نكبة فلسطين... بين مئوية بلفور ومسيرة العودة

اختتم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مساء اليوم الإثنين، اليوم الثالث من فعاليات مؤتمر "سبعون عاما على نكبة فلسطين... الذاكرة والتاريخ"، والذي عُقد في العاصمة القطرية الدوحة، حيث خُصِّصتْ جلسات اليوم الثالث للمؤتمر؛ لتصريح بلفور وتداعياته على الشعب الفلسطيني والشرق

نكبة فلسطين... بين مئوية بلفور ومسيرة العودة

اختتم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مساء اليوم الإثنين، اليوم الثالث من فعاليات مؤتمر "سبعون عاما على نكبة فلسطين... الذاكرة والتاريخ"، والذي عُقد في العاصمة القطرية الدوحة، حيث خُصِّصتْ جلسات اليوم الثالث للمؤتمر؛ لتصريح بلفور وتداعياته على الشعب الفلسطيني والشرق الأوسط، ودوره بالتأسيس للمشروع الصهيوني في فلسطين التاريخية.

وتحت عنوان "وعد بلفور: وجهات نظر عربية ودولية"، عُقِدتْ الجلسة الثالثة التي أدارها الأستاذ ناصر سعيدوني، وشكَّلتْ مداخلة لورقة بحثية بعنوان "أثر وعد بلفور في هجرة الفلسطينيين من وطنهم والموقف الدولي"، وهي الورقة التي أعدّها الأستاذ عبد القادر القحطاني، فيما تطرق الأستاذ فتحي تيسير في مداخلته إلى الحركة العربية بالمشرق ووعد بلفور حتى عام ١٩٢٠، بينما تناول الأستاذ محمد حاتمي في مجمل عرضه البحثي؛ الطرح الإسرائيلي لمشروعيّةِ وعد بلفور وشرعيته، واستعرض كذلك قراءتي المؤرخين الكلاسيكيين والمؤرخين الجدد.

الجلسة التلخيصية لفعاليات اليوم الثالث للمؤتمر والتي أدارها الأستاذ جامع بيضا، أتت بعنوان " السياق التاريخي لوعد بلفور"، حيث ناقشت إشكالية الحقوق المدنية في الانتداب: مسألة الأرض نموذجا، والتي تناولها الأستاذ منير فخر الدين، فيما سلط الأستاذ هادي جلاب، الضوء في مداخلته، على وعد بلفور في سياق النشاط الصهيوني بتونس بين الأعوام ١٩١٧ و ١٩١٩، بينما خلصت آيات حمدان إلى تعبئة الماضي: مئوية بلفور ومسيرة العودة.

وعن تعبئة الماضي ومئوية بلفور ومسيرة العودة، سعت الباحثة في المركز العربي للابحاث والدراسات العليا، آيات حمدان، دراسة وعد بلفور والنكبة بوصفهما حدثين مؤسسين في الذاكرة الفلسطينية، وكيفية تحول ذكرى إحيائها إلى نماذج للتعبئة والاحتجاج في الوقت الحالي في محاولة لرفع الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني نتيجة لهذين الحدثين، وذاك من خلال التركيز على نموذجين؛ مئوية وعد بلفور ومسيرة العودة على حدود غزة.

وعملتْ الباحثة على تحليل هذين النموذجين من خلال الاستناد إلى نظرية "الأحداث التحويلية"، التي تُعرف بكونها لحظات مركزة في الإبداع السياسي والثقافي عندما يتم إعادة صياغة منطق التطور التاريخي من خلال العمل البشري، ولكن حمدان تقول: "لا يتم إلغاؤه بأي حال من الأحوال".

وأضافتْ حمدان: "كانت عملية إحياء هذين الحدثين طابعا فلكلوريا وبالأخص حدث النكبة، وذلك نتيجة الخطاب الرسمي الفلسطيني الذي بدأ بالانزياح في الرواية التاريخية الفلسطينية وتأسيسها في إطار الاحتلال ١٩٦٧، بما يخدم حل الدولتين وما يسمى بعملية التسوية".

وأوضحت أنه بدلا من أن تؤسس المؤسسة الرسمية الفلسطينية لذاكرة اقتلاع وغبن تاريخي لَحِقَ بسكان البلاد الأصليين، فقد عززت ذاكرة الفلكلور التي تتغنى بالقرية المسلوبة وقيمها في مقتبل قيم الحداثة المدينية، والتي أنتجت على هوامش المدن العربية ضمن تجربة اللجوء كما يوصفها الدكتور عزمي بشارة.

كما عملت هذه الذاكرة من خلال تشييد "أماكن للذاكرة" كالمتحف الفلسطيني فإمكان الذاكرة كما يقول بشارة: "تعبير عن فقدانها كذاكرة جماعية.. لقد تشيأت الذاكرة في المكان، وصار يعاد إنتاجها طقسيا".

من جانبه، استعرض أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة قطر، عبد القادر القحطاني، في مداخلته إثر وعد بلفور في هجرة الفلسطينيين من وطنهم وموقف الدول.

ووضع وعد بلفور ضمن سياقات مسؤولية بريطانيا في ضياع فلسطين، ومسؤولية الأمم المتحدة عن القضية الفلسطينية، والموقف العربي في القضية الفلسطينية.

وللتركيز على مسؤولية بريطانيا، طرح مدير برنامج الماجستير في الدراسات الإسرائيلية في جامعة بير زيت، الأستاذ منير فخر الدين، إشكاليات الحقوق المدنية في الانتداب، ومسألة الأرض نموذجا.

وتناول فخر الدين سياسات ملكية الأرض في إطار الحكم الاستعماري ومن منظور التجربة السياسية الفلسطينية خلال حقبة الانتداب البريطاني.

ويعيد الباحث تفسير إطار الانتداب عبر تحليل خطابي جديد لنصوص وعد بلفور والتقارير الملكية والقوانين المفصلية المتعلقة بالأرض والديموغرافيا السياسية لفلسطين، ثم ربط ذلك بمنهجية أخرى، وهي النظر إلى الخطاب من منظور ممارسة الحكم التفصيلية على الأرض وتفاعل الفئات المجتمعية الفلسطينية المختلفة معه، في مكان محدد هو سهل بيسان، وذلك بالاعتماد على كم كبير من المواد الأرشيفية والصحفية والمطبوعات غير المستكشفة.

وقدم الباحث قراءة جديدة لإطار الانتداب بوصفه مشروع بناء كيان اجتماعي سياسي ثنائي العرقية والقومية، ومولدا لصراعات، ذات ملامح بنيوية محددة، حول معنى الحقوق المدنية والجمعية والسيادة.

أما بما يتعلق بمسؤولية الدول العربية تجاه فلسطين عقب وعد بلفور، تحدث أستاذ التاريخ المعاصر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة صفاقس بتونس، الأستاذ فتحي ليسير، عن الحركة العربية بالمشرق ووعد بلفور، وتقصي ردود افعال زعماء الحركة العربية وأبرز الفاعلين والهيئات السياسية العربية على وعد بلفور غداة إعلانه وبعيد ذلك.

ورصد تجليات وذات الأفعال تلك لما للتفاصيل من أهمية قصوى في مثل هذه القضايا الحساسة، كما ركز الباحث على خلفيات رعاية الإنجليز للاتصالات بين قادة الحركة العربية وأبرز الزعامات الصهيونية، علاوة على تعقُّبِ تطورات الموقف وردود الأفعال وفق التقلبات الفلسطينية والعربية والبريطانية والدولية.

 

التعليقات