28/01/2011 - 13:46

"خطة طريق" أولمرت للتسوية مع الفلسطينيين

نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم جزءًا من كتاب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، ايهود أولمرت، تطرق فيه الى المفاوضات مع السلطة الفلسطينية واستعرض فيه تصوره للحل النهائي ومقترحاته التي قدمها لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في لقائهما الأخيرة.

نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم جزءًا من كتاب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، ايهود أولمرت، تطرق فيه الى المفاوضات مع السلطة الفلسطينية واستعرض فيه تصوره للحل النهائي ومقترحاته التي قدمها لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في لقائهما الأخيرة.

 وجاءت التفاصيل في الفصل الرابع وحمل عنوان "ايام القرارات"، وكتب  أولمرت فيه: "كان من الصعب جدا في تلك الايام تحديد لقاءات مع أبو مازن. فقد أكثر كعادته السفر في أنحاء العالم. أجرينا لقاءات في شهر آب وحُدد بيننا في نهاية الامر لقاء في يوم الثلاثاء 16 ايلول، في بيت رئيس الحكومة في القدس. وبدأنا كالعادة بالغداء لكننا انتقلنا سريعا جدا الى غرفة عملي لاجراء محادثة خاليين، كان يفترض ان تكون في نظري حاسمة. جئت الى اللقاء مستعدا. قبل ذلك ببضعة ايام جلست الى خبير بالخرائط وثقت تماما باستقامته، ووجهته الى اعداد خريطة لاسرائيل والمناطق الخاضعة لسيطرتها في يهودا والسامرة، من اجلي. أعطيته توجيهات واضحة وهي ان الخريطة يجب ان تشتمل على الكتل الاستيطانية اليهودية في يهودا والسامرة، التي تمتد فوق 6.3 في المائة من المساحة العامة. في مقابلة ذلك أُعلمت في الخريطة مناطق بمساحة عامة تبلغ 5.8 في المائة داخل دولة اسرائيل، خُصصت باعتبارها مناطق سيحصل عليها الفلسطينيون مقابل الكتل الاستيطانية. كانت المناطق المخصصة للتبادل واقعة في مناطق مختلفة، من شمال البلاد حتى صحراء يهودا وفيها المنطقة الملاصقة لقطاع غزة".

 وعدد أولمرت مبادئ التسوية التي اقترحها وهي:  

"1- سيكون الحل الجغرافي - المناطقي بين اسرائيل والدولة الفلسطينية قائما على حدود 1967 مع تبادل اراض (أوضحت له أنني سأريه بعد ذلك الخريطة التي اقترحها).

2- ستُقسم الاراضي التي كانت منزوعة السلاح قبل 1967 بالتساوي الكامل بيننا وبينهم، والدرجات المئوية التي ذكرتها من قبل تشتمل على هذا التقسيم.

3- ستبقى الأحياء اليهودية التي بُنيت في القدس بعد حرب الايام الستة ( حرب 1967- عرب 48) ضمن سيادة دولة اسرائيل. وذكرت هنا ايضا أن ألـ 6.3 في المئة التي ذكرتها في بداية الكلام تشتمل على كل الارض التي تقع عليها الأحياء اليهودية (المستوطنات - عرب 48) الجديدة في المدينة.

4- ستكون الأحياء العربية التي تشتمل عليها اليوم مساحة مدينة القدس، جزءا من الدولة الفلسطينية التي ستنشأ على أثر التسوية. وسيكون هذا الجزء من مدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، اذا شاؤوا.

5- سيُعرّف "الحوض المقدس"، وهو ذلك الجزء من مدينة القدس المقدس لأديان التوحيد الثلاثة كلها، وفيه البلدة القديمة، بأنه منطقة ضمن وصاية خمس دول: العربية السعودية والمملكة الاردنية والدولة الفلسطينية واسرائيل والولايات المتحدة. وتبقى المنطقة كلها مفتوحة لدخول المؤمنين لجميع الأديان الحر وستكون الدول الخمس مسؤولة عن تحديد التعليمات والقوانين والترتيبات التي ستنطبق على سكان المنطقة وزائريها.

6- ستوافق اسرائيل على ان تستوعب داخل حدودها فلسطينيين على أساس فردي وانساني لا على أساس لم الشمل. وأوضحت لأبي مازن ان العائلات العربية تستطيع ان تعد احيانا عشرات الآلاف وليس هذا مقصدي. في كل سنة ولمدة خمس سنين سيتم استيعاب ألف فلسطيني توافق اسرائيل على قبولهم. وأضفت ان شرط هذه التسوية سيكون التزاما خطيا من الفلسطينيين ان تنقضي مطالبهم بهذا وأن هذا الاتفاق هو انهاء الصراع بين الطرفين. وأكدت أن هذا الالتزام جزء جوهري من العرض كله. وبينت في هذا الشأن انه سيُقال في صراحة في الاتفاق الذي سيتم التوقيع عليه ان هذا الجزء الحساس تم بحسب روح مبادرة السلام العربية، وسيُقال في الصيغة المكتوبة ايضا ان اسرائيل تشعر بالمعاناة التي أصابت الشعب الفلسطيني الذي اقتُلعت أجزاء منه من بيوتها نتيجة الصراع العنيف الذي حدث بينهم وبيننا مدة سنين طويلة جدا. وأضفت ان كلاما مشابها سيُقال بطبيعة الامر ايضا عن المعاناة الصعبة التي أصابت مواطني اسرائيل وأبناء الشعب اليهودي نتيجة الحروب التي لا تنتهي والتي كانت جزءا من حياتنا سنين طويلة جدا.

