تردي الأوضاع يهيمن على اختيارات المصريين في انتخابات الرئاسة

فتح الرجل الذي يرتدي ملابس رثة ويجلس القرفصاء في شارع بوسط القاهرة عينيه وسرت فيه قوة لم تكن بادية عليه وقال "طبعا حاروح انتخب السيسي رئيسي."

تردي الأوضاع يهيمن على اختيارات المصريين في انتخابات الرئاسة

فتح الرجل الذي يرتدي ملابس رثة ويجلس القرفصاء في شارع بوسط القاهرة عينيه وسرت فيه قوة لم تكن بادية عليه وقال "طبعا حاروح انتخب السيسي رئيسي."

    وأضاف الرجل "السيسي حيعمل كل خير إن شاء الله. هو عارف حيعمل إيه. أنا واثق فيه وفي ربنا."

    ثم أغمض الرجل (61 عاما) عينيه وانكمش لتعود إليه علامات الضعف وراح يمد يده طالبا الإحسان من المارة في شارع قصر النيل أحد أشهر شوارع وسط القاهرة.

    من يقولون إنهم سينتخبون قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر كثيرون ومن فئات وطبقات اجتماعية متنوعة.

    وللسياسي اليساري حمدين صباحي المنافس الوحيد للسيسي مؤيدوه المتحمسون أيضا. لكن الاضطراب السياسي الذي تمر به مصر منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في انتفاضة 2011 يربك المصريين بمن فيهم بعض مؤيدي السيسي وصباحي.

   الطالب الجامعي نادر جلال من محافظة كفر الشيخ في دلتا النيل ممن يعتبرون صباحي الذي كان معارضا لمبارك وللرئيس الراحل أنور السادات قبله قائدا للانتفاضة.

    قال "إذا لم ينجح حمدين سأصاب بالإحباط وأتوقف عن العمل بالسياسة لأنه مش حيكون فيه سياسة."

    أما  إيهاب حامد الذي كان يجول ببصره مترقبا أي مشتر لأحد أجهزة (الريموت كونترول) التي عرضها فوق لوح خشبي بجوار بنك فأجاب دون تردد عندما سئل أي المرشحين سيصوت له..  "لا دا ولا دا."

    وأضاف "انت تدخل على النت تقرا ان السيسي غلطان. تسمع التلفزيون تلاقي صباحي غلطان. أنا حتى مش عارف الصح من الغلط."

وكان يشير إلى الهجمات الدعائية على السيسي الذي ترك قيادة الجيش في مارس آذار ليتمكن من خوض الانتخابات وعلى صباحي الذي جاء ثالثا في انتخابات 2012.

    ستجرى الانتخابات داخل البلاد يومي الاثنين والثلاثاء وأدلى المصريون في الخارج بأصواتهم قبل عشرة أيام وعلى مدى خمسة أيام.

    حامد الذي يبلغ من العمر 50 عاما واحد من ناخبين يواجهون صعوبة في الاختيار أو لديهم عزوف عنه.

    من هؤلاء المصرفي إيهاب العربي الذي كان يقف على مرمى حجر من ميدان التحرير مهد الانتفاضة. قال "مش حانزل لأني مش مقتنع. لما أحس انه فيه سيناريو جديد حانزل." وأضاف "حاسس اننا بقالنا 3 سنين السيناريو هو هو مش بيتغير. اللي هما عايزينه بيحصل."

    وكان يشير إلى مجلس الشعب الذي انتخب أواخر 2011 وأوائل 2012 وحله المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحكم من المحكمة الدستورية العليا في 2012 وقت أن كان المجلس العسكري يدير شؤون البلاد. كما كان يشير إلى مجلس الشورى الذي انتخب عام 2012 وحله الرئيس المؤقت عدلي منصور بعد عزل مرسي وإلى الاستفتاء على الدستور الذي وضعته جمعية تأسيسية غلب عليها الإسلاميون في 2012 لكن الحكومة المؤقتة عدلته أواخر العام الماضي ومررت التعديلات في استفتاء جديد.

    وفي مواجهة مثل هذه الانتقادات شدد السيسي الذي نال شعبية بعد أن أطاح بمرسي في الثالث من يوليو تموز على أن الجيش لن يحكم إذا انتخب.  وقال أيضا إن المصريين استدعوه عبر مظاهرات تأييد ليرشح نفسه بعد أن رأوا فيه مخلصا لهم من أزمة سياسية طاحنة خلال رئاسة مرسي التي استمرت عاما.

    قال حامد وهو يعيد رص أجهزة الريموت كونترول  "مش كان الأفضل ان السيسي يفضل وزير دفاع وتبقى عينه على اللي ماسك (المنصب الرئاسي)؟"

    وأضاف "البلد محتاجة حد يمشيها مش حد طرف في مشاكل كبيرة فيها. انا سمعت ناس كتير بتقول كدا."

