27/04/2013 - 19:24

بحث اسرائيلي: تدريس النكبة الفلسطينية لا يمس ب"الولاء الصهيوني"

وتأتي هذه الاستنتاجات بعد ثلاث سنوات قيام وزارة التربية والتعليم الاسرائيلية وفي خطوة نادرة بجمع كل نسخ كتاب تدريس التاريخ ‘نبني دولة في الشرق الاوسط’، الذي صدر قبل ذلك ببضعة اسابيع، وذلك رغم حصوله على جميع الرخص المطلوبة. مصادرة الكتاب ومنع تدريسه جاء بسبب ايراد الكاتب الرواية الفلسطينية للنكبة الى جانب الرواية الاسرائيلية.

بحث اسرائيلي: تدريس النكبة الفلسطينية لا يمس ب


أكد بحث أجراه الدكتور تسفرير غولدبرغ من قسم التربية في جامعة حيفا أن "الولاء الوطني" لا يتضرر حينما تتم دراسة رواية الطرف الآخر في حين ان التدريس بحسب مبادئ وزارة التربية الاسرائيلية يساعد على الانغلاق وعدم الاهتمام بالآخر.


وتأتي هذه الاستنتاجات بعد ثلاث سنوات قيام  وزارة التربية والتعليم الاسرائيلية وفي خطوة نادرة بجمع كل نسخ كتاب تدريس التاريخ ‘نبني دولة في الشرق الاوسط’، الذي صدر قبل ذلك ببضعة اسابيع، وذلك رغم حصوله على جميع الرخص المطلوبة. مصادرة الكتاب ومنع تدريسه جاء بسبب ايراد الكاتب الرواية الفلسطينية للنكبة الى جانب الرواية الاسرائيلية.


وأُجيز استعمال الكتاب من جديد بعد ان أُدخلت فيه تعديلات فقط سيما في الفصل الذي يتحدث عن "حرب الاستقلال" وهي الترجمة الصهيونية للنكبة .


أحد مؤلفي الكتاب د. تسفرير غولدبرغ من قسم التربية في جامعة حيفا حاول فحص عن تأثير طرق التدريس المختلفة التقليدية لوزارة التربية والتعليم الاسرائيلية في مقابل توجهين بديلين في الموالاة الوطنية للطلاب اليهود والعرب، وفي مدى تسامحهم وقدرتهم على التوصل الى اتفاقات.
البحث خرج كما اسلفنا باستنتاجات واضحة جدا وهي أن الولاء الوطني لا يتضرر حينما تتم دراسة رواية الطرف الآخر في حين ان التدريس بحسب مبادئ وزارة التربية يساعد على الانغلاق وعدم الاهتمام بالآخر.


صحيفة هارتس التي انشرت مقالا بهذا الخصوص للكاتب أور كاشتي، أوردت أنه قد يكون وزير التربية السابق جدعون ساعر محقا في وجهة نظره، فاذا كان التدريس التقليدي للصراع اليهودي العربي يُقلل القدرة على اجراء حوار، كما يُبين البحث، فانه يجدر بمن لا يؤمن بحل الصراع أو لا يريده ان يدفع به قدما ويستعمل الرقابة على طرق اخرى لوصف التاريخ. فعلى مشيرا أيضا الى حظر تناول النكبة في مؤسسات تعليمية يهودية أولا وفي موسسات عربية ايضا بعد ذلك. وكذلك استُدعي الى أحاديث استيضاح مديرون تجرأوا على الانحراف ولو قليلا عن الخط الرسمي وأُعيدت كتابة كتب تدريس في موضوع المدنيات خاصة، وكذلك تم اقرار جولات تعليمية لطلاب الى مستوطنة كريات أربع.


يشار انه شارك في  البحث نحو 180 فتى يهوديا وعربيا بين السادسة عشرة والثامنة عشرة من أعمارهم من عشر مدارس في أنحاء البلاد. وقد قُسموا الى ثلاث مجموعات درست "حرب الاستقلال"، النكبة ونشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، بحسب توجهات مختلفة لدراسة التاريخ. وقبل الدرس وبعده أجاب الطلاب على أوراق اسئلة مفصلة فحصت مدى التماهي مع مجموعتهم القومية وعن انفتاحهم لروايات مناقضة عن الصراع وعن تصورهم للقضية التاريخية. وانقسموا بعد ذلك الى أزواج يضم كل زوجين اثنين من القوميتين طُلب اليهما ان يتباحثا في سؤالين وهما: أي طرف يتحمل المسؤولية عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وهل يمكن التوصل الى حل للمشكلة. وسُجلت الأحاديث وحُللت من ناحية كمية (كنسبة الاتفاق بين الطلاب) ونوعية (كمظاهر الهيمنة أو السيطرة على الحديث مثلا).


