الولايات المتحدة وأوروبا "غير متفائلتين" بشأن إحياء الاتفاق النووي قريبا

أكدت إيران، اليوم الثلاثاء، أنها تعاونت "بشكل تام" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في قضية المواقع غير المعلنة، غداة تجديد المدير العام للوكالة الأممية مطالبته طهران بتوفير أجوبة بهذا الشأن.

الولايات المتحدة وأوروبا

كبير المفاوضين الإيرانيين بشأن "النووي"، علي باقري (Getty Images)

لم تتخذ الإدارة الأميركيةّ حتّى الآن، أي قرار بتعليق جهود التوصل لاتفاق نووي مع إيران، وذلك رغم تأكيد واشنطن ولأكثر من مرّة مؤخّرا، أن ردّ طهران الأخير بشأن إحياء الاتفاق؛ يمثل خطوة "إلى الوراء"، والتي شدّدت كذلك على أنها لن تسارع للانضمام إلى الاتفاق مجددا بأي ثمن. في المقابل، أكّدت طهران أنها تعاونت "بشكل تام" مع الوكالة الذرية بشأن المواقع غير المعلنة.

جاء ذلك بحسب ما أوردت "وول ستريت جورنال"، اليوم الثلاثاء، نقلا عن مسؤولين أميركيين لم تسّمهم، والذين قالوا إنّ "إدارة (الرئيس الأميركي، جو) بايدن، لم تتخذ أي قرار بتعليق جهود التوصل لاتفاق نووي مع إيران".

وتثير قضية العثور في مراحل سابقة على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع، لم تصرّح طهران بأنها شهدت أنشطة من هذا القبيل، توترا بين إيران من جهة، والوكالة ودول غربية من جهة أخرى. ويعد التجاذب بشأن هذه المسألة من نقاط التباين الأساسية في مباحثات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى الست الكبرى.

وأضاف المسؤولون أن "انشغال إدارة بايدن بالشأن المحلي الآن، لا يترك سوى القليل من الوقت للتوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران".

وأشار المسؤولون إلى أن "الولايات المتحدة وأوروبا، غير متفائلتين بشأن إحياء الاتفاق النووي، قبل انتخابات التجديد النصفيّ".

يأتي ذلك فيما قال مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع، أول من أمس الأحد، إن الاعتقاد في إسرائيل هو أنه لن يتم التوقيع على اتفاق نووي بين إيران والدول العظمى قبل الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، التي ستجري في 8 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام إسرائيلية.

وذكر المسؤول الإسرائيلي ذاته أن "إيران ليست معنية على ما يبدو بالعودة إلى الاتفاق كما هو. ونحن نواصل النضال (ضد الاتفاق) والإقناع. ونجحنا في التأثير على الولايات المتحدة بعدم تقديم تنازلات لإيران. ونشعر أن سياستنا تؤثر"، مضيفا أن الحوار الهادئ الذي تجريه إسرائيل مقابل الإدارة الأميركية تأتي بثمارها، وأن "الأميركيين يقدرون ذلك ويريدون الاستماع إلينا".

طهران: لا أساس للتصريحات بشأن وجود فجوة معلومات في برنامجنا النووي

في السياق، أكدت إيران، اليوم، أنها تعاونت "بشكل تام" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في قضية المواقع غير المعلنة، غداة تجديد المدير العام للوكالة الأممية مطالبته طهران بتوفير أجوبة بهذا الشأن.

وتعقيبا على تصريحات بشأن المواقع أدلى بها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، أمس الإثنين، قال الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، بهروز كمالوندي، إن طهران "تعاونت بشكل تام وأرسلت في هذا الخصوص ردودها على تساؤلات الوكالة الدولية، بل وعقدت اجتماعات تفاوضية لرفع الشبهات المثارة حولها".

وأكدت الوكالة الدولية في تقرير الأربعاء الماضي، أنها غير قادرة على ضمان أن "البرنامج النووي الإيراني سلميّ حصرًا" في ظل عدم تقديم طهران أجوبة مقنعة بشأن قضية المواقع.

وكرر غروسي أمس، طلبه التعاون من طهران "في أقرب فرصة ممكنة".

وقال على هامش اجتماع لمجلس محافظي الوكالة: "نريد فقط أن يتم توضيح هذا الموضوع... عثرنا على آثار يورانيوم في أماكن لم يصرّح عنها سابقا، ليس من المفترض أن تكون شهدت أي نشاط نووي، وطرحنا أسئلة".

إلا أن كمالوندي رأى أن رصد آثار لمواد لا يعني وجود نشاط غير معلن.

وقال الناطق باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إنه "لا أساس لتصريحات غروسي حول وجود فجوة معلومات في برنامجنا النووي".

وذكر أنه "لا يمكن التعويل على مشاهدة تلوث في عدد من المناطق (المواقع) للجزم بوجود مواد نووية لم يتم الكشف عنها"، معتبرا أن الجزم بين الأمرين "يتعارض والمعايير المتعارف عليها لدى الوكالة الدولية".

وقال كمالوندي إن "خفض الالتزامات شمل فقط تعهدات إيران في الاتفاق النووي"، مضيفا: "سنتراجع عن خفض الالتزامات، إذا رفعت العقوبات والتزم الكل بتعهداتهم".

وأتاح اتفاق 2015 المبرم بين طهران وست قوى دولية هي واشنطن، وباريس، ولندن، وموسكو، وبكين، وبرلين، رفع عقوبات عن طهران، لقاء خفْض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجيا عن معظم التزاماتها.

وبدأت إيران وأطراف الاتفاق، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، مباحثات لإحيائه في نيسان/ أبريل 2021، تم تعليقها أكثر من مرة مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران.

وبعد استئناف المباحثات مطلع آب/ أغسطس، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه طرح على واشنطن وطهران صيغة تسوية "نهائية". وقدّمت طهران للاتحاد الأوروبي مقترحاتها على النص، وردّت عليها واشنطن في 24 من الشهر ذاته.

وفي الأول من أيلول/ سبتمبر، أكدت الولايات المتحدة تلقّيها ردا إيرانيا جديدا، معتبرة على لسان متحدث باسم وزارة خارجيتها أنه "غير بنّاء".

وينتقد الغربيون طلب إيران، قبل أن تتم إعادة تفعيل الاتفاق، إغلاق ملف المواقع غير المعلنة، داعين طهران للتعاون مع الوكالة لانهاء المسألة.

من جهتها، تعتبر طهران القضية "مسيّسة" وتريد طيّها قبل تفعيل الاتفاق النووي بشكل كامل.

واتخذ مجلس محافظي الوكالة في حزيران/ يونيو قرارا ينتقد إيران لعدم تعاونها، ردت عليه طهران بوقف العمل بعدد من كاميرات المراقبة العائدة للوكالة في بعض منشآتها.

التعليقات