    من جانبها  قالت لبنى النجار (26 عاما) وهي طالبة دكتوراه من قرية العدلية بمحافظة الشرقية شمال شرقي القاهرة لدى سؤالها من ستنتخب "السيسي طبعا. كل أسرتي وأغلب سكان قريتي حينتخبوه. ربع الناخبين فقط إخوان (مسلمون) وسيقاطعون الانتخابات."

    وأضافت "السيسي شخصية قوية مطلوبة لمصر. يكفي أنه خلصنا من الإخوان وصار هناك دستور جديد للبلد." وكانت تشير إلى إعلان السيسي عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان في يوليو تموز الماضي بعد احتجاجات حاشدة تطالب بتنحيته.

   وهناك مصريون يثيرون الشكوك في ديمقراطية الانتخابات متحدثين عما يقولون إنها ضغوط مورست لكيلا يظهر مرشحون ينافسون السيسي (59 عاما). ويقول المتشككون إن ترشح صباحي هو فقط لإضفاء الديمقراطية والشرعية على انتخاب السيسي لكن الحكومة المؤقتة وصباحي ينفيان ذلك.

    قالت علا حسن (30 عاما) وهي مدرسة تعمل في مدينة الإسكندرية الساحلية "لن انتخب أحدا طبعا. هذه مسرحية. حمدين يعرف أنها مسرحية وبذلك لا يصلح رئيسا.    "وإذا كان لا يعرف فلن أنتخبه أيضا لأن البلد لا تتحمل فكرا اشتراكيا مرة ثانية مثل أيام عبد الناصر. أنا عايزة نظام اقتصادي مختلط فيه قطاع خاص وشركات مملوكة للدولة."

     ويتخوف مصريون من أن تعود مصر لممارسات حدثت في عهد مبارك الذي استمر 30 عاما منها أن المقربين من الحكومة حققوا ثراء واسعا وأن الملايين سقطوا في الفقر وأن أجهزة أمنية ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان كانت من أبرز أسباب الانتفاضة.

ويقول مؤيدو السيسي إن مرشحهم سيتخذ قرارات حاسمة لإنهاء الاضطراب السياسي والتدهور الاقتصادي والمشاكل الأمنية وسيحارب الفساد.

    قال سيد عبد الرحمن (55 عاما) ويعمل إداريا بمدرسة في محافظة سوهاج بجنوب مصر "سأنتخب السيسي. عايزين البلد تبقى هادية وكويسة ونخلص من المشاكل اللي احنا فيها."

    وأضاف "أهم شيء الآن أن ينجح السيسي. ليس مهما أن الشباب لن ينتخبوا أو أن الإخوان أو غيرهم سيقاطعون."

    لكن هناك مؤيدين للسيسي لا يقدمون له شيكا على بياض.

    قال مرزوق حجازي (47 عاما) ويعمل سائقا "حانتخب السيسي. لكن لو محلش مشاكل مصر حيبقى برا (خارج الحكم) زي غيره (مبارك ومرسي)."

    وسأل "شايف ميدان التحرير اللي ورانا دا؟" ثم أجاب "ممكن في يوم من الأيام تلاقيه مليان متظاهرين تاني."

    في المقابل قال أحمد طه النقر عضو مجلس أمناء التيار الشعبي الذي أسسه صباحي بعد انتخابات 2012 "صباحي هو المرشح القادر على تحقيق أهداف ثورة 25 يناير (2011) وموجتها في 30 يونيو (2013) متمثلة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية للمصريين."

    وأضاف "أرى أن حمدين صباحي هو القادر على محاربة الفساد. رموز نظام مبارك ظهرت بجانب السيسي."

    وسط هذا الاضطراب الذي يربك اختيارات الناخبين قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة إن مصر لا تزال في مرحلة انتقالية متعددة الحلقات بعد الانتفاضة.

    وأضاف "نتخبط وننتقل من مرحلة انتقالية إلى أخرى. مررنا بمرحلة انتقالية أولى (الإدارة العسكرية لشؤون البلاد) وثانية (حكم الإخوان المسلمين) وثالثة (بعد عزل مرسي) وأخشى أن ننتقل إلى مرحلة انتقالية رابعة بعد انتخابات الرئاسة إذا لم يتحقق الاستقرار."

    وفسر الفقيه الدستوري والمحلل السياسي محمد نور فرحات وجود مرشحين اثنين مما ضيق مجال الاختيار أمام الناخبين بأن من عندهم استعداد للترشح أدركوا "التوجه الشعبي العارم لانتخاب السيسي تحقيقا للاستقرار فأحجموا عن الترشح."

    لكنه قال ردا على سؤال عما إذا  كان يتوقع تحقيق الاستقرار بعد انتخابات الرئاسة "نرجو هذا."

 

التعليقات