تونس: البرلمان يصوّت على الحكومة المقترحة وسط انتقادات واسعة

يصوّت البرلمان التّونسيّ مساء اليوم، الجمعة، على منح الثّقة للحكومة الّتي طرحها رئيس الحكومة المكلّف، الحبيب الجملي، وسط انتقادات واسعة شملت أسماء عديدة مطروحة في التشكيلة الوزاريّة غداة تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

تونس: البرلمان يصوّت على الحكومة المقترحة وسط انتقادات واسعة

الحبيب الجملبي يعرض حكومته اليوم (الأناضول)

يصوّت البرلمان التّونسيّ مساء اليوم، الجمعة، على منح الثّقة للحكومة الّتي طرحها رئيس الحكومة المكلّف، الحبيب الجملي، وسط انتقادات واسعة شملت أسماء عديدة مطروحة في التشكيلة الوزاريّة غداة تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

وكان حزب النهضة، الحزب الأول في البرلمان (52 مقعدا من مجموع 217)، قد كلّف الحبيب الجملي في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت وقدمته كشخصية مستقلة لتشكيل حكومة طرحها بدون إشراك الأحزاب في 2 كانون الثاني/ يناير تتكون من 28 وزيرا و14 كاتب دولة.

وأكّد الجملي في كلمته أمام النواب أنّ "اختيارنا للفريق الحكومي كان صادقا ووفق منهجيّة موضوعيّة ولن نتردّد في الإصلاح إذا تبيّن أن هنالك خطأ في اختيار احد الأعضاء".

وجدّد تأكيده على أن "الفريق الحكومي يتكوّن من كفاءات مستقلة ومنفتحة على كل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني"، لكن التشكيلة واجهت في المقابل انتقادات شديدة من قبل الأحزاب السياسية.

وكان رئيس البرلمان راشد الغنوشي افتتح في وقت سابق الجلسة قائلًا إنها جلسة "طال انتظارها". وقد جدد مجلس شورى النهضة ليلة الخميس - الجمعة تأكيده على دعم حكومة الجملي ودعا كل الكتل البرلمانية للتصويت لها.

وأعلن رئيس مجلس الشورى، عبد الكريم الهاروني للصحافيين أن "كتلة النهضة ستكثف من مشاوراتها مع الكتل الأخرى ونحن متفائلون وليس مسموحا الفشل في تشكيل حكومة" معتبرا أن "هناك انقسامات داخل الأحزاب" التي أعلنت رفضها التصويت.

وفي المقابل قرّر حزب "قلب تونس"، ثاني أكبر الكتل البرلمانية (38 نائبا) الخميس أنه لن يصوت للحكومة المرشحة "لعدم استقلالية معظم الوزراء المقترحين عكس ما أعلن عنه رئيس الحكومة المكلّف ولعدم تحييد وزارات السيادة؛ كما أعلن رئيس حزب التيار الديموقراطي (22 نائبا) الأربعاء أن كتلته البرلمانية "لن تصوت للنهضة".

وعنونت صحيفة "الشروق" اليومية الجمعة افتتاحيتها "اليوم امتحان نيل ثقة البرلمان، حكومة الجملي تمرّ...لا تمرّ"، ولفتت صحيفة "المغرب" إلى أن "السيناريوهات ممكنة وكل الفرضيات تبقى قائمة" إلى لحظة التصويت.

بدورها اعتبرت "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان"، "ترشيح القاضي ّعماد الدرويش على رأس وزارة الدفاع الترشيح الأكثر استفزازا".

وأكدت الرابطة في بيان أن الدرويش "هو أحد أذرع " الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي قبل ثورة 2011 وقد "استعمله" في التضييق على الرابطة "ومنع هيئتها المديرة من النشاط".

ورُشح الناطق الرسمي السابق للقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والقاضي سفيان السليتي، وزيرا للداخلية، يضاف إليه القاضي الهادي القديري المعين وزيرا للعدل.

كما طالت الانتقادات الحبيب الجملي (60 عاما)، لكونه كان كاتب الدولة السابق لدى وزير الفلاحة (2011-2014) وشارك في حكومتين سابقتين بقيادة حزب "النهضة" كتكنوقراط مستقلّ.

مواقف الأحزاب الرافضة للحكومة وان بدت قطعية إلا أن المشاورات لا تزال متواصلة داخل البرلمان قبل موعد التصويت.

إلى ذلك، يرى مراقبون أن وزارات السيادة مُنحت إلى شخصيات مقربة من حزب "النهضة" وفي غالبيتهم قضاة كما أن قراره بتغيير بعض الأسماء من أجل نيل الثقة مؤشر على "غياب الجدية".

يشترط مرور حكومة الجملي المقترحة بغالبية لا تقل عن 109 أصوات في البرلمان المنقسم والمشتت والذي أفرزته انتخابات نيابية في تشرين الأول/ أكتوبر الفائت.

وحسب الفصل 89 من الدستور التونسي وعند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حال عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.

وتمكنت تونس منذ ثورة 2011 والتي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي من تحقيق نجاحات في انتقالها الديموقراطي من الجانب السياسي، غير أن هذا النجاح يصطدم بواقع اقتصادي أقل ما يوصف بكونه صعبًا.

وركّز برنامج الجملي الذي قدّمه في البرلمان على الجانب الاقتصادي والاجتماعي وهي ملفات حارقة تنتظر حكومة بسند برلماني قوّي باستطاعتها الاستجابة للمطالب المعيشية للتونسيين.

وقال الجملي بهذا الصدد إن توجهه الأساسي هو "مكافحة الفقر والخصاصة وغلاء المعيشة... والتحكم في التوازنات المالية ودفع نسق النمو". كما سيتخذ "إجراءات جريئة لدفع الاستثمار واسترجاع ثقة المستثمرين والنهوض بالقطاع الصناعي".

غير أن المؤشرات الاقتصادية لا تطمئن التونسيين، حيث لا تزال نسبة البطالة في مستوى 15.1 في المئة والتضخم 6.3 في المئة ونسبة النمو بحدود 1.4 في المئة بينما يبلغ العجز في الموازنة 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتستقر نسبة الديون عند مستوى 74 في المئة وبلغت 7 في المئة في العام 2018 من حجم الناتج الإجمالي وفقا لصندوق النقد الدولي الذي منح العام 2016 قرضا بقيمة 2.9 مليار دولار لتونس صرف منها 1.6 مليار دولار على أربع سنوات مقابل القيام بإصلاحات اقتصادية واسعة على أن يتم سداده اعتبارا من 2020.

التعليقات