24/02/2023 - 12:14

إضعاف القضاء: طيارون وضباط بالاستخبارات العسكرية بالاحتياط يرفضون الخدمة

"توجد ظاهرة لا يمكن تجاهلها تتمثل بطلب جنود وضباط في الاحتياط تأجيل مثولهم في تدريبات لأسراب الطائرات"* "لن نتطوع في وحدات العمليات الخاصة فيما راية سوداء عملاقة ترفرف فوق أفعال الحكومة"

إضعاف القضاء: طيارون وضباط بالاستخبارات العسكرية بالاحتياط يرفضون الخدمة

خلال مسيرة للقدس نظمها ضباط وجنود احتياط، 9 شباط/فبراير الجاري (أ.ب.)

دخل الصراع السياسي وما يوصف بـ"الشرخ الاجتماعي"، بسبب خطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء وبدء تمرير تشريعات بشأنها في الكنيست، إلى صفوف الجيش الإسرائيلي وبشكل واسع نسبيا على ما يبدو، الأمر الذي دفع رئيس هيئة الأركان العامة، هيرتسي هليفي، إلى التحذير من ذلك، أمس.

والمخاوف الأساسية في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية الآن، ليست التوتر الأمني المتصاعد في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وخاصة الضفة الغربية والقدس، ولا "التهديد النووي" الإيراني، وإنما وجود "مؤشرات أولية على أزمة في قوات الاحتياط، وبالأساس في سلاح الجو، على خلفية الاحتجاجات ضد الانقلاب على النظام الذي يبادر ائتلاف نتنياهو إليه"، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة.

وأشارت الصحيفة إلى وجود "انشغال متزايد في إمكانية رفض الخدمة بين أفراد الطواقم الجوية في الاحتياط، أو ’رفض خدمة رمادية’، أي التهرب من الخدمة أو عدم تنفيذ جزء منها، احتجاجا على التطورات السياسية الأخيرة".

هليفي لدى تنسيه رئيسا لأركان الجيش، الشهر الماضي (Getty Images)

وتتركز جلّ القوة العسكرية الإسرائيلية في سلاح الجو إلى جانب أجهزة الاستخبارات. ولفتت الصحيفة إلى أن "سلاح الجو، وأكثر من باقي الأذرع الأخرى، يعتمد في الفترات العادية وأثناء الحرب على نسبة مرتفعة من جنود وضباط الاحتياط. والمس لفترة طويلة بجهوزية طيارين ومساعدي طيارين للمثول في الخدمة سيلحق ضررا بمستوى المؤهلات المهنية للسلاح ومن شأنه أن يؤثر سلبا على قوة الجيش الإسرائيلي. ويبدو أن هذا ما دفع هليفي، أمس، إلى التطرق لأول مرة بشكل علني إلى هذه القضية. وفي هيئة الأركان العامة يخشون من تسرب ظواهر مشابهة إلى الوحدات المركزية في شعبة الاستخبارات أيضا".

ولم تتراجع الدعوات في قوات الاحتياط إلى رفض الخدمة، بالرغم من سعي اليمين الإسرائيلي إلى التقليل من شأنها، وفقا للصحيفة. وذكرت القناة 13 التلفزيونية، أول من أمس، أن ضابطا في الاحتياط في سلاح الجو برتبة عميد طلب تحريره من منصبه، كأحد قادة غرفة العمليات ("البئر") في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، وأوضح أنه لا يمكنه الاستمرار في ظل تشريعات تغيير طبيعة النظام في إٍسرائيل.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الضابط كان في الخدمة الدائمة لفترة طويلة، وقاد خلال ذلك قاعدتين كبيرتين لسلاح الجو، "وهو معروف كشخص مستقل وعنيد، لكن هذه الأوصاف تنطبق على معظم أفراد الطواقم الجوية أيضا. وهذا هو السبب، على ما يبدو، لإبلاغ ضباط كبار آخرين في الاحتياط بشكل سري لقادتهم بأنهم سيقدمون على خطوة مشابهة".

