مناظرة في جلجولية؛ إياد رابي: التصويت ضروري، والمقاطعة بلا مد ثوري أدلجة للإحباط والكسل

سعيا لإشراك عدد أكبر من المواطنين العرب في الحراك الانتخابي وحثهم على الخروج للتصويت، نظمت في جلجولية مؤخرا مناظرة سياسية بمشاركة ممثلين عن الأحزاب العربية، وهم المحامي إياد رابي عضو اللجنة المركزية للتجمع الوطني الديمقراطي، والمحامي أيمن عودة سكرتير الجبهة والمرشح السادس في قائمتها، والشيخ صفوت فريج نائب رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية؛ وعقدت المناظرة في النادي الرياضي، وسط حضور العشرات من سكان البلدة.

مناظرة في جلجولية؛ إياد رابي: التصويت ضروري، والمقاطعة بلا مد ثوري أدلجة للإحباط والكسل

سعيا لإشراك عدد أكبر من المواطنين العرب في الحراك الانتخابي وحثهم على الخروج للتصويت، نظمت في جلجولية مؤخرا مناظرة سياسية بمشاركة ممثلين عن الأحزاب العربية، وهم المحامي إياد رابي عضو اللجنة المركزية للتجمع الوطني الديمقراطي، والمحامي أيمن عودة سكرتير الجبهة والمرشح السادس في قائمتها، والشيخ صفوت فريج  نائب رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية؛ وعقدت المناظرة في النادي الرياضي، وسط حضور العشرات من سكان البلدة. 

وفي كلمته الترحيبية، دعا الشيخ جابر جابر، رئيس مجلس جلجولية المحلي، الأهالي إلى التصويت للأحزاب العربية وعدم الاستهتار واللامبالاة يوم الانتخابات، وذكر الشيخ جابر المحنة التي واجهتها قرية جلجولية العام الماضي عندما خططت السلطات للاستيلاء على مئات الدونمات من البلدة من أجل بناء مخازن للقطارات، وكيف أحبطت هذه المؤامرة بفضل الوحدة الوطنية القطرية التي شكلتها لجنة المتابعة بدعم من النواب العرب الذين تكاتفوا في الصف الأول بالمظاهرة القطرية التي جرت آنذاك.

من النكبة وحتى وثائق الرؤى المستقبلية

وتحدث المحامي إياد رابي في مداخلته عن التجمع كمشروع مناهض ومتصادم مع المشروع الصهيوني، بعد أن سرد بإيجاز مقدمة عن جوهر الصهيونية وفكرة الدولة اليهودية منذ النكبة حتى اليوم، والمؤدية حتما للتهجير والأبارتهايد. وتطرق رابي إلى مركب التجزئة المقصودة والخطيرة في المشروع الصهيوني، والتي نجم عنها تقسيم الشعب الفلسطيني لمجموعات سكانية فلسطينية غير متواصلة تختلف من حيث مكانتها القانونية وأدواتها النضالية، متوقفا عند محطات فارقه وتبعاتها، مرورا بالنكبة والتهجير وقرار التقسيم وبتر المشروع الوطني الفلسطيني المتوثب في حينه، وهدم المدينة والحداثة الفلسطينية، ثم تبعات فترة الحكم العسكري، وحظر حركة الأرض القومية، ثم يوم الأرض الخالد، واتفاقية "أوسلو" وتبعاتها على المشروع التحرري الفلسطيني وعلى هوية فلسطينيي الداخل، ثم سرد المعاني الوطنية والهويتية لهبة القدس والأقصى الخالدة ومدلولاتها على فلسطينيي الداخل، ثم ذكر الخلفية والتبعات لصياغة الوثائق الجمعية مثل وثيقة حيفا، ووثيقة التصور المستقبلي، ووثيقة مركز عدالة، ووثيقة مركز مساواة، والتي كان شارك مع زملائه من مختلف الأحزاب والتيارات في بلورة وصياغة معظمها.

