الخرطوم: قتال عنيف دون هدنة بالأفق وفرار عشرات آلاف المدنيين

وضع إنساني متدهور، والمصانع والبنوك والمتاجر تعرضت للنهب أو التخريب وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه* "الطرفان المتحاربان يظهران استخفافا بأرواح المدنيين باستخدام أسلحة غير دقيقة في مناطق حضرية مأهولة بالسكان"

الخرطوم: قتال عنيف دون هدنة بالأفق وفرار عشرات آلاف المدنيين

نازحون من السودان لجأوا إلى جنوب السودان، أول من أمس (أ.ب.)

تواصل تبادل إطلاق نار كثيف في أنحاء الخرطوم اليوم، الجمعة، حيث لا يوجد أي مؤشر على وقف القتال. وقال مدنيون محاصرون في العاصمة السودانية إن الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية يتجاهلان محنتهم.

وأفاد سكان في أحد الأحياء الجنوبية على أطراف الخرطوم بتبادل إطلاق نار عنيف، وقال أحدهم أنه "منذ الصباح نسمع أصوات تبادل عنيف لإطلاق النار ونحن منذ أربعة أيام الكهرباء مقطوعة ونعيش في ظروف صعبة.. نحن ضحايا في حرب لسنا طرفا فيها ولا أحد مهتم بالمواطن".

وعلى الرغم من إعلان وقف إطلاق النار لمرات عدة، بدا أن الجانبين يتصارعان للسيطرة على أراض في العاصمة قبل المحادثات المقترحة، علما أن قائدي الطرفين لم يبديا سوى القليل من الاستعداد علنا للتفاوض بعد مرور أكثر من أسبوعين على اندلاع القتال.

وتسبب الانزلاق المفاجئ إلى الحرب بمقتل المئات وحدوث كارثة إنسانية ونزوح جماعي للاجئين إلى الدول المجاورة. كما يهدد باستقطاب قوى خارجية مما يزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل.

دخان ناجم عن القتال يتصاعد في الخرطوم، أمس (Getty Images)

وتعرضت المصانع والبنوك والمتاجر للنهب أو التخريب في أنحاء الخرطوم وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه. وأفاد السكان بارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية.

وقال الباحث في الشؤون السودانية في منظمة هيومن رايتس ووتش، محمد عثمان، في تقرير يوثق الأضرار التي لحقت بالمستشفيات ومحطات معالجة المياه بسبب القتال، أن "الطرفين المتحاربين يظهران استخفافا بأرواح المدنيين باستخدام أسلحة غير دقيقة في مناطق حضرية مأهولة بالسكان".

وأعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن أحد مستشفيات الولادة الرئيسية في البلاد، وهو مستشفى الدايات في مدينة أم درمان المجاورة، تعرض للنهب واحتلته قوات مسلحة، أمس.

وأفادت اللجنة بأن 17 مستشفى في المجمل تضررت جراء القتال، وأن 20 تم إخلاؤهم قسرا منذ بدء أعمال العنف. وأضافت أن 60 مستشفى من أصل 88 في الخرطوم خارج الخدمة وأن العديد من المستشفيات الباقية لا تقدم كامل خدماتها.

في غضون ذلك، ضغطت الأمم المتحدة على طرفي الصراع لضمان المرور الآمن للمساعدات بعد نهب ست شاحنات.

وقال منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن جريفيث، إنه يأمل في عقد اجتماعات مباشرة مع الجانبين للحصول على ضمانات تتعلق بأمن قوافل المساعدات.

وقدر برنامج الأغذية العالمي أن مساعدات غذائية قيمتها ما بين 13 إلى 14 مليون دولار تعرضت للنهب حتى الآن.

وتقول الأمم المتحدة إن حوالي 100 ألف فروا من السودان دون ما يكفيهم من الطعام والمياه إلى بلدان مجاورة.

من جانبها، دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم، الدول إلى السماح للمدنيين الفارين من السودان بدخول أراضيها وعدم إعادتهم إلى البلد الذي يمزقه الصراع.

وقالت مديرة الحماية الدولية بالمفوضية، إليزابيث تان، للصحافيين في إفادة في جنيف، إنه "ننصح الحكومات بعدم إعادة الناس إلى السودان بسبب الصراع الدائر هناك".

وأضافت تان أن "هذا ينطبق على المواطنين السودانيين والأجانب بمن فيهم اللاجئون الذين تم استضافتهم في السودان والأشخاص الذين لا يحملون جنسية وكذلك الذين ليس لديهم جواز سفر أو أي شكل من أشكال وثائق الهوية".

ووفقا للأمم المتحدة، أجبر الصراع في السودان نحو مئة ألف على الفرار إلى البلدان المجاورة، وعرقل تسليم المساعدات في بلد يعتمد فيه حوالي ثلث السكان بالفعل على المساعدات الإنسانية.

وأوضحت تان أنه لا يوجد ما يشير إلى عدم السماح للمدنيين من السودان بدخول البلدان المجاورة، على الرغم من تكدس أعداد على الحدود مع مصر.

وعن المدنيين الفارين قالت تان "من المرجح أن تكون هناك حاجة لمستويات عالية من الحماية الدولية لهؤلاء الفارين".

التعليقات