13/11/2022 - 09:50

منهاج المدنيات الجديد يبرز يهودية إسرائيل ويتجاهل الديمقراطية

المنهاج يتجاهل وجود ملايين الفلسطينيين تحت الاحتلال وانعدام المساواة الاقتصادية والاجتماعية داخل إسرائيل، ويتعامل مع الأقلية العربية كطوائف دينية* "لا يمكن تجاهل التأثير الكبير لجهاز التعليم على نتائج الانتخابات الأخيرة"

منهاج المدنيات الجديد يبرز يهودية إسرائيل ويتجاهل الديمقراطية

تظاهرة ضد أسرلة مناهج التعليم بالقدس المحتلة، الشهر الماضي (Getty Images)

يبرز المنهاج الدراسي في مادة المدنيات للمدارس الإعدادية اليهودية والعربية الجوانب اليهودية لإسرائيل وقوة السلطة فيها، ويقلص التعامل مع مواضيع مثل حقوق الإنسان والمواطن ومكانة الأقلية العربية وميزاتها والمساواة في الحقوق ودور القضاء وعناصر ديمقراطية أخرى. وجرى وضع المنهاج الجديد خلال السنة الأخيرة، خلال ولاية حكومة بينيت – لبيد، وتشكل أساسا لتعديل منهاج المدنيات في المدارس الثانوية.

ووصف الخبير القانوني، بروقيسور مردخاي كرمنيتسر، منهاج المدنيات الجديد بأنه "ينقل جيدا أفكار التفوق اليهودي إلى الطلاب"، وفق ما نقلت عنه صحيفة "هآرتس" اليوم، الأحد. ولفت إلى أنه "لا يمكن تجاهل التأثير الكبير لجهاز التعليم على نتائج الانتخابات الأخيرة"، التي أوصلت اليمين واليمين الفاشي إلى الحكم. وأشار مصدر في وزارة التربية والتعليم إلى أن "جهات يمينية خطفت موضوع المدنيات وبلورته وفقا لمبادئها".

وادعت وزارة التربية والتعليم في تعقيبها أن "إسرائيل هي دولة يهودية وديمقراطية، بموجب قيم وثيقة الاستقلال، وهكذا ستكون أيضا المواد في المنهاج الدراسي".

ويستكمل منهاج المدنيات للصف التاسع ترسيخ التعديلات التي تم إدخالها في السنوات الأخيرة على تدريس الموضوع، وفي مقدمتها إعادة كتابة كتاب التدريس المركزي. ويتناول الجزء الأول في المنهاج "وثيقة استقلال إسرائيل"، حيث يركز على "السلطات وعدد من الرموز والقوانين التي تمثل إسرائيل". ويشمل الجزء الثاني مواضيع اختيارية، بينها "دولة إسرائيل والشتات"، "العلاقات بين الدين والدولة"، "الصراع الإسرائيلي – العربي" أو "الآباء المؤسسين".

وتخلو فصول كتاب المدنيات الجديد من جوانب نقدية، ويتجاهل وجود ملايين الفلسطينيين تحت الاحتلال وانعدام المساواة الاقتصادية والاجتماعية داخل إسرائيل، كما يمتنع المنهاج عن تناول مكانة الدين والدولة. ويركز المنهاج على دائرة هوية مقلصة للغاية، مثل الجالية والحي أو المدينة التي تنتمي المدرسة إليها، الأمر الذي يجعل المعلمين يمتنعون عن طرح قضايا حول الواقع المحيط بالطلاب.

مدرسة في مستوطنة "موديعين" ( Getty Images)

ويتبين وجود فروق كبيرة بين منهاجي المدنيات الحالي والسابق، الذي وُضع في العام 1990 وجرى تعديله عام 2015. وجاء في المنهاج السابق أن "القيم الأساسية للديمقراطية، الحرية والمساواة، تستند إلى المفهوم الذي يعترف بكرامة وقيمة الإنسان كإنسان"، وأن "قرار الأغلبية يخضع للقيم الأساسية للديمقراطية، والحفاظ على الحقوق الأساسية للفرد والأقلية"، وأن دور الدستور هو "حماية القيم الأساسية للديمقراطية". لكن هذه الأمور ليس مذكورة أبدا في المنهاج الجديد.

وجاء في المنهاج الجديد أن "الهدف الأعلى" هو "تنمية مواطنين جيدين"، بحيث يكونوا "محافظين على القانون وموالين للدولة". وأشارت الصحيفة إلى أن المنهاج الجديد شطب إمكانية النقاش حول "حدود الانصياع للقانون". وبدلا عن ذلك، يطالب المنهاج بـ"التماثل مع الدولة والشعور بالانتماء". وقالت معلمة لموضوع المدنيات بعد اطلاعها على المنهاج الجديد إن "خطاب ’الولاء’ يعبر عن مفهوم ضيق جدا للديمقراطية"، وفق ما نقلت عنها الصحيفة.

ويضع المنهاج تسعة أهداف، لكن الأهداف الأخيرة تتعلق بالتعرف على "مجموعات وأفكار مختلفة في المجتمع الإسرائيلي"، و"تطوير مؤهلات وكفاءات مدنية". كما أن مصطلح "حقوق" ليس موجودا في المنهاج. وقالت المعلمة إن "الرسالة لطلاب الصف التاسع في اللقاء الأول مع مبادئ المواطنة هو أنهم رعايا".

ويقضي المنهاج بتدريس "مبادئ الديمقراطية والجوانب اليهودية من خلال العلاقة مع مؤسسات الحكم"، بحيث يتعين على الطلاب "تطوير تعامل باحترام للأفكار والقيم المتمثلة بالمؤسسات وتجاه المؤسسات نفسها".

وشدد كرمنيتسر أن "المنهاج لا يسمح بنظرة نقدية، مثل التعامل مع مسائل حول مكانة النساء، التيارات اليهودية غير الأرثوذكسية، يوم السبت في الحيّز العام، صلاحيات الحاخامية الرئيسية أو الإعفاء من الخدمة العسكرية للحريديين".

ولا يتطرق منهاج المدنيات الجديد بتاتا إلى قانوني الأساس حول كرامة الإنسان وحريته وحرية العمل، بينما يتطرق المنهاج بتوسع إلى "قانون القومية" العنصري من خلال الإشارة إلى "مميزات يهودية مركزية".

ويتجاهل المنهاج الأقلية القومية العربية في إسرائيل، ويتعامل معها على أساس ديني، كمسلمين ومسيحيين ودروز وشركس. ولا يذكر الفصل حول وسائل الإعلام مصطلحا أساسيا مثر حرية التعبير.

ويشير الفصل حول "الصراع الإسرائيلي – العربي" إلى "توسيع حدود إسرائيل في أعقاب حرب الأيام الستة"، أي حرب حزيران/يونيو عام 1967، ويتجاهل مكانة الفلسطينيين تحت الاحتلال.

وأشارت الصحيفة إلى أن خمسة أشخاص ألفوا كتاب المدنيات الجديد، جميعهم من اليمين وبينهم ثلاثة ينتمون لليمين المتطرف. وكانت مشاركة ثلاثة عرب في وضع المنهاج ضئيلة للغاية.

التعليقات