الغرب لا يرى تهدئة من موسكو... وخشية أميركيّة من استغلال صينيّ للأزمة

الرئيس الأوكرانيّ: كييف "ستدافع عن نفسها" || لم يلاحظ تراجعا في الحشد العسكري الروسي على حدود بلاده || تتنامى خشية أميركيّة من احتمال استغلال صينيّ مُحتَمَل للأزمة الأوكرانية - الروسيّة؛ لتحقيق مكاسب، وتقدم على عمل "استفزازي".

الغرب لا يرى تهدئة من موسكو... وخشية أميركيّة من استغلال صينيّ للأزمة

آليات عسكرية روسية ("أ ب")

تعهد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء أن بلاده "ستدافع عن نفسها" في مواجهة أي غزو روسي، مؤكدا مثل حلفائه الغربيين أنه لم يلاحظ تراجعا في الحشد العسكري الروسي على حدود بلاده، عكس ما أعلنت موسكو. وفي المقابل تتنامى خشية أميركيّة من استغلال صينيّ مُحتَمَل للأزمة الأوكرانيّة - الروسيّة؛ لتحقيق مكاسب، وتقدم على عمل "استفزازي". كما طالبت واشنطن وبرلين، موسكو، باتخاذ "خطوات حقيقية لخفض التصعيد".

وبعد أن شهد تدريبات عسكرية كبرى اختبرت خلالها القوات الأوكرانية أسلحة مضادة للدبابات قدّمها الغرب في ريفني غرب البلاد، اتجه زيلينسكي شرقا إلى ماريوبول قرب خط المواجهة مع الانفصاليين الموالين لروسيا. وقال مرتديا بزة عسكرية: "لسنا خائفين من أيّ تكهّن، ولسنا خائفين من أحد (...) لأننا سندافع عن أنفسنا".

وأكد مثل العديد من المسؤولين الغربيين، أنه لم يرَ أي تغييرات حقيقية في عديد القوات الروسية على حدود أوكرانيا.

وأضاف في هذا الصدد: "إننا نرى حشدا للقوات لم يتغير في الأسابيع الأخيرة"، متابعا أنه لاحظ ببساطة "عمليات تناوب صغيرة".

ويعبّر الغربيون منذ أسابيع عن قلقهم من خطر حصول غزو روسي وشيك بعدما حشدت موسكو أكثر من مئة ألف جندي عند الحدود الأوكرانية وأجرت تدريبات عسكرية عدة، في وضع متفجر تسبّب بأسوأ أزمة بين الغرب وموسكو منذ انتهاء الحرب الباردة.

من جهته، أعلن الجيش الروسي الأربعاء، انتهاء تدريبات ومغادرة عسكريين روس شبه جزيرة القرم، ونشر مقطع فيديو يزعم أنه يظهر عربات محملة بمعدات عسكرية تغادر المنطقة ليلا. كما وعدت بيلاروسيا، الأربعاء، بأن جميع العسكريين الروس المنتشرين على أراضيها في إطار مناورات سيغادرون البلاد في الموعد المقرر لانتهاء التدريبات في 20 شباط/ فبراير.

لكن الغربيين، من وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أكدوا أنهم لم يلاحظوا خفضا للوجود العسكري الروسي على الحدود. وأكد بلينكن أن التهديد الروسي "موجود وحقيقي"، مؤكدا أنه "على العكس، نواصل رؤية قوات عند الحدود، خصوصا قوات قد تكون في المقدّمة في أيّ عدوان جديد على أوكرانيا".

جنود أوكرانيون ("أ ب")

وقال إن حلف شمال الأطلسي سيعزز وجوده العسكري على جناحه الشرقي للدفاع عن حلفائه ضد تهديدات روسيا التي أصبحت تمثّل "الوضع الطبيعي الجديد في أوروبا".

من جهته، ذكر وزير الخارجية الفرنسي، جان-إيف لودريان، الأربعاء، أنّ روسيا لا تزال تنشر على الحدود الأوكرانية "نفس عدد القوات".

كما شدّد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون خلال اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مساء الأربعاء على وجود "أدلة قليلة" على انسحاب قوات روسية من الحدود الأوكرانية، وفق ما أورد بيان لمكتبه.