7- سيعمل الطرفان بتعاون مع جهات دولية وبتمويل منها على انشاء صندوق مالي يعمل في اعطاء الفلسطينيين واليهود والاسرائيليين الذين عانوا من الحروب التي وقعت في المنطقة تعويضا سخيا. وكان مفهوما لكلينا ان الحديث عن صندوق تكون اسرائيل مستعدة للعمل على انشائه، لكن ميزانيته تأتي من دول اخرى ذات وسائل مالية ورغبة في الاسهام في انهاء الصراع.

8- ستوافق اسرائيل على الربط بين قطاع غزة والضفة الغربية بنفق طوله اربعون كيلومترا تكون منافذ الدخول فيه والخروج منه ضمن سيطرة فلسطينية. وستكون على امتداد النفق ولاعتبارات أمنية وتأمينية أبواب يكون من الممكن فتحها أو اغلاقها في حال حدث أمني شاذ أو في حالات حوادث طرق.

9- سيكون الجزء النسبي من البحر الميت المجاور لحدود الدولة الفلسطينية ضمن سيادتهم. لا يشتمل هذا الجزء على مصانع البحر الميت وعلى المنطقة السياحية والفنادق الاسرائيلية.

 أكدت زيادة على هذه المبادئ ان لاسرائيل عددا من المطالب المبدئية ستكون جزءا لا ينفصل عن الاتفاق:

1- ستكون الدولة الفلسطينية مجردة من كل قوة عسكرية تماما. ويستطيع الفلسطينيون اقامة قوات أمنية لفرض القانون داخل دولتهم (في المحادثات التي أجريناها كرر الفلسطينيون عدة مرات موافقتهم على هذا الشرط).

2- ستكون الحدود بين الدولة الفلسطينية والاردن مسدودة للحركة الحرة ويكون فيها حضور عسكري (لم أفصل كيف ستُسد الحدود وعلى يد أي قوة عسكرية. تناولت هذه القضية كثيرا في تنسيق مع جهات مختلفة، لكنني اعتقدت ان ليس من الصواب في هذه المرحلة تفصيل كيف سيتم الامر).

3- ستحدد اسرائيل والفلسطينيون بالتعاون مع الولايات المتحدة اجراءات تضمن ألا يستطيع جيش اجنبي دخول ارض الدولة الفلسطينية، وانه سيكون لاسرائيل في حال غزو الدولة الفلسطينية الحق في حماية نفسها وراء خط الحدود الذي سيقرر بيننا".

 وأشار أولمرت الى أن اقتراحه سبقته مباحثات مع الولايات المتحدة توصل خلالها  الى اتفاق على المبادئ الأمنية التي عرفها بأنها حيوية.  وكتب: "أعد قسم التخطيط في الجيش الاسرائيلي هذه المبادئ وأجازها وزير الدفاع باراك، بل عُرضت على الرئيس الامريكي حينما زار اسرائيل في 14 أيار 2008. عبر الرئيس الامريكي عن تأييده لهذه المبادئ وكرر هذا التأييد زمن زيارتي الرسمية الاخيرة للولايات المتحدة في تشرين الثاني 2008. جرى الاتفاق بيننا وبين الرئيس على ان تُنقل جميع النقاط التي تتعلق بأمن اسرائيل الى علم الادارة الجديدة للرئيس اوباما الذي كان قد انتخب آنذاك لكنه لم يتول عمله بعد. شملنا في اتفاقات الأمن ايضا منع الدولة الفلسطينية من التوقيع على أحلاف عسكرية مع دول ليست لها علاقات دبلوماسية تامة مع اسرائيل، وحقنا في ان ندافع عن انفسنا من عمليات ارهابية بلا تحديد وحرية العمل بطبيعة الامر ايضا في المجال الجوي للدولة الفلسطينية والسيطرة على المجال الالكترو – مغناطيسي في الضفة الغربية...".

 وعن رد عباس على مقترحاته في الجلسة ذاتها، كتب أولمرت: " بعد أن أنهيت تنهد أبو مازن تنهدا عميقا وطلب أن يرى الخريطة التي أعددتها. بسطت الخريطة المطوية على الطاولة الخشبية وعرضتها على الرئيس الفلسطيني. أكثر سؤالي اسئلة تتعلق بالمناطق المقترح تبادلها، وعاد وقال ان مشكلة مدينة اريئيل مثقلة جدا. مع ذلك وافق على قول ان الاقتراح مثير جدا. أوضحت له على الخريطة جميع الحلول التي وجدناها وترمي الى ضمان اتصال اراضي الدولة الفلسطينية وفي ضمن ذلك المعابر بين أجزاء مدينة القدس والاتصال بين يهودا والسامرة".

