13/11/2018 - 22:05

غزة: بين حدة التصريحات ومحدودية الخيارات

أوجز محلل الشؤون العربية في القناة العاشرة الإسرائيلية، مساء اليوم الثلاثاء، الرؤية الإسرائيلية لما انتهت إليه المواجهة المحدودة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، بقوله إن حركة "حماس" خرجت من هذه المواجهة كالطرف الأقوى

غزة: بين حدة التصريحات ومحدودية الخيارات

الاحتفالات باتفاق وقف إطلاق النار على أنقاض مقر قناة "الأقصى"، غزة (أ ب أ)

أوجز محلل الشؤون العربية في القناة العاشرة الإسرائيلية، مساء اليوم الثلاثاء، الرؤية الإسرائيلية لما انتهت إليه المواجهة المحدودة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، بقوله إن حركة "حماس" خرجت من هذه المواجهة كالطرف الأقوى، وأن المشاهد التي نقلتها قنوات التلفزة تعبر عن ذلك؛ من جهة مظاهرة في شوارع بلدة سديروت في الجنوب احتجاجا على وقف إطلاق النار وتردي الأوضاع الأمنية، ومن طرف آخر مشهد لخطاب ألقاه قائد في حماس على أنقاض مقر قناة "الأقصى" في غزة، وسط حشد من الغزيين المناصرين.

وأضاف أنه في مواجهات سابقة كانت "حماس" تحتاج إلى خمسين يوما للتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، في إشارة إلى العدوان على القطاع في 2014، فإن هذه المرة احتاجت إلى 24 ساعة فقط لوقف إطلاق نار، وذلك كتعبير عن أن الحركة استطاعت فرض قواعد مواجهة مغايرة عما سبق.

الصفحة الرئيسية في "واينت"؛ غزة تحتفل، والبلدات الإسرائيلية تتظاهر

ولخص الوزير الإسرائيلي وعضو المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (كابينيت)، يوآف غالانت، في حديث لـ"شركة الأخبار" الإسرائيلية (القناة الثانية سابقا)، الموقف الإسرائيلي بقوله إن جميع الوزراء في الكابينيت لم يعارضوا أو يتحفظوا على اتفاق وقف إطلاق النار الذي عرضه نتنياهو أمامهم. وأضاف أن القبول بوقف إطلاق النار الحالي بنظر إسرائيل هدفه عدم خوض مواجهة بالظروف والتوقيت التي تحددها "حماس"، وأن المواجهة الواسعة قادمة لا محالة.

والتخبط في مواجهة "حماس" في الأيام الأخيرة، بنظر محللين إسرائيليين، انعكس على "حرب التصريحات" بين أعضاء الكابينيت خصوصا أولئك الذين أطلقوا تصريحات حربجية، مثل الوزراء أفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت وأيليت شاكيد، خلال الجلسة، وطالبوا باستمرار التصعيد، لكنهم لم يعارضوا وقف إطلاق النار كما عرضه نتنياهو.

وذكر موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن نتنياهو لم يعرض الاتفاق للتصويت في جلسة الكابينيت التي استمرت سبع ساعات، لكن أيا من الوزراء لم يتحفظ أو يعارضه، ودعموا بالنهاية موقف قادة الأجهزة الأمنية الذين أوصوا بمنح الجهود المصرية فرصة للتوصل لتهدئة مع "حماس".

وأوضح الموقع ذاته أن كافة قادة الأجهزة الأمنية بما فيها الجيش والاستخبارات العسكرية، دفعوا باتجاه التوصل لوقف إطلاق النار مع "حماس" وباقي الفصائل الفلسطينية في غزة.

ونقل الموقع عن مصدر رفيع في الكابينيت قوله إن مصير وقف إطلاق النار يتعلق بالتطورات الميدانية، وأن "حماس" تلقت ضربة قاسية، وأن الخيارات أمام إسرائيل كانت إما وقف التصعيد أو "الاستمرار حتى النهاية"، ما كان سيجر إلى سقوط صواريخ على تل أبيب، بحسب تعبيره، وأن "السؤال الذي سيطرح حينها هو: لماذا لم نتوقف؟".