وتم فحص عن ثلاثة توجهات تدريس في البحث. الاول هو التوجه التقليدي لدراسة التاريخ كما صاغته وزارة التربية والتعليم الاسرائيلية، وهو توجه تسلطي يدعي نقل ‘الأحداث كما وقعت’. لا توجد بالطبع طريقة موضوعية لتدريس التاريخ لكن استعمال وصف محايد لا يُنسب الى جهة ما يطمس حقيقة ان الحديث عن تفسير واحد من تفسيرات كثيرة.


لا تكتفي وزارة التربية بهذه الطريقة البسيطة لخنق النقد. إن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين مثلا تُذكر في الخطة الدراسية الرسمية حقا لكن لم يُفرد لها درس واحد فقط. ووجه المعلمون توجيها صريحا الى الحذر في علاج هذا الموضوع المختلف فيه. وكان التوجهان الآخران اللذان تم فحصهما هما توجه عاطفي يقوم على كتاب تدريس يشتمل على الرواية الاسرائيلية اليهودية وعلى الرواية الفلسطينية، والتوجه النقدي الذي يعتمد على دراسة مصادر تاريخية وفحصها فحصا شكّيا وهي مصادر تعرض تفسيرات مختلفة للأحداث على نحو يُذكر بالدراسات الأساسية في التاريخ في كل مؤسسة اكاديمية.


يمكن ان نجد أمثلة على التوجهين الأخيرين في المشروع الذي قدمه قبل بضع سنين اساتذة الجامعات دان بار – أون، وإيال نفيه وسامي عدوان، حيث ألف مدرسون من العرب واليهود كتاب تدريس مشتركا. وحاربت وزارة التربية والتعليم في فترة ليمور لفنات حينما كانت وزيرة التربية وفي فترة ساعر هذا الكتاب. وكان يمكن ان نجد التوجه النقدي ايضا في كتاب التدريس الذي شارك غولدبرغ في تأليفه قبل ان يخضع للرقابة.


يشار ان هذا البحث هو الأول من نوعه الذي يفحص ن تأثير طرق مختلفة لتدريس تاريخ الصراع اليهودي العربي، في الهوية القومية وفي العلاقات بين الشعبين. في السنتين 2009 2010 منع ساعر ورئيس أمانة السر التدريسية الذي عينه الدكتور تسفي تسميرت، استعمال كتب تدريس تروي الرواية الفلسطينية ايضا. ويمكن ان يشير هذا المنع القاطع الى خوف من ان الكشف عن دعاوى الفلسطينيين قد يقنع الطلاب ويضعضع ايمانهم بالدولة.


البحث يُبين ان التوجهين النقدي والعطفي لم يؤثرا في ولاء الطلاب القومي. ‘حيث تبين ان التوجه غير التقليدي لا يزعزع تصور الطلاب القومي’، ويقول د. غولدبرغ، ‘إن توجهات اخرى لا تجعلهم أنصارا للطرف الثاني ويبدو أنها لن تجعلهم لا يُجنَدون للجيش الاسرائيلي’.


في مقابل ذلك وجدت فروق حقيقية في كل ما يتعلق بمدى اهتمام الفتيان بمعرفة الطرف الثاني. فبعد دراسة بالطريقة التقليدية التسلطية سُجل انخفاض للاهتمام بالطرف الثاني، قياسا بزيادة الاهتمام بعد دراسة بحسب التوجه العطفي، وبقدر أقل شيئا ما بحسب التوجه النقدي ايضا.


وقد سُجل بين الطلاب العرب تأثير أكبر من التأثير في رفاقهم اليهود، الى هنا أو الى هناك. ولا يفترض ان يفاجئنا هذا في واقع الامر لأن فرض تصور المجموعة المهيمنة قد يُقلل اهتمام مجموعة القلة بها، في حين يزيد التدريس الذي يشتمل على اعتراف ما (أو بدايته على الأقل) بكل واحدة من الروايات، يزيد اهتمام القلة.


ويقول غولدبرغ: ‘اذا درس الطلاب العرب بحسب النص الرسمي فربما يعرفون أكثر، لكن يبدو أن فهمهم للطرف اليهودي سيكون أقل’.


ووجدت فروق ذات شأن ايضا حينما قُسم الفتيان الى أزواج وطُلب اليهم ان يبحثوا مشكلة اللاجئين. وتبين ان الطلاب الذين درسوا بحسب التصور التقليدي، توصلوا بوضوح الى درجة أدنى من الاتفاقات قياسا باولئك الذين درسوا بحسب الطريقة العطفية والطريقة النقدية (38.5 في المائة، و53.3 في المائة و75 في المائة، بحسب الترتيب، اتفقوا على المسؤولية عن مشكلة اللاجئين). وتبينت فروق أقل وضوحا ايضا في تحليل نوعي للأحاديث، فقد نالت تلك الاحاديث التي دارت بين طلاب درسوا بحسب الطريقتين البديلتين الى ان تكون أكثر تساويا.
 

التعليقات