مظاهرة ضدّ غلاء المعيشة في باريس على خلفية نقص في المحروقات

نظّمت المسيرة بدعم من جمعيات واتحادات نقابية احتجاجا على غلاء المعيشة، والتقاعس في مجال المناخ، ونحو الساعة 16,00 بلغ عدد المشاركين فيها 140 ألف شخص وفق المنظمين، و30 ألف شخص وفق الشرطة

مظاهرة ضدّ غلاء المعيشة في باريس على خلفية نقص في المحروقات

عناصر الأمن الفرنسي أمام المتظاهرين (Getty Images)

تظاهر آلاف الأشخاص، اليوم الأحد، في باريس، بدعوة من اليسار المعارض للرئيس إيمانويل ماكرون، والذي يأمل المساهمة في "بناء جبهة شعبية جديدة" في فرنسا، على خلفية شحّ في الوقود من جراء إضراب.

ونظّمت المسيرة بدعم من جمعيات واتحادات نقابية احتجاجا على غلاء المعيشة، والتقاعس في مجال المناخ، ونحو الساعة 16,00 بلغ عدد المشاركين فيها 140 ألف شخص وفق المنظمين، و30 ألف شخص وفق الشرطة، و29 ألفا و500 شخص وفق تعداد أجراه مركز "أوكورانس" لعدد من الوسائل الإعلامية.

ووسط الحشود، قال زعيم حزب "فرنسا المتمردة" اليساري، جان لوك ميلانشون، إنه "التجمّع الكبير، نحن من بدأناه بهذه المسيرة التي تكلّلت بنجاح كبير"، مشيرا إلى "تشكيل جبهة شعبية جديدة ستتولى السلطة في البلاد عندما يحين الوقت".

وكان تحالف الجبهة الشعبية اليساري الذي وصل إلى السلطة في العام 1936، قد دخل التاريخ لإقراره زيادات كبيرة للرواتب وأولى الإجازات المدفوعة الأجر.

جانب من المظاهرة (Getty Images)

ودافع ميلانشون عن طرح "الإضراب العام" المقرر الثلاثاء، مشيرا إلى دعوات أطلقت في هذا الاتجاه، خصوصا في قطاع النقل والوظائف العامة.

واعتبر ميلانشون أن "قوة مسيرتنا تشكل دعما لتعبئة الموظفين، خصوصا تلك التي ستنظم" الثلاثاء، مشددا على وجوب النظر إلى ما يحصل "ككل حيث يتآزر ويتساعد الجميع".

وشارك في المسيرة ممثلون لكل الأحزاب اليسارية، ولا سيما آني إرنو حائزة جائزة نوبل للأدب.

من جهته، قال الرجل الثاني في الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، إن "الرسالة واضحة: نريد توزيعا أفصل للثروات".

وقال كريستوف سافيدان (47 عاما) العاطل عن العمل منذ خمس سنوات، والناشط في حزب فرنسا المتمردة: "حان وقت الاستفاقة"، مضيفا: "نحن نسدد ضرائب لا نعرف لماذا، كل شيء يتبخر. المنطق يفترض أن تتّحد النضالات".

وشارك في المسيرة عدد كبير من نشطاء "السترات الصفراء" والمتقاعدين، وقد اعتمر كثر قبعات فريجية (قبعات الحرية) على وقع الأناشيد وحتى موسيقى "ستار وورز" (حرب النجوم).

وحتى العصر لم تسجّل خلال التظاهرة صدامات خطيرة، إلا أن واجهات زجاجية تعرّضت للتكسير على هامشها، كما سجّلت مواجهات.

وقد تدخّلت قوات الأمن مرارا، مستخدمة الغاز المسيل للدموع، بعد تعرّض عناصرها للرشق بمقذوفات. كما عمد ملثّمون إلى سرقة فرعي مصرفين.

وقبل خطاب مرتقب مساء لرئيسة الوزراء، إليزابيت بورن، وجه وزير الحسابات العامة، غابريال أتال، انتقادات إلى "مسيرة لمؤيدي عرقلة البلاد"، في إشارة إلى الإضراب في مصافي ومستودعات شركة "توتال إينرجيز" الذي بدأ قبل نحو ثلاثة أسابيع، مما أدى إلى نقص في الوقود يؤثر على العديد من قطاعات النشاط الاقتصادي.

وفي المجموع، اعتبر 27,3 بالمئة من محطات الوقود "في وضع صعب"، أي تأثرت بانقطاع مادة واحدة من المنتجات، كما قالت الحكومة، في ما يعد تحسنا طفيفا مقارنة باليوم السابق (28,5 بالمئة). ولكن في منطقة إيل دو فرانس هذا المعدل أكبر بكثير ويبلغ 39,9 بالمئة أي أعلى بنحو ثلاث نقاط مئوية.

بالإضافة إلى سائقي السيارات، ولا سيما العاملين في القطاع الصحي الذين واصلوا سعيهم للحصول على الوقود في جميع أنحاء فرنسا في نهاية هذا الأسبوع، يخشى عدد كبير من المزارعين ألا يتمكنوا من زرع الحبوب الشتوية في الوقت المحدد بسبب نقص الوقود خصوصا في شمال البلاد.

(Getty Images)

وتم التوصل إلى اتفاق بشأن زيادة الأجور ليل الخميس - الجمعة، مع اتحادين يمثلان أغلبية العمال هما "الاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمل" (سي إف دي تي) و"الاتحاد العام للأطر-الاتحاد العام للكوادر" (سي إف أو-سي جي سي).

وينص الاتفاق على زيادة شاملة في الأجور بنسبة 7 بالمئة، من بينها خمسة بالمئة للجميع والباقي قد يختلف من شخص إلى آخر. كما ينص على مكافأة قدرها راتب شهر واحد يبلغ في الحد الأدنى ثلاثة آلاف يورو وعلى الأكثر ستة آلاف يورو. لكن الاتحاد العام للعمال يواصل المطالبة بنسبة عشرة بالمئة مقابل "التضخم إلى جانب تقاسم" الأرباح التي حققتها شركة النفط، وبلغت 5,7 مليارات دولار، للفصل الثاني وحده من العام.

وانتقد أتال استمرار الإضراب في المجموعة النفطية على الرغم من اتفاق يشمل الأغلبية. فقد أكد في مقابلة مع قنوات "أوروبا1" و"سي نيوز" و"ليزيكو"، أن "حق الإضراب موجود بالتأكيد، لكن في لحظة ما يجب أن تبقى البلاد قادرة على العمل".

وقال رئيس جمعية أصحاب العمل الفرنسية، جوفروا رو دو بيزيو إنّ "هذا ليس إضرابا عاديا، الحق في الإضراب له حدود"، معتبرا أن "150 شخصا يعملون في المصافي يأخذون الفرنسيين رهينة".

ويعتزم الاتحاد العام للعمال مواصلة تحركه حتى الثلاثاء، يوم "التعبئة والإضراب" لمختلف القطاعات الذي دعت إليه أيضا نقابات "القوى العاملة" و"متضامنون" و"الفدرالية النقابية المتحدة".

وخلال مشاركته في التظاهرة، قال جاك مونتل وهو متقاعد كان موظفا في قطاع السكك الحديد: "إنها المرحلة الأولى اليوم، أعتقد أن التحرك سيكون قويا الثلاثاء"، مرجّحا أن يستمر التحرّك بعد يوم الثلاثاء.

التعليقات