تونس: مطالَبة بـ"خريطة طريق وطنيّة".. وتعيين بودن "أمر رئاسيّ لا دستوريّ"

حذّرت حركة "النهضة" التونسية، اليوم الخميس، من تكليف الرئيس، قيس سعيّد، رئيسة للحكومة "دون التقيد" بالإجراءات الدستورية، مستنكرةً ما شدّدت على أنّه "مواصلة سعيّد الانفراد بالسلطة".

تونس: مطالَبة بـ

سعيّد وبودن الأربعاء (أ ب)

حذّرت حركة "النهضة" التونسية، اليوم الخميس، من تكليف الرئيس، قيس سعيّد، رئيسة للحكومة "دون التقيد" بالإجراءات الدستورية، مستنكرةً ما شدّدت على أنّه "مواصلة سعيّد الانفراد بالسلطة".

جاء ذلك في بيان للحركة التي تمتلك 53 نائبا في البرلمان المجمد من أصل 217 مقعدًا، وقعه رئيسها راشد الغنوشي، وذكرت الحركة فيه أنها "تحذّر من أن تكليف رئيسة حكومة دون التقيد بالإجراءات الدستورية وعلى أساس أمر رئاسي لا دستوري وبصلاحيات شكليّة".

وقالت الحركة إن "ذلك يعمق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ولا يساعد على حلّها".

وعبّرت في الوقت ذاته عن "كامل التقدير والاحترام للمرأة التونسية، والتحية لنضالاتها من أجل الحرية والمساواة".

وأمس الأربعاء، كلف الرئيس التونسي، نجلاء بودن بتشكيل الحكومة، لتصبح أول امرأة في تاريخ البلاد تتولى المنصب.

سعيّد خلال اجتماعه ببودن (أ ب)

واستنكرت النهضة "مواصلة رئيس الجمهورية الانفراد بالسلطة والإمعان في العمل خارج الدستور وضرب علويته وتكريس الحكم الفردي المطلق وصم الآذان عن أصوات التعقل والحكمة الداعية إلى احترام الدستور واستئناف المسار الديمقراطي المعطل منذ 25 يوليو (تموز) الماضي".

ونبّهت إلى "المخاطر التي تواجهها الدولة التونسية، وبخاصة في ما يتعلق بالمالية العمومية وتفاقم نسبة العجز في ظل تراجع ثقة الشركاء الدوليين وتقلّص فرص التمويل الداخلي، وتفويت فرص عديدة على الاقتصاد الوطني في ظرفية انطلق فيها انتعاش الاقتصاد العالمي، وتنامت فيها فرص الاستثمار في عملية إعادة البناء في القطر الليبي الشقيق".

كما جدّدت الحركة دعوتها إلى "كافة الأطراف الرافضة لتمشي الانفراد بالحكم والانقلاب على الدستور والاستحواذ على السلطة والتعسف في استعمالها إلى تنسيق الجهود في التصدي السلمي والمدني لهذا التمشي المنذر بإنهاء المسار الديمقراطي ومزيد تأزيم الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة، والإضرار بعلاقات تونس الإقليمية والدولية".

مطالبة بـ"خريطة طريق"

وفي سياق ذي صلة، ندّد ائتلاف تونسي، اليوم، باعتداءات ارتكبتها قوات أمنية بحق صحافيين، داعيا إلى التوصل لـ"خريطة طريق وطنية" تنهي "حالة الضبابية المسيئة" للبلاد، في ظل قرارات سعيد.

وعقد ائتلاف المنظمات والجمعيات الوطنية العاملة على مراقبة المسار الانتقالي، مؤتمرا صحافيا، في مقر نقابة الصحافيين بتونس العاصمة.

ويتكوّن الائتلاف من 7 منظمات وجمعيات، منها نقابة الصحافيين، ورابطة الدفاع عن حقوق الإنسان، وجمعية النساء الديمقراطيات، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وقال نقيب الصحافيين، محمد ياسين الجلاصي، خلال المؤتمر، إن "ما حدث أمس (الأربعاء) من اعتداءات طالت ثلاثة صحافيين بصدد ممارسة مهامهم هو أمر خطير".

محتجّون تونسيّون ضدّ إجراءات سعيّد (أ ب)

ويوم أمس، ألقت قوات أمنية القبض على ثلاثة صحافيين في مقبرة، خلال عملهم على تحقيق استقصائي حول تجارة الجماجم البشرية، وأحالت النيابة العامة أحدهم إلى محاكمة؛ بتهمة عدم الحصول على ترخيص للتصوير.