ركائز مشروع التجمع

 بعد المقدمة، شرح المحامي رابي عن نشأة  التجمع في ظروف ما بعد اتفاقية "أوسلو" وما تبعها من خطر على الفلسطينيين عامة وعلى فلسطينيي الداخل خاصة، من مكائد الأسرلة وخطاب المساواة المنقوصة والمشوهة للهوية القومية والوطنية، مع  بيان ركائز مشروع التجمع كمشروع وطني وديمقراطي مناهض للصهيونية، ينادي بالمساواة الكاملة غير المنقوصة دون التخلي بتاتا عن الهوية القومية، وتدعيم مشروعه بطروحات أهمها: دولة المواطنين المناقضة لفكرة الدولة اليهودية؛ والحكم الذاتي الثقافي وإدارة شؤون التعليم، وتنظيم فلسطينيي الداخل  وبناء مؤسساتهم القومية الجامعة، وخصوصًا لجنة المتابعة كقيادة قومية تمثيلية منتخبة تنضوي وتتفرع تحتها لجان مهنية مختصة، وكيف ترجم هذه الشعارات والقيم إلى برامج عمل وإنجازات عينية كثيرة في البرلمان وفي الميدان على حد سواء، وأتبعها بالتخطيط لمشاريع مكملة لها، موضحا بأمثله عينية كثيرة الرابط الوثيق بين الهموم والحقوق القومية الوطنية، وبين الهموم اليومية والحقوق المدنية، دون الوقوع في مصيدة التناقضات المصطنعة التي تغلب هذا الجزء على ذاك، وعرض دور نواب التجمع الهائل في اقتراحات قوانين واستجوابات وفضح ومنع سياسات تمييزية في الميزانيات والتطوير والأراضي، ودوره في النهوض بالتعليم العربي من مراقبة وكشف أخطاء ثقافية ولغوية، وزيارات مدارس، ومتابعة قضايا حياتية، والمساهمة في منع كوارث تجلت في كثير من القوانين العنصرية التي كانت الحكومة على وشك تمريرها.

رفض مشاريع التسوية

وفي معرض النقاش والرد على أسئلة الحضور، تطرق رابي للموقف الحازم وغير المتلعثم من فكرة الدولة اليهودية منذ ذكرها في  قرار التقسيم الجائر حتى اليوم، وتطرق لخطورة الانزلاق في متاهات مضللة وخطيرة كان للتجمع موقفًا متميزًا ومثابرًا منها ومن تبعاتها، مثل اتفاقية "أوسلو"، و"وثيقة جنيف"، وشعار "دولتان لشعبين"، والدستور الإسرائيلي المقترح تحت مظلة يهودية الدولة، ومخطط "برافر" في النقب وأمثلة أخرى.

كما تطرق في النقاش للعلاقة  بين القومية والحداثة، خاصة إذا حمل الهوية القومية فكر قومي متنور ومنفتح على القوميات الأخرى، ينهل من الفكر الإنساني ويتطلع للحداثة ويساهم فيها دون الوقوع في عدمية قومية باسم العولمة أو التعاون المصطنع وتفسيراتها المشوهة، متطرقا لدور التجمع الفعال في الهبات الوطنية لفلسطينيي الداخل، وكذلك دوره وبرامجه لحراك وطني اجتماعي واقتصادي مرافق وملازم لهوية وطنية قومية تكون عموده الفقري وبوصلته الفكرية والعملية.

خطورة عدم التصويت للأحزاب العربية وأدلجة التكاسل

وفي النهاية، شرح المحامي رابي مدى خطورة التقاعس عن المشاركة في التصويت للأحزاب الوطنية، خاصة في هذه الظروف الاستثنائية لاستفحال العنصرية الصهيونية وتجلياتها، وبين تجارب شعوب أخرى في هذا المضمار، منذ روسيا القيصرية مرورا بإيرلندا والجزائر والمغرب، وتبيان الفرق بين المقاطعة الآيديولوجية التي تحتاج  إلى مد ثوري عارم وعصيان مدني جماعي لم تتوفر الظروف له بعد، وبين عزوف عن السياسة وخطورة عدم المشاركة وأدلجة التكاسل، مقارنة بالمشاركة العارمة في انتخابات السلطات المحلية وما يعنيه ذلك من انتماءات وولاءات ثانوية وسابقة للقومية؛ واختتم رابي بالقول: "الظروف الراهنة المتمثلة في تنامي الفاشية والأبارتهايد، وازدياد قوة اليمين المتطرف، تحتم وتلزم المشاركة والتصويت في الانتخابات وليس مقاطعتها بالشكل المطروح من البعض."

التعليقات