عائلة بوتو.. نهايات تراجيدية

-

عائلة بوتو.. نهايات تراجيدية

ووري جثمان رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو الثرى الجمعة في مقبرة عائلتها بإقليم السند الجنوبي، بعد أن اغتيلت في أحدث حلقة من النهايات التراجيدية التي لاحقت عددا من أقاربها منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي.

فبعد حياة حافلة بالنجاحات والإخفاقات قضتها متنقلة بين مدرجات أرقى الجامعات وكراسي السلطة ودهاليز السجون وغربة المنافي، كانت النهاية المحتومة تنتظر بينظير بعد عودتها لباكستان بعد تسع سنوات من الإبعاد عن الوطن.

كاد الموعد الأول لبينظير مع الموت يكون يوم عودتها في 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكنها نجت من عملية تفجيرية دامية استهدفت موكبها في كراتشي وخلفت مقتل 139 من أنصارها.

لكن النهاية التراجيدية لمسلسل بينظير جاءت بعد أسابيع فقط، إذ بعد نحو شهرين عاد شبح الموت ليسدل الستار على حياة إحدى أبرز الوجوه السياسية النسائية في العالم بأسره. ففي ختام تجمع انتخابي بمدينة روالبندي اغتيلت بينظير برصاص انتحاري استهدف موكبها.

ومنذ أن همت بالعودة لم تكن بينظير تتوقع أن يكون طريقها مفروشا بالورود في بلد تعصف به أزمة سياسية حادة، فأطلقت مرارا تصريحات مفادها أن حياتها في خطر. وإدراكا منها للألغام المحتملة، فضلت مواجهة قدرها وحيدة فتركت وراءها أفراد عائلتها في المنفى.



ويشكل اغتيال بينظير حلقة جديدة في مسلسل النهايات المأساوية التي طالت حياة عدد من أفراد عائلة بوتو التي تعتبر من كبار ملاك الأراضي بولاية السند والتي يشبهها البعض بعائلة كنيدي الأميركية بالنظر إلى عملية الاغتيال والموت الغامض المشترك بينهما.

فقد اكتشفت بينظير في سن الـ24 ربيعا الوجه الآخر للسلطة والحياة السياسية في بلادها عام 1977 حين تمت الإطاحة بوالدها ذو الفقار علي بوتو من قبل الجنرال ضياء الحق، وكانت حينها تنهي دراستها في أوكسفورد أرقى الجامعات البريطانية.

وبعد ذلك بعامين أعدم والدها على خلفية اتهامات بالتورط في اغتيال أحد خصومه السياسيين. وقد زاد من وقع تلك المأساة في نفس بينظير التي كانت رهن الاحتجاز أن جنازة والدها لم تشيع بشكل يليق بمقام الراحل الذي ظلت تعتبره مثلها الأعلى.

وبقيت بينظير -التي رأت النور عام 1953- تسعى جاهدة للانتقام لذكرى والدها فدخلت الحياة السياسية من أبواب السجون والمنافي، قبل أن تصبح عام 1988 أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في بلد مسلم.

لكن مشوارها السياسي لم يكن كله مسلسل نجاحات، إذ أطيح بها من رئاسة الوزراء مرتين وأصبحت في بعض الفترات ملاحقة قضائيا إلى جانب زوجها آصف زرداري بتهم تتعلق بالفساد المالي قبل أن تلج حياة المنافي عام 1999.



إلى جانب بينظير، كان مصير باقي أفراد عائلتها موسوما بالروح التراجيدية.

فالأخ الأكبر مرتضى بوتو الذي كان يتوقع أن يأخذ المشعل على رأس حزب الشعب اضطر لمغادرة البلاد في أعقاب إعدام الأب، والتنقل بين المنافي مناهضا نشطا للحكم العسكري في بلاده.

وقد عاد مرتضي إلى باكستان بعد قليل من الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد عام 1993 ليقتل بالرصاص عام 1996 خلال اشتباكات في كراتشي شابها الغموض.

وقبل بينظير ومرتضي كان ابن آخر لذو الفقار علي بوتو، وهو شاه نواز قد توفي في ظروف لم يحل لغزها بعد، إذ عثر عليه ميتا في شقته بالريفييرا في فرنسا عام 1985.

وبرحليها تترك بينظير إرثا سياسيا كبيرا يختزل مرحلة حاسمة من تاريخ باكستان، وقد بدأت التكهنات تتداول حول من ستؤول إليه تلك التركة لمواصلة المشوار في طريق محفوف بالمخاطر.


(عن ألجزيرة – وكالات)


التعليقات