وقبلها بيوم، أدانت نقابة الصحافيين في بيان، ما قالت إنها اعتداءات مؤخرا بحق صحافيين، وإيقاف آخرين والتحقيق معهم على خلفية أعمال صحافية.

وأضاف الجلاصي أن "ما حدث البارحة يحمل مؤشرات غير مطمئنة بشأن تعامل المؤسسة الأمنية مع الصحافيين الميدانيين، كما أن سياسة وزارة الداخلية تشجع على تواصل الاعتداءات".

ودعا إلى "صياغة خريطة طريق وطنية لإنهاء حالة الضبابية المسيئة لتونس، والتوجه نحو بناء ديمقراطية حقيقية وإعادة الثقة في مؤسسات الدولة".

لا حوار مع الجمعيات؛ "سعيّد احتكر كل السلطات"

كما أبدت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات، نائلة الزغلامي، "تخوفها على الحقوق والحريات ومن العودة للوراء في تونس بعد تكرر التجاوزات".

وقالت إن "رئيس الجمهورية قيس سعيد احتكر كل السلطات".

وانتقدت عدم تقديم سعيّد "أي برنامج واضح للتفاعل معه، وعدم استدعاء الجمعيات والمنظمات، وعلى رأسهم اتحاد الشغل (أكبر نقابة عمالية في البلاد)، للحوار والتشاور".

دعوة إلى إعلان "سقف زمنيّ معقول"

ودعا رئيس المجلس التأسيسي التونسي (برلمان مؤقت بين 2011 و2014)، مصطفى بن جعفر، اليوم، رئيس البلاد، إلى إعلان "سقف زمني معقول" للتدابير الاستثنائية، لوضع حد للتخوفات.

وفي كلمة بثها عبر صفحته في "فيسبوك"، شدد بن جعفر، الرئيس السابق لحزب "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"، على ضرورة "الإسراع في العودة إلى الشرعية"، وإعلان "سقف زمني معقول" للتدابير الاستثنائية، من أجل وضع حد للتخوفات.

وأضاف: "يجب أن نقر بوجود حيرة وقلق، خاصة لدى الوطنيين ممن لهم تاريخ نضالي من أجل الحريات ولا يقبلون بالانفراد في السلطة، وهم ليسوا في خلاف مع الرئيس سعيد".

ودعا "بن جعفر" الرئيس إلى "الانفتاح على الوطنيين المؤمنين بالثورة وتشريكهم في تصحيح المسار".

وفي 2011، أطاحت ثورة شعبية بنظام حكم الرئيس آنذاك، زبن العابدين بن علي (1987-2011).

وشدد "بن جعفر" على أنه "لا وجود لديمقراطية في غياب سلطة مضادة والتفريق والتوازن بين السلطات".

مطالبة العمل بالدستور (أ ب)

وتابع: "يجب أن يجتمع الكل لبناء الفترة القادمة، التي تحتاج قيادة تلتزم بآليات التشاركية لنصل لقانون انتخابي جديد ونظام انتخاب مدروس، يضمن أغلبية حاكمة متجانسة، ووضع قانون تنظيم للأحزاب يضبط طريقة تسييرها وتمويلها".

وأعلن الرئيس التونسي في 25 تموز/ يوليو الماضي، "إجراءات استثنائية"، شملت إقالة المشيشي على أن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، إضافة إلى تجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤسه النيابة العامة، ولاحقا، قرر إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.

وترفض غالبية الأحزاب قرارات سعيد الاستثنائية، ويعتبرها البعض "انقلابا على الدستور"، بينما تؤيدها أحزاب أخرى ترى فيها "تصحيحا للمسار"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية. ويرى مراقبون أن قرارات سعيد تعزز صلاحيات الرئاسة على حساب البرلمان والحكومة، وأنه يرغب في تعديل دستور البلاد للنص على نظام حكم رئاسي.

وفي أكثر من مناسبة، زعم سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية من 5 سنوات، أنه لا ينوي إرساء نظام دكتاتوري ولا المس بالحقوق والحريات، وإنما يهدف إلى إصلاح الأوضاع بعد أن تأكد من وجود خطر داهم يهدد الدولة، على حد قوله.

التعليقات