تقدم طالبان نحو كابُل مستمر وأميركا وبريطانيا تجليان دبلوماسييهما

أصبح الجزء الأكبر من شمال البلاد وغربها وجنوبها تحت سيطرة مقاتلي الحركة. وكابل ومزار شريف كبرى مدن الشمال، وجلال أباد هي المدن الكبرى الثلاث الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة. واجتماعات دولية بالدوحة تنتهي دون تقدم

تقدم طالبان نحو كابُل مستمر وأميركا وبريطانيا تجليان دبلوماسييهما

قوات طالبان تجري دوريات في مناطق سيطروا عليها، أول من أمس (أ.ب.)

استمرت حركة طالبان في تقدمها باتجاه العاصمة الأفغانية كابُل اليوم، الجمعة، فيما قررت الولايات المتحدة وبريطانيا إجلاء رعاياهما ودبلوماسييهما بسرعة في مواجهة الخطر الذي يهدد العاصمة.

وسيطرت طالبان، اليوم، على لشكركاه عاصمة ولاية هلمند في جنوبي البلاد، بعد ساعات قليلة على سقوط قندهار ثاني مدن البلاد على بعد 150 كيلومترا إلى الشرق منها.

وصرح مسؤول أمني كبير بأنه "تم اخلاء لشكركاه. قرروا وقف اطلاق النار لمدة 48 ساعة لإتاحة خروج" عناصر الجيش والمسؤولين الإداريين.

كذلك سيطرت طالبان اليوم، من دون أن تواجه مقاومة، على شغشران عاصمة ولاية غور في الوسط. وقد صارت عواصم نصف الولايات تقريبا تحت سلطتها بعدما سقطت كلها خلال ثمانية أيام.

وأصبح الجزء الأكبر من شمال البلاد وغربها وجنوبها تحت سيطرة مقاتلي الحركة. وكابُل ومزار شريف كبرى مدن الشمال، وجلال أباد هي المدن الكبرى الثلاث الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة.

وبدأت حركة طالبان هجومها في أيار/مايو، عندما أكد الرئيس الأميركي، جو بايدن، رحيل آخر القوات الأجنبية من البلاد بعد عشرين عاما من تدخلها للإطاحة بطالبان من السلطة في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. ويفترض أن ينتهي هذا الانسحاب بحلول 31 آب/أغسطس.

ومنذ ذلك الحين، أكد بايدن أنه ليس نادما على قراره، على الرغم من السرعة التي تفكك بها الجيش الأفغاني في مواجهة تقدم طالبان، الذي فاجأ الأميركيين وخيب أملهم بعدما أنفقوا أكثر من ألف مليار دولار خلال عشرين عاما لتدريبه وتجهيزه.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، جون كيربي، أمس، أنه بسبب "تسارع الهجمات العسكريّة لطالبان وتصاعد العنف وعدم الاستقرار الناتج عن ذلك في كلّ أنحاء أفغانستان"، قررت الولايات المتحدة "تقليص وجودها الدبلوماسي" في كابُل.

وفد طالبان لدى وصوله إلى مفاوضات السلام في الدوحة، أمس (أ.ب.)

ولضمان إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين بسلام، سترسل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ثلاثة آلاف جندي إلى مطار كابُل الدولي لينضموا إلى العسكريين الأميركيين الـ650 الموجودين في أفغانستان، حسب كيربي. وأضاف أنه سيتمّ إرسال نحو 3500 عسكري آخرين إلى الكويت من أجل إرسالهم كتعزيزات في حال أي تدهور للوضع في أفغانستان.

يأتي ذلك بينما بات مقاتلو طالبان على بعد 150 كيلومترا من العاصمة كابُل بعد استيلائهم على غزنة. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن هذه الخطوة "ليست إعادة التزام عسكري في النزاع في أفغانستان"، بينما قالت وزارة الدفاع الأميركية أيضا إنها لن تستخدم مطار كابل لشن ضربات ضد طالبان.

وأضاف برايس أنّ واشنطن ستقوم بتسريع إجلاء المترجمين والمساعدين الأفغان الآخرين للجيش الأميركي عبر رحلات جوية ستصبح "يومية"، في ضوء احتمال تعرضهم للانتقام إذا استولت طالبان على السلطة.

وفي الوقت نفسه، أعلنت بريطانيا أنها سترسل 600 عسكري لمساعدة الرعايا البريطانيين على مغادرة الأراضي الأفغانية. وتأتي عمليات الإجلاء بينما تواصل حركة طالبان تجاهل الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة والأسرة الدولية.

واختتمت أمس اجتماعات دولية استمرت ثلاثة أيام، في العاصمة القطرية الدوحة، بدون إحراز أي تقدم ملموس. وقالت الولايات المتحدة وباكستان والاتحاد الأوروبي والصين في بيان مشترك إنها لن تعترف بأي حكومة في أفغانستان "مفروضة بالقوة".

وقال مفاوض حكومي في محادثات الدوحة، طلب عدم كشف هويته، إن طالبان قد لا تميل إلى تسويات على الإطلاق، بينما عرضت عليها السلطات، أمس، على عجل "تقاسم السلطة مقابل إنهاء العنف". وكان الرئيس الأفغاني، أشرف غني، يرفض حتى الآن الدعوات إلى تشكيل حكومة مؤقتة غير منتخبة تشارك فيها طالبان. لكن قد يكون تغيير موقفه جاء متأخرا.

وفي واشنطن، يواجه الرئيس بايدن ضغطًا من المعارضة. فقد صرح زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، أمس، أن "أفغانستان في طريقها إلى كارثة هائلة يمكن التنبؤ بها وكان من الممكن تجنبها".

وأدى تقدم طالبان إلى خسار بشرية كبيرة. فقد قتل 183 مدنيا على الأقل، بينهم أطفال في شهر واحد في لشكركاه وقندهار وهرات وقندوز، حسب أرقام الأمم المتحدة التي تشير أيضا إلى أن نحو 390 ألف شخص نزحوا بسبب النزاع منذ بداية العام. وتسارع نزوح السكان في الأسابيع الأخيرة مع فرار المدنيين من المناطق التي احتلتها طالبان.

وتوافد العديد من المدنيين في الأيام الأخيرة على كابل، التي باتت مهددة بأزمة إنسانية خطيرة ايضا. ويحاول هؤلاء البقاء على قيد الحياة في حدائق أو أماكن خالية، في حالة شديدة من البؤس.

التعليقات