة السورية بتونس، وتعيين سفير على رأسها في الفترة القليلة القادمة".

وأوضحت أنه "حرصا من الجانبين على إعادة العلاقات التونسية السورية إلى مسارها الطبيعي، يتواصل التشاور والتنسيق بين وزيري الخارجية في البلدين تكريسا لروابط الأخوة العريقة التي تجمع تونس بسورية، وإعلاءً لقيم التضامن والتآزر بينهما، ولما فيه خير ومصلحة شعبيهما الشقيقين".

وفي 3 نيسان/ أبريل الجاري أوعز الرئيس سعيد بتعيين سفير لتونس لدى النظام السوري في دمشق، بعد انقطاع العلاقات بين البلدين لأكثر من 10 سنوات.

وفي 10 شباط/ فبراير الماضي قرر سعيد "الترفيع في مستوى التمثيل الدبلوماسي التونسي في دمشق"، معتبرا أن "قضية النظام السوري شأن داخلي يهم السوريين بمفردهم".

وفي الشهرين الماضيين، زار رئيس النظام السوري، بشار الأسد، سلطنة عمان والإمارات، في أول زيارة لبلدين عربيين منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011، في ظلّ مساعٍ إقليمية لعودة سورية، إلى الحاضنة العربية.

وأول من أمس، الثلاثاء، أعلنت الدوحة، أنها تلقت دعوة من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، لحضور اجتماع يوم الجمعة المقبل، في جدّة بالسعودية، لتبادل وجهات النظر حول إمكانية عودة سورية، إلى جامعة الدول العربية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، خلال إيجاز صحافي، إن الهدف الأساسي من "هذا الاجتماع التشاوري" الذي تشارك فيه دول الخليج إضافة إلى الأردن ومصر والعراق، هو "التباحث حول الوضع في سورية".

وذكر أن "هناك تطورات كثيرة فيما يتعلق بالوضع في سورية، وفي وجهات النظر العربية تجاه عودة سورية إلى جامعة الدول العربية"، مشيرا إلى مشاركة رئيس مجلس الوزراء القطري، وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الاجتماع.

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، إن مسألة مشاركة بغداد في الاجتماع قيد الدرس حاليًا.

وأوضح الأنصاري أنه وُجّهت دعوة إلى العراق والأردن ومصر لأنها "دول معنية في هذا الشأن". ولفت إلى أن الموقف القطري لم يتغيّر، موضحًا أن أي تغيير في الموقف من سورية "مرتبط أساسًا بالإجماع العربي، وبتغير ميداني يحقق تطلعات الشعب السوري".

"ضبط المنطقة العربية لإعادتها إلى ما كانت عليه قبل 2011"

ويقول الباحث في الشأن السوري في مركز "سنتشوري إنترناشونال"، آرون لوند لوكالة "فرانس برس"، إن "الأسد ببساطة رفض التسوية وانتظر أن يستسلم أعداؤه، وقد نجح في ذلك"، مضيفا: "يعودون اليوم الواحد تلو الآخر لمصافحته والتظاهر بأن العقد الماضي لم يحصل".

وعدّ أن ذلك "يبعث إلى المعارضة رسالة مفادها أن الأسد سينتصر في النهاية وأن حلفاءها خانوها".

وخلال 12 عاما، قُتل أكثر من نصف مليون شخص في سورية، وتشرّد أكثر من نصف سكان سورية داخل البلاد وخارجها، وتحولت البلاد إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية.

وترك كل ذلك أثره على الاقتصاد المتعب. لكن الأسد الذي يتطلع اليوم إلى أموال إعادة الإعمار، بقي في قصره الرئاسي. وقد استعادت قواته غالبية المناطق التي كانت خسرتها في بداية النزاع بدعم من حليفيه الأساسيين: روسيا وإيران.