باراك: السنوار يُسيّر المشهد

من جانبه، قال وزير الأمن ورئيس الحكومة الأسبق، إيهود باراك، في رده على سؤال حول الخطأ الذي وقع به نتنباهو بالموافقة على وقف إطلاق النار في غزة، إن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، هو من يقود المشهد، هو من يقرر متى يتم إطلاق النار، ومتى يتم إيقافها.

وتابع باراك في مقابلة أجراها مع "يديعوت أحرونوت"، أنه سيتم استئناف إطلاق النار خلال 6 أسابيع أو 16 أسبوعًا إذا ما أراد السنوار ذلك، نتنياهو ينجر خلف الأحداث، لأن الحكومة التي يقودها لا تملك إستراتيجية محددة.

وأضاف "الحكومة لا تعمل إلا حين يتم إطلاق النار من القطاع. ثم يعلن الاستسلام لحماس، إذا ما استثنينا الأقول، فإن أفعال نتنياهو محدودة للغاية".

وحول نتائج جولة التصعيد الحالية، قال باراك، "إننا نفضل الاعتقاد بأننا انتصرنا. إلقي نظرة على الاحتفالات في غزة من جهة والمظاهرات في سديروت من جهة أخرى، وسوف تفهم أنك لا تستطيع أن تخدع الجميع".

واعتبر أن "إسرائيل لا تبلي بلاء حسنا، بعد ثمانية أشهر على معاناة سكان ‘غلاف غزة‘، إلى جانب عشرات الآلاف من الدونمات التي أُحرقت، والحياة التي تعطلت، وأطفال ينشأون على الذعر والهلع، تثبت الحكومة أنها في حالة إفلاس".

تخبط الكابينيت

وصدر عن المجلس الوزاري المصغر، قرارًا بـ"إعطاء فرصة" للجهود المصرية في محاولة للتوصل إلى تهدئة، ووقف الهجوم الإسرائيلي ضد الأهداف التابعة للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وعدم التصعيد، وذلك بتوجيهات من الأجهزة الأمنية المتمثلة برئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، هرتسي هليفي، ورئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، ناداف أرغمان، رئيس الموساد، يوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شبات.

وأشارت "شركة الأخبار" إلى أن قرار الكابينيت صدر دون اعتراض أي وزير، وأضافت أن حين خرج الوزراء من الجلسة المطولة، صدموا بالمظاهرات التي خرج بها سكان المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع، فشرع أحدهم بتذنيب الآخر. ونقلت القناة عن مصدر سياسي رفيع تأكيده أن "جميع الوزراء وافقوا على قرار الكابينيت".

يذكر أن المظاهرات في "سديروت" شهدت مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية، حيت أغلقت عدد من الطرق الرئيسية خلال التظاهرة، وهتف المتظاهرون بـ"رحيل بيبي" وضد ما وصفوه بـ"تردي الوضع الأمني" في المناطق الإسرائيلية المحاذية للقطاع، إثر التصعيد الأخير.

ونقلت عن مصادر مطلعة أن الوزراء ليبرمان وبينيت وشاكيد، وانضم إليهم لاحقًا زئيف إلكين، طالبوا باتخاذ خطوات أخرى أشد في مواجهة فصائل المقاومة، وعدم التوقف عن الهجوم، وفي ختام الاجتماع، وبعد أن شرع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بتلخيص الجلسة التي شاركت بها قيادات الأجهزة الأمنية، تراجع الوزراء عن طلبهم بـ"توجيه ضربات قاسية" ضد قطاع غزة، وصادقوا على توصيات الأجهزة الأمنية بوقف الهجوم، ما تطابق مع رغبة نتنياهو.

وفي أعقاب ذلك، صدر عن مكتب ليبرمان بيان جاء فيه أن كل ما ورد في وسائل الإعلام حول موافقة ليبرمان على وقف الهجوم على قطاع غزة هي "أخبار كاذبة"، وأن الوزير الإسرائيلي لايزال متمسك بموقفه السابق (في إشارة إلى توجيه ضربة عسكرية قاسية ضد حماس).