وقال متحدث باسم جونسون في بيان إن جونسون وغوتيريش خلصا إلى أن أي غزو روسي لأوكرانيا ستكون له عواقب "كارثية"، وقرّرا مواصلة العمل معا لإيجاد "حلّ دبلوماسي عاجل" و"تجنّب تصعيد عسكري كارثي وأزمة إنسانية".

وأضاف البيان أنّ جونسون وغوتيريش ذكّرا بأنّه من مسؤولية الدول "الامتثال لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة واحترام سيادة أعضاء الأمم المتحدة ووحدة أراضيها".

وأكّد رئيس الوزراء البريطاني والأمين العام للأمم المتّحدة، وفقا للبيان، على ضرورة أن "تعمل جميع الأطراف بحسن نية من أجل تنفيذ اتفاقات مينسك"، التي تنصّ على خريطة طريق تضمن في نهاية المطاف عودة المناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا إلى سلطة حكومة كييف.

وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قال الثلاثاء، إن الانسحاب "سيكون أمرا ايجابيا"، لكنه تدارك: "إننا لم نتحقق حتى الآن" من تنفيذ ذلك، مؤكدا أن هذه القوات التي يقدر عديدها "بأكثر من 150 ألف" جندي لا تزال "في وضع يشكل تهديدا".

غوتيريش ("أ ب")

ورد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، قائلا بعد إبداء بايدن رغبة في استمرار المفاوضات، "إنه أمر إيجابي أن يشير الرئيس الأميركي أيضًا إلى استعداده بدء مفاوضات جدية".

أما وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فقد شدد على أنه "من غير المقبول" أن يواصل الغرب "العسكرة السريعة" لأوكرانيا.

وتستنكر موسكو رفض الغرب لمطالبها الرئيسية، مثل إنهاء سياسة توسيع عضوية حلف شمال الأطلسي وخاصة لتشمل أوكرانيا، وسحب البنية التحتية العسكرية للحلف من شرق أوروبا.

من جانبهم، اقترح الغربيون إجراء محادثات حول مواضيع مثل الحد من التسلح.

بايدن وشولتس يطالبان روسيا باتخاذ "خطوات حقيقية لخفض التصعيد"

في السياق، حثّ بايدن وشولتس، موسكو، على اتخاذ خطوات حقيقية لنزع فتيل التوتر، وأكدا أنه لم تتم حتى الآن ملاحظة انسحاب كبير للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية.

وجاء في بيان صادر عن المستشارية الألمانية عقب اتصال هاتفي بين الزعيمين أن "خطر حدوث عدوان عسكري آخر من جانب روسيا ضد أوكرانيا لا يزال مرتفعا، ومن الضروري توخي أقصى درجات الحذر".

وأضاف بايدن وشولتس أنه "يتعين على روسيا اتخاذ خطوات حقيقية لخفض التصعيد"، وجددا التحذير من أن أي عدوان عسكري آخر تشنه موسكو ضد أوكرانيا سيؤدي إلى "عواقب وخيمة للغاية".

وكان شولتس قد اتصل هاتفيا ببايدن لإطلاعه على نتائج محادثاته الثلاثاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو.

ورحب الزعيمان بتصريحات بوتين بأن الجهود الدبلوماسية يجب أن تستمر لحل الأزمة الأوكرانية.

جبهة جديدة؟

وبموازاة إعلان سحب جزئي لقواتها، فتحت موسكو جبهة جديدة بتصويت في البرلمان الروسي، الثلاثاء، يدعو الرئيس، فلاديمير بوتين إلى الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا. وحذر بلينكن الأربعاء من أن ذلك سيكون "انتهاكا صارخا للقانون الدولي".

وقال بلينكن في بيان إن خطوة كهذه "ستمثّل انتهاكا جسيما للقانون الدولي".

وأضاف البيان أن "الدوما الروسي صرح بأنه يخطط لإرسال مقترح للرئيس بوتين للاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المزعومتين".

جندي أوكرانيّ ("أ ب")

وتابع: "لنكن واضحين، إن موافقة الكرملين على هذا الطلب قد ترقى إلى مستوى الرفض الشامل للحكومة الروسية لالتزاماتها بموجب اتفاقيات مينسك".

وقال البيان: "كذلك إن إصدار هذا القرار (الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك) سيؤدي إلى تقويض سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، ويدعو إلى مزيد من التساؤل عن التزام روسيا المعلن بمواصلة الانخراط في الدبلوماسية لتحقيق حل سلمي لهذه الأزمة".