السفارة السعودية في العاصمة السورية دمشق (Getty Images)

وبرزت أولى مؤشرات الانفتاح العربي على دمشق، في 2018 مع استئناف العلاقات بين سورية والإمارات العربية المتحدة، وشكّل الزلزال المدمّر الذي ضرب سورية وتركيا في شباط/ فبراير، نقطة تحوّل لافتة، فقد تلقى الأسد سيل اتصالات من قادة دول عربيّة، حتى أن السعودية أرسلت طائرات مساعدات كانت الأولى من نوعها منذ قطع علاقاتها مع دمشق.

ويعد استقطاب أموال مرحلة إعادة الإعمار، أولوية للنظام السوري اليوم، بعدما أتت الحرب على البنى التحتية والمصانع والإنتاج.

وفيما يدرك الأسد أن الحصول على أموال المجتمع الدولي صعب خارج تسوية سياسية، يعلّق آمالا ربما على دول الخليج.

ولا شكّ في أن الانفتاح الخليجي من شأنه أن يفعّل الحركة التجارية والاقتصادية في سورية إلى حدّ ما، لكنّ عقبات عدة تعوق أي إعمار حقيقي، وبينها، وفق لوند، العقوبات الأميركية والغربية المفروضة على سورية، و"التي ستردع الاستثمارات السعودية والإماراتية".

كما "يُعدّ أي استثمار جدّي في سورية اليوم مغامرة، فالاقتصاد مدمَّر، ويطغى عليه الفساد إلى حد الفوضى، ويسيطر عليه نظام خطير وعنيف"، على حدّ تعبيره.

وتفرض الدول العربية أيضا عقوبات على سورية، تشمل تجميد المبادلات التجارية مع حكومة النظام السوري، وتجميد حسابات الحكومة المصرفية في الدول العربية. ومن المرجح رفع تلك العقوبات في حال عادت دمشق إلى الحضن العربي، لكن تأثير ذلك يبقى محدودا إذا بقيت البلاد تحت تأثير العقوبات الغربية.

بشار الأسد ومحمد بن زايد في الإمارات (Getty Images)

ويرى الباحث في الشأن السوري، سام هيلر أن الانفتاح على سورية، يعني أيضا "المزيد من التعاون الأمني وخصوصا في مجال مكافحة تهريب المخدرات"، أحد أكبر مصادر القلق بالنسبة إلى السعودية، خصوصا لناحية حبوب الكبتاغون المصنعة بشكل رئيسي في سورية، والتي تجد سوقا كبيرا لها في السعودية، وفق تقارير مختلفة. وقد تطرّق بيان مشترك صدر إثر لقاء وزيري الخارجية السعودي والسوري، أمس، إلى مسألة تهريب المخدرات.

ومن شأن هذا التقارب أيضا، وفق هيلر، "أن يقلّل من أهمية المفاوضات السورية السورية في جنيف (...)"، مشيرا إلى أن حكومة النظام "ترفض أصلا الاعتراف بممثلي المعارضة، مصرّة على التفاوض على مستوى الدول" الداعمة لها.

ويضيف هيلر: "لذلك فإن الاتفاق مع السعودية ودول أخرى هو ما أرادته دمشق بالتحديد"، بحسب ما نقلت عنه "فرانس برس".

وفشلت جولات مفاوضات عدة بين النظام والمعارضة قادتها الأمم المتحدة في جنيف، في محاولة لإرساء تسوية سياسية.

ويقول لوند: "لا أعتقد أن هناك حلا سياسيا لسورية على الطاولة، وأساسا لم يكن هناك حل. كما أنه ليس هناك حل عسكري"، من جراء انتشار قوى من دول عدة فيها.

وقد لا تغيّر عودة سورية إلى الحضن العربي الخارطة السياسية والميدانية على المدى القريب، إذ هناك أطراف أخرى يجب أخذها بالحسبان، من روسيا وإيران إلى الولايات المتحدة التي تنشر قوات في سورية، دعما للمقاتلين الأكراد، إلى تركيا التي تسيطر على مناطق حدودية.

