اغتيال سليماني: المنطقة إلى المجهول

ذكرت تقارير إعلامية أن سليماني وصل إلى مطار بغداد الدولي قادمًا من بيروت، فيما أكد الحرس الثوري أن خمسة من ضباطه قتلوا في القصف، بالإضافة إلى خمسة من "الحشد الشعبي" بينهم المهندس.

اغتيال سليماني: المنطقة إلى المجهول

خامنئي يعزي أسرة سليماني في منزلها، الجمعة

تقود الغارة الأميركية غير المسبوقة التي أدت إلى مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الجمعة، إلى مرحلة مجهولة وتثير عدة أسئلة حول وجهة التطورات. إذ توالت التهديدات الإيرانية بالانتقام على اغتيال سليماني. فقد صرح قائد فيلق القدس الجديد، إسماعيل قآني، بأننا "نقول للجميع اصبروا قليلًا لتشاهدوا جثامين الأميركيين في كل الشرق الأوسط". في موازاة ذلك، أعلنت مصادر في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بأنها سترسل نحو 3 آلاف و500 جندي إلى المنطقة، ورفعت حالة التأهب في مدينة نيويورك تحسبًا من انتقام إيراني، فيما قطع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، زيارته لليونان وعاد إلى البلاد.

وذكرت تقارير إعلامية أن سليماني وصل إلى مطار بغداد الدولي قادمًا من بيروت أو دمشق، فيما أكد الحرس الثوري أن خمسة من ضباطه قتلوا في القصف، بالإضافة إلى خمسة من "الحشد الشعبي" بينهم المهندس.

وبدأ التصعيد ليل الخميس – الجمعة، بعدما سمعت أصوات انفجارات، قالت القوات الأمنية العراقية أنها ناتجة عن سقوط صواريخ كاتيوشا قرب مقر التحالف الدولي في مطار بغداد، وقالت لاحقًا مصادر غير رسمية أن الانفجارات كانت وهمية، لتشكل ذريعة للقصف الأميركي على الموكب الذي استقبل سليماني في المطار.

وحافظ البنتاغون على غموض بما يخص العملية، حين أقرّ في بيان أنه نفذها بتوجيه من الرئيس دونالد ترامب. وقال مسؤول عسكري أميركي لوكالة "فرانس برس" إنّ العملية التي استهدفت سيارتين على طريق مطار بغداد الدولي، وكان يستقلهما سليماني، ونائب رئيس "الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، نفذت بـ"ضربة دقيقة من طائرة مسيّرة".

"حرب؟ فوضى؟ أعمال انتقامية محدودة؟ لا شيء؟ لا أحد يعرف حقيقة، لا في المنطقة ولا في واشنطن، لأنّ ما حدث غير مسبوق"

ويحيل هذا النوع من العمليات التي تستهدف شخصيات عسكرية أجنبية، إلى أساليب عمل الجيش الإسرائيلي أكثر منها إلى أساليب الولايات المتحدة، التي غالبا ما تلجأ إلى عمليات دقيقة تنفذها قواتها الخاصة، حين تريد القضاء على شخصيات مطلوبة، مثلما فعلت للتخلص من أسامة بن لادن أو زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أبو بكر البغدادي.

وبحسب "فرانس برس"، راقبت واشنطن منذ أشهر تحركات سليماني عن قرب، وكان بمقدورها استهدافه قبل عملية الجمعة. وزعم وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الجمعة، أن المسؤول الإيراني كان يحضّر لـ"عمل كبير" يهدد "أرواح مئات الأميركيين". وأضاف "كنا نعلم أنه وشيك"، مشيراً إلى أن "هذا هو التقييم الاستخباراتي الذي وجه عملية اتخاذ قرارنا".

قاسم سليماني، "الشهيد الحي" اعتاد خامنئي على وصفه

وكان وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، قد حذّر من أنّ مقتل متعاقد أميركي، الأسبوع الماضي، في هجوم صاروخي تعرضت له قاعدة في كركوك ونسب إلى فصيل موال لإيران، "غيّر المعطيات".

ففي الواقع، عزز سليماني، المكلف بالعمليات الخارجية للجمهورية الإسلامية، ثقل طهران الدبلوماسي في الإقليم، خصوصًا في العراق وسورية، حيث تنخرط الولايات المتحدة عسكريًا. فيما يعرف أبو مهدي المهندس بالعداء الحاد تجاه الولايات المتحدة، وهو كان وفقا لخبراء "العدو الرقم واحد" لواشنطن في العراق.

وتوعدت إيران بالانتقام، وكذلك حزب الله اللبناني. ويمكن للجماعات العديدة الموالية لإيران في المنطقة أن تطلق هجمات على قواعد عسكرية أميركية في دول الخليج، أو حتى على منشآت نفطية أو سفن تجارية في مضيق هرمز الذي يبقى بمقدور إيران إغلاقه في أي وقت. ويمكن أيضاً أن يتم استهداف سفارات أميركية في المنطقة، بعد اقتحام السفارة في بغداد، أو حتى شن هجمات ضد حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين مثل إسرائيل أو السعودية، أو حتى دول أوروبية.

وتعتبر كيم غطاس من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أنّه من الصعب توقع تطورات المشهد. وتتساءل "حرب؟ فوضى؟ أعمال انتقامية محدودة؟ لا شيء؟ لا أحد يعرف حقيقة، لا في المنطقة ولا في واشنطن، لأنّ ما حدث غير مسبوق".

مظاهرة في باكستان، الجمعة (أ.ب.)

وقد ينجم عن تصاعد نفوذ الأطراف الموالية لإيران تداعيات دبلوماسية طويلة الأمد بالنسبة إلى بغداد. ويقول دبلوماسي عراقي رفيع المستوى، في حديث لـ"فرانس برس"، إنّ "العراق قد يتحوّل إلى دولة معزولة عن بقية العالم على غرار فنزويلا وكوريا الشمالية وغيرها".

وأرسلت الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة، أكثر من 14 ألف عسكري في سياق تعزيز الحضور الإقليمي، كما أعلنت إرسال نحو 750 إضافيين عقب الهجوم على السفارة في بغداد، الثلاثاء الماضي. وقال وزير الدفاع الأميركي، الخميس الماضي، إنّ فوجا من نحو 4 آلاف عنصر تلقى الأوامر بالاستعداد، إذ يمكن نشره في الأيام المقبلة.

اقرأ/ي أيضًا | من هو قاسم سليماني؟

وتنشر الولايات المتحدة 5,200 عنصر حاليا في العراق، تكمن مهمتهم الرسمية في "مساندة وتدريب" الجيش العراقي ولمنع تنظيم "داعش" من الظهور مجددًا. ويرتفع العدد في مجمل الشرق الأوسط إلى 60 ألفاً.

ودعت الولايات المتحدة كافة مواطنيها، الجمعة، إلى مغادرة العراق "فورًا" بسبب "تصاعد التوتر".

وارتفعت أسعار النفط بعد الإعلان عن مقتل سليماني، وسط خشية الأسواق من تصاعد التوتر في الشرق الأوسط برغم كثرة الدعوات إلى ضبط النفس.

 

التعليقات