وأضاف أن خطوة من هذا النوع "تتطلب ردا سريعا وحازما من الولايات المتحدة بتنسيق كامل مع حلفائنا وشركائنا".

الاتحاد الأوروبيّ يبحث الخميس تطورات التوتر

ويعقد زعماء الاتحاد الأوروبي، الخميس، اجتماعا غير رسمي بشأن التوتر الروسي الأوكراني.

وأفادت وكالة "الأناضول" للأنباء، الأربعاء، بأن زعماء دول الاتحاد الأوروبي سيصلون بروكسل للمشاركة في قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.

دبابات روسية ("أ ب")

وأضافت أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي سيجتمعون فيما بينهم قبيل القمة الأوروبية الإفريقية التي ستعقد بعد الظهر.

ومن المقرر أن يستمر اجتماع القادة الأوروبيين لمدة ساعة واحدة، لمناقشة التطورات الأخيرة بعد الحشد الروسي العسكري على الحدود الأوكرانية.

خشية أميركيّة؛ الصين "مصدر قلق"

وفي سياق ذي صلة، حذّر جنرال أميركي، الأربعاء من أنّ الصين قد تستغلّ أزمة أوكرانيا وتقدم على عمل "استفزازي" في آسيا فيما تصبّ القوى الغربية تركيزها على خفض التوتّرات مع روسيا.

وقال قائد القوات الجوية الأميركية، الجنرال كينيث ويلسباخ في المحيط الهادئ، إنّ الصين انحازت إلى روسيا خلال هذه الأزمة، ما أثار تساؤلات حول نيّاتها في آسيا، بحسب ما أفادت وكالة "رويترز" للأنباء.

وأضاف "هل ستشاهد الصين ما يحدث في أوروبا... وتحاول الإقدام على شيء هنا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ؟ (مستخدما مصطلحا بديلا لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ) نعم حتما، هذا يشكل مصدر قلق".

وتابع في تصريح للصحافيين على هامش معرض سنغافورة للطيران: "لديّ مخاوف من أنّها تريد استغلال" الوضع.

وأضاف: "لن يكون مفاجئا إذا أقدمت على أمر قد يكون استفزازيا لترى ردّ فعل المجتمع الدولي".

ولفت الجنرال ويلسباخ إلى أنّه عندما أعربت بكين عن دعمها لروسيا في المواجهة مع أوكرانيا، أجرى محادثات مع فريقه و"كيانات" أخرى في المنطقة حول تداعيات ذلك.

ومن شأن قيادة الجنرال ويلسباخ التي تتّخذ في هاواي مقرا، أن تؤدّي دورا محوريا إذا اندلع صراع في المحيط الهادئ.

وقال الجنرال ويلسباخ إنّه عندما تنظر الصين إلى الأزمات، فإنها تنظر في ما إذا كانت "هذه فرصة لتحقيق مكاسب".

وعلى صلة، اتهمت الصين الولايات المتحدة "بالمبالغة في تهديد الحرب وإثارة التوتر"، وذلك بعد أن أشار بايدن إلى أن أكثر من 150 ألفا من القوات الروسية لا تزال محتشدة بالقرب من الحدود الأوكرانية بعد إعلان موسكو سحب بعض من قواتها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وين بين في إفادة دورية في بكين، الأربعاء: "مثل هذا المبالغات والتضليل الإعلامي المستمر من قِبل دول غربية سيوجد اضطرابات وحالة من عدم اليقين في عالم مليء بالصعوبات وسيزيد من التوتر والانقسام".

وأضاف "نأمل أن تضع الأطراف المعنية حدا لمثل هذه الحملات من التضليل الإعلامي، وأن تفعل المزيد لتعزيز السلام والثقة المتبادلة والتعاون".

فيما وجه قادة غربيون، بينهم رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، انتقادات للصين بسبب موقفها من أوكرانيا.

وقال وانغ وين بين: "دائما ما تعمل قيادة الدولتين، الصين وروسيا، على تطوير علاقات حسن الجوار الطويلة الأمد وعلاقات التعاون ذات المنفعة المتبادلة على أسس عدم المواجهة وعدم استهداف دول ثالثة".

اقرأ/ي أيضًا | حيرة بوتين

التعليقات