ويقول لوند إن "سورية كدولة تغيّرت بطرق لا عودة فيها لمجرد أن نحو ربع سكان (ما قبل الحرب) يراقبون عودة الأسد إلى الحضن العربي من المنفى".

متظاهرون ضد النظام في الرقة (Getty Images)

ويتحدث ناشطون صدحت أصواتهم ضد النظام في سورية، عن "خيبة أمل متوقعة" من الدول العربية.

ويقول المعارض السوري والرئيس التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة، محمّد العبد الله إن "عودة الأسد إلى الجامعة العربية، وإن كانت مؤسفة، تظهر وكأنه يجري ضبط المنطقة العربية لإعادتها إلى ما كانت عليه قبل 2011".

ويضيف: "لكن ذلك لن ينجح لأنه ببساطة مبني على مظالم كثيرة: اللاجئون والنازحون والمفقودون والمعتقلون".

العلاقات مع النظام السوريّ... ثلاثة تيّارات

وبحسب ما أفادت ورقة تقدير موقف، صدرت عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في شباط/ فبراير الماضي، فإنّ الرأي بين الدول المعنية بالموضوع السوري حاليًا، بشأن التطبيع مع دمشق؛ ينقسم إلى ثلاثة تيارات رئيسة؛ الأول متحمّس للتطبيع ويسير بخطى ثابتة نحوه، إما في إطار حسابات نابعة أساسًا من اعتبارات داخلية، وهذا شأن تركيا، التي تقف على أعتاب انتخاباتٍ حاسمةٍ هذا الصيف، أو في إطار رؤيةٍ تسعى نحو تطبيع مجاني غرضه طيّ صفحة الثورات العربية نهائيًا، كما في حالة الإمارات.

في حين يربط التيار الثاني بوضوح حصول التطبيع بتحقيق تقدّم في مسار الحل السياسي، ويمثّل هذا التيار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وعربيًا قطر.

وزير خارجية النظام السوري في السعودية، الأربعاء (Getty Images)

أما التيار الثالث فيراقب الوضع في انتظار جلاء الصورة حتى يحدّد موقفه.

ولا تزال هناك 3 دول عربية، ترفض التطبيع مع نظام الأسد، وهي: قطر التي تلتزم بقرار تجميد العلاقات في 2011، والتي كانت قد سحبت سفيرها في عام 2012، وتؤكد أن موقفها ثابت وتلتزم بالإجماع العربي وتلبية مطالب الشعب السوري، وهي الدولة الوحيدة التي تستضيف سفيرا للائتلاف السوري المعارض.

والكويت التي تلتزم بقرار 2021، وكانت قد نفت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 صحة أنباء عن إعادة فتح سفارتها في دمشق، وعلى الرغم من دعمها للشعب السوري في كارثة زلزال 6 شباط/ فبراير الماضي، إلا أنها لم تتواصل مع نظام الأسد، وفقا للمعلن.

والمغرب الذي قطع علاقاته الدبلوماسية مع نظام الأسد صيف 2012، ولا توجد مواقف معلنة تخلّ بذلك الموقف، مع تقارير غير رسمية عن رفضه استئناف العلاقات في ظل الوضع الراهن.

التقارب السعوديّ - الإيرانيّ... انعاكاسات على ملفات المنطقة

واستقبلت السعودية، أمس الأربعاء، في آنٍ، وفدًا إيرانيًا للتحضير لإعادة فتح البعثات الدبلوماسية الإيرانية في المملكة، ووزير خارجية النظام السوري، للمرة الأولى منذ بداية النزاع في بلده.

واكتسبت الاتصالات بين المسؤولين السعوديين ومسؤولي النظام السوري، زخما بعد اتفاق تاريخي في آذار/ مارس الماضي بين السعودية وإيران، لإعادة العلاقات، بوساطة صينية؛ علما بأن طهران هي داعم رئيسي للأسد عسكريا وسياسيا، منذ اندلاع الثورة عام 2011.