وحذت شاكيد حذو ليبرمان في نفي موافقتها على وقف الهجوم على غزة، تبعها الوزير إلكين، كما أصدر بينيت بيانًا ادعى فيه أن كل التقارير التي تحدثت عن موافقته على قرار وقف الهجمات الإسرائيلي ضد حماس، كاذبة وغير صحيحة.

وفي سياق حالة البلبلة التي ظهرت على أداء الحكومة الإسرائيلية، أوردت وسائل الإعلام الإسرائيلية تأكيدات وزراء حضروا جلسة الكابينيت، تأكيداتهم أن ليبرمان وبينيت لم يعترضوا على وقف الهجوم، ولم يقدما أي مقترح بديل.

كما أكدت المصادر أن بينيت قال لنتنياهو قبيل فض الجلسة إلى أن الوزراء ملتزمون في تعليماته في التجنب للتصريح لوسائل الإعلام، إلا أن نتنياهو عارض بينيت وأصدر تعليمات جديدة طالب الوزراء من خلالها الظهور على وسائل الإعلام، لتبرير القرارات الصادرة عن الكابينيت للرأي العام الإسرائيلي.

فيما نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "هآرتس" عن أعضاء في الكابينيت قولهم إن نتنياهو "احتجزنا" في جلسة مطولة استمرت طوال ساعات النهار، في الوقت أدار من خلف الكواليس اتصالات عبر وساطة مصرية مع "حماس".

وأكد الموقع أن التفاهمات التي تم من خلالها الإعلان عن وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل كانت على أساس اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه عام 2014، والذي استمر حتى 29 آذار/ مارس الماضي، قبيل انطلاق المسيرات السلمية اليومية في قطاع غزة المطالبة بـ"كسر الحصار وعودة اللاجئين".

غباي: نتنياهو فشل في حماية سكان "غلاف غزة"

من جانبه، اعتبر رئيس "المعسكر الصهيوني"، آفي غباي، أن "الحكومة الإسرائيلية والكابينيت، فشلوا طيلت 4 سنوات من حماية سكان غلاف غزة، وأهمل قضية غزة".

وأضاف أن نتنياهو "هرب من التعامل مع مشكلة  أسعار المساكن، والنظام الصحي والطرق". وتابع أن "الكابوس الذي مر به سكان الجنوب اليوم من مسؤولية نتنياهو. ليس من المفترض أن يسمع سكان الجنوب أنباء وقف إطلاق النار عبر قناة الجزيرة. إنهم يستحقون قيادة حقيقية مستعدة لمواجهتهم وإخبارهم بالحقيقة".

وقال إن "هذا ليس هو الوقت المناسب لاتفاق وقف إطلاق نار هش آخر. هذا هو الوقت المناسب لمبادرة سياسية حقيقية في غزة تعتمد على توصيات المؤسسة الأمنية".

هكذا بدت المواقف في إسرائيل، فيما ظهرت حركة حماس في جولة التصعيد الأخير، غير آبهة بكل ما تغنى به الإسرائيليون منذ وقف إطلاق النار عام 2014، والمتمثل بـ"معادلة الردع"، التي سعت إسرائيل إلى ترسيخها والمحافظة عليها، لمنع إطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه البلدات الإسرائيلية المحيطة.  

هذا وزعم نتنياهو، في محادثة هاتفية مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم، أن "إسرائيل تمارس حق الدفاع عن النفس ضد جهات إرهابية تسعى للمس بمواطني إسرائيل"، على الرغم من أن الجولة التصعيدية بدأت بتسلل قوة خاصة إلى مدينة خانيونس (جنوبًا)، دار اشتباك بينها وبين مجموعة من المقاومين، أسفر عن استشهاد 7 فلسطينيين، بينهم 6 من كتائب عز الدين القسام، وآخر من ألوية الناصر صلاح الدين، فضلًا عن مقتل ضابط إسرائيلي وإصابة آخر.

التعليقات