خيارات إستراتيجية لدى المتمردين وحساسيات عرقية قد تؤخر سقوط أديس أبابا

تتواصل التعبئة العسكرية في أثيوبيا في محاولة من الحكومة الفدرالية برئاسة آبي أحمد، لوقف تقدم القوات المتمردة من إقليم تيغراي التي تهدد في الزحف إلى أديس أبابا؛ فيما تشير التقديرات إلى أن إسدال الستار على الحرب في أثيوبيا، قد يستغرق وقتا طويلا

خيارات إستراتيجية لدى المتمردين وحساسيات عرقية قد تؤخر سقوط أديس أبابا

قوات تابعة للحكومة الفيدرالية يقعون في أسر قوات تيغراي (أ ب)

تتواصل التعبئة العسكرية في أثيوبيا في محاولة من الحكومة الفدرالية برئاسة آبي أحمد، لوقف تقدم القوات المتمردة من إقليم تيغراي التي تهدد في الزحف إلى العاصمة، أديس أبابا؛ فيما تشير التقديرات إلى أن إسدال الستار على الحرب المستمرة منذ عام في أثيوبيا، قد يستغرق وقتا طويلا.

وبينما أعلنت تسع جماعات أثيوبية متمردة، من بينها "جبهة تحرير شعب تيغراي"، أنها شكّلت تحالفا ضد الحكومة الفدرالية، عقب التصعيد المتزايد في الأيام الأخيرة؛ طالب الجيش الإثيوبي، الجمعة، العسكريين السابقين، بالانضمام إلى صفوفه مجددا لمحاربة المتمردين.

وسيكون على القوات الموالية للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، أن تقاتل في مناطق تكن لها العداء في إقليم أمهرة المجاور من أجل بلوغ أديس أبابا. كما قد تواجه أيضا مقاومة من أثيوبيين آخرين يخشون أن يعود إلى السلطة حزب حكم البلاد بقبضة من حديد لقرابة 30 عاما، وسيطر على الحكومة المركزية قبل تولي آبي أحمد رئاسة الحكومة في 2018.

أكبر الجماعات العرقية تنضم للتمرد

وتعاني أوروميا، وهي المنطقة المحيطة بأديس أبابا، من الانقسامات. ولآبي أصول من جماعة أورومو التي تعتبر أكبر الجماعات العرقية في البلاد وساعدته في الوصول إلى منصبه بعد أعوام من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

لكنه فقد بعض الدعم بعدما اعتقلت قوات الأمن الآلاف من الأورمو، الذين اتهمه بعضهم بأنه لا يقدم ما يكفي لجماعتهم. كما احتجزت السلطات عدة زعماء من الأورومو في أعقاب أحداث شغب أودت بحياة المئات.

وهذه الخلافات مع آبي أحمد، دفعت جيش تحرير أورومو، الذي يحارب الحكومة المركزية كذلك، إلى التحالف مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. وهذا الأسبوع أعلنت الجماعتان أنهما سيطرتا على بلدات إستراتيجية في أمهرة، ويدرسون التقدم نحو أديس أبابا.

وعن التحالف الذي أعلنت عنه تسع جماعات أثيوبية متمردة، قالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء الأثيوبي، بيلين سيوم، إنه لا يمكن التعويل على هذا التحالف لتحقيق الديمقراطية.

وكتبت في تغريدة على "تويتر": "أتاح فتح المجال السياسي قبل ثلاثة أعوام فرصة كبيرة للمتنافسين لتسوية خلافاتهم عبر صندوق الانتخابات في حزيران/ يونيو 2021".

ويرى دبلوماسيون إقليميون، أن التهديدات بالزحف نحو أديس أبابا، قد تكون مناورة لإجبار آبي أحمد على الدخول في مفاوضات أو التنحي. فيما قال المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، جيتاشيو رضا، إنه يجب تشكيل حكومة مؤقتة ومحاكمة آبي.

واتهم مسؤولون أثيوبيون قوات تيغراي بالمبالغة في المكاسب التي حققوها على الأرض. ولم يرد متحدثون باسم الحكومة والجيش على اتصالات هاتفية تطلب التعليق على تهديدات الجماعتين.

