"جغرافيا جديدة في المواجهة": ما هي أبعاد استهداف القوّات الأميركيّة في الأردن؟

ذكر محلّل عسكريّ أن "الاشتباك الأميركي مع هذه الجماعات المدعومة إيرانيا مستمرة، وأتوقع أن الولايات المتحدة الأميركية ستكون مضطرة للرد في العراق وسورية، وأستبعد استهداف إيران".

جنود أردنيون قرب الحدود مع سورية (Getty Images)

في وقت ينفي أصحاب الأرض أي استهداف لهم، تصرّ الولايات المتحدة على أن الهجوم الذي قتل عددا من قواتها على الحدود الأردنية - السورية، الأحد، كان داخل الأردن، ما يثير لبسا حول اختلاف الروايتين بين الحليفين.

عمان أكدت في بيان حكومي أن الاستهداف كان على قاعدة التنف، والتي تبعد عن أراضي المملكة نحو 24 كيلو مترا، فيما تقول الولايات المتحدة إن الهجمات استهدفت قاعدة البرج T22، المتواجدة في الشمال الشرقي للبلاد.

أمن الأردن وسيادته

وتعليقا على اختلاف الروايتين، اعتبر المحلل العسكري اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار، في حديثه، أن "الحديث عن أنها داخل أراضي المملكة، يعني أننا مضطرين للرد، كونه تعدي على السيادة، لذلك عمان أكثر دقة في تحديد الموقع".

وذكر أن "الاشتباك الأميركي مع هذه الجماعات المدعومة إيرانيا مستمرة، وأتوقع أن الولايات المتحدة الأميركية ستكون مضطرة للرد في العراق وسورية، وأستبعد استهداف إيران".

دوريّة عسكريّة أردنية على الحدود مع سورية (Getty Images)

وأشار إلى أن "البرج الذي تتحدث عنه واشنطن قريب من الحدود الأردنية بشكل كبير، وهو في محيط قاعدة التنف التي تمتد لمساحة 55 كيلو مترا، وتبعد عن المملكة 24 كيلو مترا".

وعدَّ أن الهدف من هذه الضربات، "هو الضغط على واشنطن للخروج من المنطقة، ولكنها لن تفعل".

وأوضح أن "الولايات المتحدة تريد أن تعطي الضربة بعدا مستقبليا، وذكرت الأردن كونه حليفها، وتريد أن تعطي امتدادا لأي ردع قادم ضد الإيرانيين، وبالتالي حماية نفوذها ومجالها الحيوي".

وأكد أن "عدم رصدها وإسقاطها فشل أميركي، لكن طبيعة هذه المسيّرات أنها تصل أهدافها، ورجّح أن تكون من العراق وليست من سورية".

وشدّد في ختام حديثه، على أن "الأردن يعتمد في قراءاته على أمنه القومي في مواقفه وإجراءاته، لذلك أنا مع ما أصدرته عمان بشأن موقع الهجوم".

جغرافيا جديدة للمواجهة

فيما أكد المحلل السياسي عامر السبايلة، أنه "يجب النظر أن استهداف القوات الأميركية أخذ بعدا غير تقليدي، وسيدفع واشنطن للرد بطريقة أيضا غير تقليدية".

جنديان أردنيان على الحدود مع سورية (Getty Images)

وأضاف أن "استهداف الأردن يعني أن هناك جغرافيا جديدة في المواجهة، وهذا سيأخذنا نحو تصعيد جديد؛ بسبب وقوع قتلى من الجيش الأميركي".

ورأى السبايلة أن "الولايات المتحدة ستضطر للرد، لا سيما مع وجود حملات انتخابية، وما حدث أفضل مادة للجمهوريين لتبيان ضعف الديمقراطيين بقيادة بايدن".

وتابع: "هذا سيدفع لرد حازم في عدة مناطق، ويتطلب من الأردن رفع سوية جاهزيته باعتبار أن الحادث يشير إلى أن الجغرافيا توسعت، ولم يعد استهداف الأميركيين في سورية والعراق" فحسب.

وكان الأردن قد تتدرج في تصريحاته، التي اقتصرها على لسان متحدث الحكومة، مهند المبيضين، حيث نفى في البداية أنها داخل أراضي المملكة، ثم قال إن القوات الأميركية تتواجد على الحدود ضمن اتفاق بين الجانبين، ثم ذكر أنهم يتواجدون للتعاون في حماية حدود البلاد من خطر الإرهاب والتهريب.

الرئيس الأميركي، جو بايدن (Getty Images)

بينما أعلنت الولايات المتحدة منذ اللحظة الأولى أن الهجمات على قواتها كان داخل الأراضي الأردنية، واستمرت في تأكيد ذلك.

ويرى مراقبون أن الرواية الأردنية انطلقت في البداية بالاعتماد على قرب المسافة بين التنف والبرج، لذلك سارعت عمّان إلى نفي أن يكون الهجوم داخل أراضيها.

ويرتبط الأردن والولايات المتحدة بتعاون عسكري وثيق، وقد وقّع البلدان عام 2021 اتفاقية تعاون دفاعي، يوفر الأردن من خلالها أماكن حصرية للقوات الأميركية تشمل 15 موقعا، وهذه الأماكن يتحكم الجانب الأميركي بالدخول إليها، ويجوز لهذه القوات حيازة وحمل الأسلحة في الأراضي الأردنية أثناء تأديتها مهامها الرسمية.

غزة هي الدافع

وفي وقت سابق الأحد، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في بيان، مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة 25 آخرين في هجوم بطائرة مسيرة ضرب قاعدة في شمال شرق الأردن، بالقرب من الحدود مع سورية.

وذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية أن الأميركيين القتلى كانوا في "البرج 22" في الأردن قرب الحدود مع سورية، وتمثل عملية قتلهم تصعيدا كبيرا للوضع في الشرق الأوسط.

ويعد الهجوم الأخير على قوات أميركية في الأردن الأول من نوعه منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، والأول الذي يُسفر عن سقوط قتلى أميركيين.

أما الأردن فمن جانبه، نفى أن تكون الهجمات على القوات الأميركية وقعت داخل أراضيه.

وقال على لسان متحدث الحكومة الأردنية مهند المبيضين في بيان سابق، إن "الهجوم استهدف قاعدة التنف في سورية".

صورة ضخمة للقادة الإيرانيين في شارع بطهران (Getty Images)

وقالت "حزب الله" في العراق في بيان، أن مقاتليها "هاجموا بواسطة الطائرات المسيّرة، أربع قواعد للأعداء، ثلاث منها في سورية، وهي قاعدة الشدادي، قاعدة الركبان، وقاعدة التنف، والرابعة داخل أراضينا الفلسطينية المحتلة، وهي منشأة ’زفولون’ البحرية".

وتعلن الجماعة التي تضم قوات موالية لإيران، أنها تهاجم بشكل متكرر القواعد التي تتمركز فيها القوات الأميركية، وقوات التحالف "ردا على الهجمات في غزة".

ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حربا مدمرة على غزة، خلفت حتى الأحد 26 ألفا و422 شهيدا و65 ألفا و87 مصابا، معظمهم أطفال ونساء،، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.

التعليقات