29/12/2023 - 16:07

جريمة حرب إسرائيلية: "قائمة سعرات حرارية" لسكان القطاع بادعاء منع مجاعة

منذ فرض الحصار على قطاع غزة، في العام 2007، وضعت إسرائيل وثيقة "الخطوط الحمراء" التي شملت "قائمة السعرات الحرارية"، وبموجبها تجري حسابات حول عدد الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية

جريمة حرب إسرائيلية:

طابور من الأطفال للحصول على طعام في رفح، الأسبوع الماضي (أ.ب.)

وضعت إسرائيل وثيقة بعنوان "الخطوط الحمراء" في أعقاب فرضها الحصار على قطاع غزة، في العام 2007. وتضمنت هذه الوثيقة ما هو مسموح أو ممنوع إدخاله إلى القطاع من مواد غذائية، من خلال حسابات دقيقة للغاية للحد الأدنى من كمية السعرات الحرارية اليومية التي يجب السماح بدخولها إلى القطاع من دون التسبب بمجاعة، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة.

إثر ذلك، أجرت إسرائيل حسابات حول كميات المواد الغذائية الأسبوعية والشهرية، وبالتالي عدد الشاحنات التي يسمح بدخولها إلى قطاع غزة. وحسب الوثيقة، فإنه يمكن إدخال 170.4 شاحنة يوميا، ويخفض منها 68.6 شاحنة التي توازي حمولتها كمية الإنتاج الزراعي المحلي، ليصل عدد الشاحنات التي يمكن إدخالها إلى القطاع إلى 101.8 شاحنة.

في حينه، اعترف قائد الوحدة العسكرية الإسرائيلية "منسق أعمال الحكومة في المناطق" المحتلة، بأن حساب الكمية الدقيقة من المواد الغذائية هدفه "التيقن" من أن لا تكون هناك مجاعة بسبب نقص في المواد الغذائية. وارتفع عدد الشاحنات في أعقاب العدوان على غزة في نهاية العام 2008 وبداية العام 2009، واتسعت قائمة المواد الغذائية أيضا.

شاحنات إغاثة تدخل من معبر رفح، الشهر الحالي (Getty Images)

واستمرت إسرائيل في الاستناد إلى هذه "الخطوط الحمراء" وإلى "قائمة السعرات" التي تضمنتها منذ العام 2007، بالرغم من أن عدد سكان القطاع في ذاك العام كان قرابة 1.4 مليون نسمة، بينما ارتفع عددهم هذا العام إلى حوالي 2.3 مليون نسمة.

وبعد أن شنت إسرائيل الحرب على قطاع غزة، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، منعت دخول شاحنات المواد الغذائية إلى القطاع، حتى 21 تشرين الأول/ أكتوبر، وسمحت حينها بدخول 20 شاحنة فقط في اليوم، فيما كان عددها حوالي 500 شاحنة يوميا قبل الحرب.

وارتفع عدد الشحنات التي يسمح بدخولها إلى القطاع، في الأسابيع الأخيرة، ثم تضاعف في أعقاب ضغوط مارستها الإدارة الأميركية على إسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى أنه "بحساب بسيط، فإن إسرائيلي تستوفي شروط عتبة عدم التجويع التي وضعتها في العام 2007".

إلا أنه في أعقاب الحرب، فقد قطاع غزة قدرته الكاملة على إنتاج مواد غذائية محلية زراعية أو بحرية أو أي مواد غذائية أخرى، التي كانت مكملة لاحتساب كميات المواد الغذائية المسموح بإدخالها.

وادعت إسرائيل في الماضي أن يسمح لها بخوض "حرب اقتصادية ضد العدو"، فيما تدعي حاليا أن فرض الحصار على القطاع هدفه منع وسائل وجودية عن "العدو المباشر"، أي حركة حماس، وأن هذه "الحرب الاقتصادية" تساعد على انهيار حماس. لكن بتقييدها عدد الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية بشكل بالغ، فإنها "تصف جميع السكان في قطاع غزة بأنهم عدو. وبذلك هي تسحب بنفسها أساس ادعائها"، وفقا للصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى دول أخرى في التاريخ المعاصر التي سعت إلى تجويع سكان مدنيين، بينها ألمانيا النازية من خلال خطة زعيمها، أدولف هتلر، التي تسببت بموت 4.2 مليون مواطن جوعا في الاتحاد السوفييتي. وحدث ذلك في كمبوديا أيضا. وفي العام 1945، نفذت الولايات المتحدة ما أطلقت عليها تسمية "حملة التجويع" ضد اليابان.

كذلك تسبب الحصار المشدد الذي فرضته السعودية والإمارات على مناطق في اليمن التي يسيطر عليها الحوثيون، الذين يدعمون الفلسطينيين في غزة، بوفاة عشرات آلاف اليمنيين جوعا وبسبب أوبئة، ووصف ذلك بأنه "الكارثة الإنسانية الأخطر في التاريخ المعاصر".

يضاف إلى ذلك تجويع ملايين البشر في جنوب السودان، والحصار القاتل على الروهينغا في ميانمار، وحصار النظام السوري على مدن مثل حمص ودرعا وحلب وتسبب بمقتل عشرات الآلاف جوعا.

وخلصت الصحيفة إلى أن "إسرائيل ليست قلقة من الجوانب الأخلاقية لوسائلها الحربية، وبينها التجويع، لكن كمن تخوض حربا يتوقع أن تستمر لفترة طويلة، عليها أن تدرس طوال الوقت في مدى شرعية ذلك في الحلبة الدولية، وخاصة في الولايات المتحدة. وعدد السعرات الحرارية التي ستدخل إلى القطاع ستملي عدد الأيام التي ستستمر إسرائيل خلالها بالحرب، من دون أن تعتبر مجرمة حرب".

التعليقات