خيارات إستراتيجية للجماعات المتمردة

ويمكن لقوات تيغراي محاولة زيادة الضغط على حكومة آبي عن طريق عزل البلد غير الساحلي عن الميناء البحري الرئيسي في المنطقة، ويمكنهم أيضا دخول العاصمة مع حلفائهم من الأورومو أو خلفهم.

وقال المتحدث باسم جيش تحرير أورومو، أودا طربي، "العملية سيقودها جيش تحرير أورومو… هذه ببساطة أرضنا وبالتالي تقع تحت ولايتنا".

أعمال عدائية في العاصمة

وأزهق الصراع، في الدولة التي كانت تعتبر في الماضي حليفا مستقرا للغرب في منطقة تموج بالاضطرابات، أرواح آلاف الأشخاص ودفع نحو 400 ألف في تيغراي إلى شفا المجاعة وأرغم أكثر من 2.5 مليون على الفرار من ديارهم.

وأرسل آبي قوات إلى تيغراي في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، متهما الحزب الحاكم هناك، الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، بشن هجمات مباغتة على القواعد العسكرية في المنطقة.

وقالت الجبهة إنها تحركت لأن الجيش كان يستعد للهجوم بعد أن أجرت المنطقة انتخابات في أيلول/ سبتمبر 2020، في تحد لأوامر الحكومة الاتحادية.

واحتشدت قوات من أمهرة، ثاني أكبر مناطق أثيوبيا من حيث عدد السكان، دعما لحكومة آبي. مع الأخذ بعين الاعتبار النزاع الحدودي طويل الأمد بين تيغراي وأمهرة.

وسيطرت أمهرة على أراض في غرب تيغراي. كما اندلع العنف على الحدود بين أورومو وأمهرة.

وفي هذا السياق، قال المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية، وليام دافيسون، إنه قد يكون هناك رد فعل عنيف إذا استولت قوات تيغراي وأورومو على العاصمة.

وأضاف: "قد تشن منطقة أمهرة تمردا صريحا إذا فرضت قوات تيغراي وجيش تحرير أورومو سيطرتهما على أديس أبابا".

أمهرة.. جبهة بمفردها

وأضاف أن "سكان أمهرة ليسوا غاضبين فقط من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو فحسب، ولكن أيضا من القادة الاتحاديين لأنهم تركوا (أمهرة) مكشوفة (دون دفاع)".

وقد يكون طريق قوات تيغراي وأورومو إلى العاصمة التي تحتضن أيضا مقر الاتحاد الأفريقي والعديد من البعثات الدولية، مفروشا بالدماء.

وتعتبر أديس أبابا البؤرة الساخنة للمعارضة لحكم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي منذ أن أشرف الحزب على حملة قمع قد أسفرت عن اعتقال 30 ألفا في أعقاب انتخابات عام 2005.

وقال تيفيري ميكونين، وهو عامل في محطة وقود يبلغ من العمر 30 عاما، "لا أعتقد أن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي ستصل إلى أديس أبابا. لست خائفا على الإطلاق... إذا أعطتني الحكومة سلاحا وطلبت مني القتال، فسأفعل ذلك. لا أحد سيقبل عودتهم".

وقد يطلب آبي أيضا المساعدة من إريتريا مرة أخرى. وكانت قوات إريتريا قد دخلت تيغراي في تشرين الثاني/ نوفمبر، لدعم الجنود الأثيوبيين قبل أن ينسحب معظمهم في حزيران/ يونيو، بعد سيل من التقارير عن عمليات قتل جماعي لمدنيين وحوادث اغتصاب جماعي. وتنفي إريتريا ارتكاب انتهاكات.

وتتزايد الدعوات لوقف لإطلاق النار وإجراء محادثات من الشركاء الدوليين، ومن بينهم أوغندا وكينيا وهما دولتان لهما وزنهما في المنطقة وكذلك من جهات مانحة مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي علقت وصول الصادرات الأثيوبية المعفاة من الرسوم الجمركية هذا الأسبوع.

وحتى الآن لا توجد مؤشرات تذكر على أن أيا من الجانبين يريد إجراء محادثات. لكن بعض الأصوات الأثيوبية بدأت تنادي علنا بالسلام؛ وقال دافيسون "سلطة آبي لم تُمس حتى الآن... لكن في ظل كل هذه الضغوط، من الممكن أن تنفتح أبواب (الغضب) على مصارعها".

التعليقات