طهران تعتبره "قرارا سياسيا" ودعوات لإطلاق سراحها: هل تفرج إيران عن محمدي؟

مما يذكر أن محمدي مسجونة هذه المرة منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2021. ولم تر أولادها الذين يعيشون في فرنسا مع زوجها، منذ ثماني سنوات.

طهران تعتبره

السجينة الإيرانية محمدي الحائزة على جائزة نوبل للسلام (أ ب)

اعتبرت إيران الجمعة أن منح الناشطة الإيرانية المسجونة، نرجس محمدي، جائزة نوبل للسلام قرار "متحيّز وسياسي"، فيما تتوالى الدعوات المطالبة طهران بالإفراج الفوري عنها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في بيان "نلاحظ أن لجنة نوبل منحت جائزة السلام لشخص أدين بانتهاكات متكررة للقوانين وبأعمال إجرامية"، مضيفًا "ندين هذه الخطوة المتحيزة والسياسية".

ودعا الرئيس الأميركي، جو بايدن، إيران إلى الإفراج "الفوري" عن محمدي، مشيدا بـ"شجاعتها التي لا تتزعزع" بعدما منحت جائزة نوبل للسلام.

وقال بايدن في بيان "هذه الجائزة اعتراف بأن العالم لا يزال يسمع صوت نرجس محمدي الصارخ الداعي إلى الحرية والمساواة"، مضيفا "أحض حكومة إيران على الإفراج الفوري عنها وعن زملائها المدافعين عن المساواة الجندرية".

من هي نرجس محمدي؟

يأتي منح محمدي الجائزة عقب موجة احتجاجات شهدتها إيران إثر وفاة الشاب الإيرانية الكردية، مهسا أميني، قبل عام، وذلك بعد أيام من توقيفها من قبل الشرطة لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة.

وسجنت محمدي، الناشطة والصحافية البالغة 51 عاما، عدة مرات في العقدين الماضيين على خلفية حملتها ضد إلزامية الحجاب ورفضا لعقوبة الإعدام.

ومحمدي هي نائبة رئيس "مركز الدفاع عن حقوق الإنسان في إيران" الذي أسسته المحامية في مجال حقوق الإنسان، شيرين عبادي، وهي بدورها حائزة جائزة نوبل للسلام عام 2003.

مما يذكر أن محمدي مسجونة هذه المرة منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2021. ولم تر أولادها الذين يعيشون في فرنسا مع زوجها، منذ ثماني سنوات.

دعوات لإطلاق سراحها

ودعت رئيسة لجنة نوبل، النرويجية بيريت رايس أندريس، إيران إلى الإفراج عن محمدي، وكررت الأمم المتحدة الدعوة على الفور.

وقالت رايس أندرس: "أناشد إيران: افعلوا شيئا كريما وأطلقوا سراح الفائزة بنوبل نرجس محمدي".

وأضافت مقتبسة من إعلان اللجنة "كفاحها الشجاع كانت له تكلفة شخصية كبيرة. في الإجمال اعتقلها النظام 13 مرة، ودانها 5 مرات وحكم عليها في المجموع بالسجن 31 عاما و154 جلدة".

رئيسة لجنة نوبل، أندريس (Gettyimages)

وفي حديث للصحافيين عقب الإعلان دعت لإطلاق سراح محمدي. وقالت "إذا أرادت السلطات الإيرانية اتخاذ القرار الصحيح، فستطلق سراحها. يمكنها حينئذ الحضور لتلقي هذا التكريم، وهو ما نأمله في المقام الأول".

وتعقيبًا على منح الجائزة، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان إن منح الجائزة لمحمدي "تكريم لجميع النساء المكافحات من أجل حقوقهن على حساب تعريض حرياتهن وسلامتهن بل حتى أرواحهن للخطر".

بدورها قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، إن الجائزة "تعترف بالنضال الشجاع والنبيل للنساء الإيرانيات اللاتي يتحدين القمع".

رسالة محمدي من السجن

وفي رسالة إلى وكالة "فرانس برس" الشهر الماضي من سجنها قالت محمدي إن الاحتجاجات الأخيرة في إيران "سرّعت عملية تحقيق الديمقراطية والحرية والمساواة في إيران"، عملية باتت الآن "لا رجعة فيها".

وقد قامت مع ثلاث نساء أخريات في سجن إوين بإحراق حجابهن في الذكرى السنوية لوفاة أميني في 16 أيلول/سبتمبر.

وتحتل إيران المرتبة 143 من بين 146 دولة على ترتيب المساواة الجندرية للمنتدى الاقتصادي العالمي.

من اليمين: ابن وزوج السجينة محمدي (Gettyimages)

وقمعت السلطات الإيرانية بشدة التظاهرات التي رفعت شعار "امرأة حياة حرية". وقُتل خلالها ما مجموعه 551 متظاهرا بينهم 68 طفلا و49 امرأة بحسب منظمة "حقوق الإنسان في إيران" واعتُقل آلاف آخرون.

وتراجعت التحركات أواخر العام الماضي. ورغم ذلك، مهّدت الاحتجاجات لاختلاف يبدو جليا في بعض أنحاء طهران والمدن الكبرى، وهو تخلّي العديد من النساء عن الحجاب الإلزامي أو وضع غطاء للرأس في الأماكن العامة.

في مقابل هذه الممارسات الاعتراضية، عمدت السلطات إلى تشديد لهجتها وإجراءاتها من خلال الإعلان عن قيود إضافية لضبط الالتزام بوضع الحجاب، تمثل استخدام كاميرات مراقبة في الشوارع، وتوقيف ممثلات شهيرات لظهورهن من دون حجاب.

في أيلول/سبتمبر تبنى البرلمان الإيراني الذي يهيمن عليه المحافظون قانونا يشدد العقوبة بحق النساء اللواتي يرفضن وضع الحجاب.

عائلة محمدي: "لحظة مهمة للنضال من أجل الحرية بإيران"

وقالت عائلة نرجس محمدي في رسالة خطية الجمعة إن منحها الجائزة يمثل "لحظة تاريخية ومهمة للنضال من أجل الحرية في إيران".

وإذ تعتبرها منظمة العفو الدولية "سجينة رأي" قالت محمدي في الرسالة إن "ليس لديها أي أمل في الحرية".

وتعتبر محمدي ثاني إيرانية تفوز بجائزة نوبل للسلام التي تأتي في الذكرى العشرين لمنح الجائزة للمحامية في مجال حقوق الإنسان شيرين عبادي مكافأة لها على "جهودها من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" وخصوصا للنساء والأطفال.

في العام 2003 تحدت عبادي المحافظين برفض وضع الحجاب عندما تسلمت جائزتها في أوسلو.

وستكون لجائزة هذا العام رمزية أيضا إذ تتزامن مع الذكرى الـ75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وإذا بقيت خلف القضبان لن تتمكن محمدي من المجيء إلى أوسلو لتسلم الجائزة التي تشمل شهادة وميدالية ذهبية ومليون دولار، في الحفل السنوي لتوزيع الجوائز في 10 كانون الأول/ديسمبر.

وسبق أن كافأت جائزة نوبل مرات عدة نشطاء في السجن، من بينهم العام الماضي البيلاروسي أليس بيالياتسكي الذي تسلمت زوجته الجائزة نيابة عنه، والمعارض الصيني ليو تشايوبو في 2010 الذي بقي مقعده خاليا.

التعليقات