والتقارب بين الرياض وطهران جزء من عملية كبيرة لإعادة ترتيب الأوراق في الشرق الأوسط، وسط تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل.

وفي مؤشر على ترابط الملفين، أعلن سفير العراق لدى سلطنة عُمان، قيس سعد العامري، في الرابع من الشهر الجاري، استضافته لقاء جمع سفيري السعودية وإيران، إضافة إلى سفير النظام السوري.

وفي 23 آذار/ مارس الماضي، كشفت وزارة الخارجية السعودية عن "بدء مباحثات مع وزارة الخارجية السورية"، بشأن استئناف تقديم الخدمات القنصلية في البلدين.

وتوقّع محللون أن يعزّز الزخم الدبلوماسي الذي تولّد في أعقاب الزلزال الذي ضرب سورية وتركيا الشهر الماضي، علاقات النظام السوري مع دول المنطقة التي قاومت إصلاح العلاقات، بعد مرور أكثر من عقد على قطعها.

بقايا مبنى دُمِّر في غارة شنها التحالف بقيادة السعودية في صنعاء (Getty Images)

وكان الأسد قد صرّح في حديث مع تلفزيون "آر تي" الروسي، الشهر الماضي، بالقول: "لم تعد الساحة السورية مكان صراع إيراني-سعودي"، عادًّا أن الاتفاق بين هاتين القوتين الإقليميتين، شكّل "مفاجأة رائعة".

وأضاف أن "السياسة السعودية أخذت منحى مختلفا تجاه سورية منذ سنوات".

كما يشير التطور في العلاقات السعودية السورية، على ما يبدو إلى الدور الذي قد يلعبه الاتفاق بين طهران والرياض في أزمات أخرى في المنطقة، إذ أدى التنافس بينهما إلى تأجيج الصراعات بما في ذلك الحرب في سورية، وفي اليمن كذلك.

وخاضت إيران والسعودية، الخصمان الإقليميان، نزاعات بالوكالة في المنطقة، أبرزها الحرب في اليمن وكذلك في سورية والعراق ولبنان.

وعقدت الدولتان عددا من جولات الحوار في بغداد وسلطنة عُمان، قبل أن تتوصلا إلى اتفاق في بكين، تم التفاوض بشأنه خمسة أيام بين أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني ونظيره السعودي مسعد بن محمد العيبان.

ويأمل مراقبون بأن يسهم الاتفاق في التهدئة في اليمن، حيث تخوض الدولتان حربا بالوكالة منذ 2015. وقد يسري ذلك أيضا على دول أخرى مثل سورية ولبنان والعراق، حيث باتت إيران حاضرة أكثر من أي وقت سابق.

وفيما تتبادل طهران والرياض الزيارات الدبلوماسية في مسار استئناف العلاقات، تحاول السعودية أيضا وضع حدّ لحرب اليمن. وتتفاوض السعودية مع الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، بعد ثماني سنوات على تدخلها عسكريا لمنع سيطرتهم على أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

لقاء وفدين عمانيّ وسعوديّ بمسؤولين حوثيين في 9 نيسان، في صنعاء (Getty Images)

والإثنين الماضي، أعلن السفير السعودي في اليمن، محمد آل جابر أنّ الزيارة التي قام بها إلى صنعاء للقاء مسؤولين حوثيين، هدفها "تثبيت الهدنة" وبحث سبل الدفع باتّجاه "حلّ سياسي شامل ومستدام" في اليمن.

ومنذ آذار/ مارس 2015، تقود السعودية تحالفا عسكريا لمحاربة الحوثيين بعدما سيطروا على صنعاء ومساحات واسعة من البلاد.

وقال محلّلون إنّ السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، ترغب في الخروج من الحرب لتركيز جهودها على مشروعات محلية عملاقة ترمي إلى تنويع مصادر اقتصادها المرتهن للنفط.

التعليقات