ونقلت الصحيفة عن طيارين ومساعدي طيارين في الاحتياط قولهم إنه "توجد ظاهرة لا يمكن تجاهلها تتمثل بطلب جنود وضباط في الاحتياط تأجيل مثولهم في تدريبات لأسراب الطائرات. ففي كل سرب طيران تعمل مجموعة واتسآب، لتواصل بين عناصر الاحتياط. والأجواء عاصفة في هذه المجموعات والدعوات لرفض الخدمة تنتشر كالنار في الهشيم. وحاليا، الاستجابة للإقدام على خطوات معلنة متدنية، لكن التردد بالغ ولغة الخطاب في هذه المجموعات تشمل أقوالا قاسية ومضطربة".

رئيس أركان الجيش الأسبق، دان حالوتس، ورئيس الموساد الأسبق، داني ياتوم، خلال مظاهرة احتجاجية بالقدس، الأسبوع الماضي ( Getty Images)

وأضافت الصحيفة أنه تتكرر أقوال طيارين في الاحتياط بأنهم قد يتعرضون بشكل متزايد لدعاوى موضوعها ارتكاب جرائم حرب في هيئات قضائية دولية. وذلك، على خلفية تحذيرات مستشارين قانونيين رفيعين في جهاز الأمن الإسرائيلي أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، الأسبوع الحالي، من أن إضعاف جهاز القضاء في إسرائيل سيضعف أيضا الادعاء بأن إسرائيل تنفذ نظام تحقيق وقضاء ذاتي ولذلك لا توجد حاجة لتدخل خارجي، وأن إضعاف جهاز القضاء سيجعل الطيارين أن يكونوا الأوائل الذين سيحاكمون في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

شعبة الاستخبارات العسكرية

وأفادت الصحيفة في موقعها الإلكتروني، اليوم، بأن ضباط وجنود الاحتياط في وحدات العمليات الخاصة في شعبة الاستخبارات العسكرية يهددون برفض الخدمة العسكرية، في حال استمرار خطوات خطة إضعاف جهاز القضاء من دون التوصل إلى توافق حولها بين الحكومة والمعارضة.

ووقع أكثر من 100 ضابط وجندي على عريضة نُشرت اليوم، وجاء فيها أنه "لن نتطوع للاحتياط في العمليات الخاصة فيما راية سوداء عملاقة ترفرف فوق أفعال الحكومة. والتشريعات المذكورة ستدمر كل ما خدمنا وحاربنا من أجله، ولن نسمح بحدوث هذا الأمر".

وأضافت العريضة أنه "إذا استمرت التشريعات التي هدفها تحويل جهاز القضاء إلى ئراع سياسية وغير مستقلة، أي محو الديمقراطية الإسرائيلية، وإذا لم يتحقق توافق واسع في هذا الموضوع، لن نستمر في التطوع في خدمة الاحتياط في وحدات العمليات الخاصة. وهذه الخدمة تستوجب تماثلا مطلقا مع قيم الدولة وحرية تفكير بلا خوف، وهذه أمور ستختفي إذا تحولنا إلى ديكتاتورية".

ولم يُذكر في العريضة أسماء الموقعين عليها لأسباب أمنية، لكن الصحيفة أشارت إلى أن بين الموقعين ضباط برتبة عقيد ونقيب، وأوضحوا أنهم لا يمثلون جميع الوحدات أو شعبة الاستخبارات كلها وإنما وقعوا على عريضة مستقلة. وتفرض الرقابة العسكرية تعتيما لسنوات طويلة على عمليات هذه الوحدات.

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، أمس، إنه "عندما يصدر أوامر عسكرية ترفرف فوقها راية سوداء، فإن رفض الجندي لها ليس حقا وإنما هو واجب. والوضع المدني الموازي لذلك بات حاصلا. فلدينا عقد مع ديمقراطية ليبرالية مثلما تصفها وثيقة الاستقلال، ولا يوجد لدينا عقد مع أي ديكتاتور".

التعليقات