 وأضاف: "نظر إلي أبو مازن ونظرت اليه، وصمت. لا يخطر ببالي ان الموقف الذي عرضته عليه لم يؤثر فيه. فلم يعرض أي رئيس حكومة اسرائيلي من قبل قط موقفا مصوغا مفصلا الى هذه الدرجة لحل الصراع كما عُرض عليه في ذلك اليوم. وقد علم وأدرك ان هذه الخطة تُقدم حلا جديا ومسؤولا وحقيقيا لجميع القضايا الجوهرية التي كانت أساس مطالب الفلسطينيين منذ انقضت حرب الايام الستة.

 أنا أصف الامور الآن بلغة جافة، وكأن الحديث هنا عن لقاء من اللقاءات بيني وبينه لكنني لم أشعر بهذا. فللمرة الاولى منذ بدأ التفاوض كنت متوترا جدا. ولاول مرة منذ أصبحت رئيس حكومة شعرت حقا بعبء التاريخ اليهودي على كتفي، وبرغم أنني كنت مقتنعا بأنني أفعل الشيء الصحيح، كان العبء ثقيلا جدا. أسهل ان نكتب الامور على مبعدة من الزمن من ان نقولها لزعيم كيان كان أعدى أعداء دولتي وشعبي منذ بدأنا النضال عن حقنا في انشاء دولة اليهود. جميع المخاوف وجميع القلق وجميع الأشواق وجميع الآمال تسربت الى الغرفة الصغيرة التي جلسنا فيها، وأُلقي علي عبء تمثيل شعبنا الرائع وأمل انه ربما تخرج من هنا، من غرفة العمل المتواضعة في حي رحافيا الهاديء في القدس، بشرى تفضي الى تحول في حياة الشعب والبلد المعذبين كثيرا. عندما أفكر في هذه الامور الآن اتساءل مرارا كيف تغلبت على جميع الشكوك التي تغلغلت الى قلبي ورأسي زمنا طويلا جدا. ليس عندي جواب حقيقي يستطيع تلخيص هذا الموقف من جهتي. استطيع فقط ان اقول انه توجد لحظات كهذه في حياة من يتحمل مسؤولية عليا عن حياة دولته".

  ويوضح: "لم يدع لي أبو مازن أن أضل في الأحلام. قال لي انه لا يستطيع ان يقرر فورا وانه يحتاج الى زمن. قلت له انه يخطيء خطأ تاريخيا.  قال لي: أعطني الخريطة كي استطيع مشاورة اصدقائي"

 أجبته: "لا، خذ القلم ووقع الآن. فلن تحصل أبدا على اقتراح أكثر عدلا وقسطا. لا تتردد. فهذا صعب علي ايضا لكن ليس لنا خيار ألا نتفق. بعد خمسين سنة ايضا لن تنشأ في اسرائيل حكومة تعرض عليك ما أعرض أنا". رأيت انه يتعذب ايضا. وفي النهاية قال لي، "أعطني بضعة ايام. لست خبيرا بالخرائط. أقترح ان يجلس صائب عريقات وشالوم ترجمان في الغد الى خبيري خرائط واحد من طرفكم وواحد من طرفنا. فاذا قالا ان كل شيء على ما يرام فاننا نستطيع التوقيع". دعونا الى الغرفة عريقات وترجمان واتفقا على لقاء خبراء في الغد للاتفاق.

 اتصل عريقات في الغد بترجمان وقال له ان أبا مازن نسي انه يجب عليهم ان يكونوا في ذلك اليوم في عمان وطلب تأجيل اللقاء اسبوعا.

 لم ألقَ أبا مازن منذ ذلك الحين وبقيت الخريطة عندي.

وينهي أولمرت هذا الفصل بالقول: " كنا قريبين جدا أكثر من كل مرة في الماضي من إتمام اتفاق مبدئي كان سيفضي الى انهاء الصراع بيننا وبين الفلسطينيين. لا أكتب هذه الفصول لأن من تراث رؤساء الحكومة السابقين كتابة مذكراتهم بل لأننا ما نزال عالقين في هذا المستنقع، وسيظل يُمرّ حياتنا ويهدد وجودنا الا اذا استجمعنا الشجاعة للخلاص منه. نستطيع ويجب علينا التوصل للسلام. لن تعفينا أي حيلة وأي تأخير متعمد منا أو منهم من الثمن الصعب لعدم وجود سلام. توجد لحظات يعرض علينا التاريخ فيها اتخاذ قرارات صعبة تمزق القلب. لم اشأ التهرب من هذه المسؤولية، وأدعو الله ان تكون القيادة التي حلت محلي شجاعة بقدر كاف لاتخاذها".

التعليقات