"وطن الباسك والحرية" تحلّ نفسها

أعلنت منظمة "إيتا" الباسكية التي تأسست للمطالبة باستقلال شعبها عن مناطق نفوذ إسبانيا وفرنسا، أمس الخميس، إنهاء عملها السياسي وحل جميع هيئاتها، فيما لم ترى الحكومة الإسبانية أن هذا الإعلان سيعفيها من "العقاب".

أرشيفية (أ ب)

أعلنت منظمة "إيتا" الباسكية التي تأسست للمطالبة باستقلال شعبها عن مناطق نفوذ إسبانيا وفرنسا، أمس الخميس، إنهاء عملها السياسي وحل جميع هيئاتها، فيما لم ترى الحكومة الإسبانية أن هذا الإعلان سيعفيها من "العقاب".

وقال رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي، إن "أيّا تكن الخطوات التي ستقوم بها، فلن تجد إيتا أي ثغرة تنفذ منها، ولن تفلت من العقاب على ما ارتكبته من جرائم". وأضاف "لسنا مدينين لها بشيء، ولا نشعر أننا ممتنون لها بشيء".

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أغنيس فون دير مول "نفكّر أولا وقبل كل شيء بالضحايا الكثيرين لإيتا وبأقاربهم (...) ننتظر الآن تنفيذ الإعلان عن حل المنظمة، بما في ذلك تسليم آخر أسلحتها".

وكانت منظمة " وطن الباسك والحرية" المعروفة اختصارا باسم "إيتا"، قد سلمّت أسلحتها في نيسان/ أبريل العام الماضي، بعد أن تم اعتقال زعيمها، ميكيل إرستورثا، في أواخر العام 2016 في عملية مشتركة بين المخابرات الداخلية الفرنسية والشرطة الإسبانية بجنوب غرب فرنسا.

وتأسست المنظمة في 31 تموز/يوليو 1959 في منطقة الباسك الواقعة على الحدود بين إسبانيا وفرنسا، على يد بعض طلاب الجامعات الباسكيين الذين ألهمتهم الثورة التحررية في الجزائر، والثورة الكوبية، بعد أن أحبطوا من العمل السياسي للحزب القومي الباسكي الذي اعتبروه هشًا أمام الديكتاتور الإسباني السابق، فرانسيسكو فرانكو.

وحكم فرانكو إسباني بالفترة ما بين عام 1939 وعام 1975، بقبضة من حديد بعد أن انتصر في الحرب الأهلية الإسبانية كجنرال عسكري، وقام خلال هذه الفترة بانتهاك حقوق الأقليات بشكل مباشر ودموي، حيث منع على سبيل المثال، استخدام اللغة الباسكية أو إرثها الحضاري، وقتل وعذب وشرد وأفقر الآلاف منهم.

وبنت إيتا عقيدتها على ثلاثة أسس: أولها الدفاع عن اللغة المحلية والعرق الباسكي، وثانيها معاداة ومقاومة الإسبانية، وثالثها العمل على استقلال بلاد الباسك التي تضم مقاطعات من إسبانيا وفرنسا.

ورسخت المنظمة أرضيتها في مؤتمرها الأول في "دير بييوك" في فرنسا، وصفت نفسها بكونها "حركة ثورية باسكية للتحرير القومي"، وانتهجت العمل السري والثوري عبر الكفاح المسلح.

وحاربت "إيتا" النظام الإسباني عسكريًا حتى إعلانها تخليها عن الكفاح المسلح في 20 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011، حيث أن عملها العسكري الذي استهدف قوات الأمن الإسبانية بشكل مبدأي أدى إلى مقتل 853 شخصًا.

وأسست "إيتا" عام 1978 جناحًا سياسيًا للتفاوض مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي لاحقًا، باسم "هري باتاسونا" رغم استمرار عملها العسكري بالمقابل، ليدرج لاحقًا، كما أُدرجت هي على لائحة المنظمات "الإرهابية" للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وتستمر الحكومة الإسبانية في تجاهل مطالب أنصار استقلال الباسك بتخفيف ظروف الاعتقال لنحو أكثر من 350 معتقل حالي من "إيتا" أساسًا في فرنسا وإسبانيا وأن يتم نقلهم إلى سجون في بلاد الباسك ليكونوا قرب عائلاتهم.

وأشار رئيس الحكومة الإسبانية الحالي إلى أن "التحقيقات في جرائم إيتا مستمرة وجرائمهم سيستمر النظر فيها وسيستمر تنفيذ الاحكام الصادرة".

وشدد راخوي على "أن الارهابيين لم يحصلوا على شيء من خلال القتل ولا حين توقفوا عن القتل قبل سنوات قليلة ولن يحصلوا على شيء بإعلان حل منظمتهم (...) ولن يكون هناك افلات من العقاب".

إلا أن المنظمة أوضحت في بيان في 20 نيسان/أبريل أنها تأسف "للأضرار التي سببتها" لكنها لا تعتذر إلا من الضحايا الذين لم يكونوا طرفا في "النزاع" ملمحة إلى أن سائر الضحايا من العناصر الأمنية شكلوا أهدافا مشروعة.

ورغم وصف الرئيس الحالي لإقليم الباسك، إينيو أوركولو، خطوة "إيتا" في حلّ نفسها، قائلا "لم تتمكن إيتا من التعبير عن الندم لجميع الضحايا، لكن مجتمع الباسك والمؤسسات يمكن أن يفعل ذلك"، انتشرت كتابات في مناطق سكن الباسكيين، تشكر "إيتا".

 

التعليقات