خبير ديمغرافي إسرائيلي: نعيش الآن واقع الدولة الثنائية القومية

البروفيسور ديلا فيرغولا: "بوجود أغلبية يهودية من 80% بالإمكان وصف إسرائيل دولة الشعب اليهودي أو دولة يهودية. لكن إذا أضفنا الضفة، فإن الأغلبية تتراجع إلى 60%، وإذا أضفنا غزة فإن الأغلبية اليهودية تنخفض إلى 50%"

خبير ديمغرافي إسرائيلي: نعيش الآن واقع الدولة الثنائية القومية

أثارت المعطيات التي استعرضتها "الإدارة المدنية" للضفة الغربية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أمس الاثنين، حول التوازن الديمغرافي بين العرب واليهود بين النهر والبحر، أي في فلسطين التاريخية، ضجة في إسرائيل، حيث رأى مؤيدو حل الدولتين أن هذه المعطيات تؤكد ضرورة "الانفصال عن الفلسطينيين" وبقاء أغلبية يهودية كبيرة في إسرائيل، بينما رفضها اليمين الإسرائيلي معتبرا أنها معطيات خاطئة ولا تعكس الواقع الديمغرافي.

النظر عن هذا النقاش، المستمر منذ سنوات، فإن الواقع، وفقا للخبير الديمغرافي الإسرائيلي، البروفيسور سيرجيو ديلا فيرغولا، الذي يعتبر أهم خبير في الديمغرافيا اليهودية، هو أنه "سيكون هنا عرب أكثر بقليل ويهود أقل بقليل". وأضاف في مقابلات صحفية اليوم، الثلاثاء، "أنني أقول هذا الأمر منذ 15 عاما".

وتفيد معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية للعام 2016، بأنه يوجد في إسرائيل 6.44 مليون يهودي و1.52 مليون عربي، فيما قالت معطيات "الإدارة المدنية" إنه يوجد في الضفة الغربية وقطاع غزة خمسة ملايين فلسطيني. ويعني ذلك أنه مقابل 6.44 مليون يهودي يوجد 6.5 مليون عربي فلسطيني في فلسطين التاريخية.

وأكد ديلا فيرغولا، خلال مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم، على أن المعطيات حول الفلسطينيين في الضفة والقطاع هي للجيش الإسرائيلي، وهي أكيدة. وقال لموقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني إن "المعطيات التي نُشرت هي من السجل المستقل للجيش. وهي صحيحة باستثناء قيد واحد، هو أنها تشمل عمليا أشخاصا يتواجدون خارج البلاد. لكن هذه أقلية من بضعة آلاف، ولا تؤثر على الصورة العامة".

وحذر ديلا فيرغولا اليمين الإسرائيلي من أنه "بوجود أغلبية يهودية مؤلفة من 80% أو أقل بقليل، مثلما هو الوضع اليوم (داخل الخط الأخضر)، بالإمكان وصف إسرائيل دولة الشعب اليهودي أو دولة يهودية. لكن إذا أضفنا الضفة، فإن الأغلبية تتراجع إلى 60%، وإذا أضفنا غزة فإن الأغلبية اليهودية تنخفض إلى 50%، وهذه لم تعد أغلبية ولن تكون هناك دولة يهودية ولا يكون هناك وجود لدولة إسرائيل التي فكرنا فيها".

وفي حال عدم احتساب قطاع غزة في هذا الميزان الديمغرافي، بادعاء أن إسرائيل انسحبت منه، قال ديلا فيرغولا إن "النسبة هي 60 إلى 40 وهذا لا يسمح ببقاء إسرائيل. لا توجد دولة في العالم مع نسب كهذه بين شعبين. ودول كهذه ستتفكك. هذا ما حدث في قبرص. النسب هناك 82 إلى 18 وتفكك، والأمر نفسه حدث في تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا. لذلك هذا وضع غير قابل للحياة".

وأضاف أنه "يوجد معسكر في الكنيست يصف هذه التوقعات بأنها هراء، ويدعي أن المعطيات غير صحيحة. لقد رأيت تعقيب عضو الكنيست يهودا غيليك. حسنا، بإمكانهم الاختباء خلف الإصبع الصغير، لكن هذه هي الحقائق وهي تتقدم رويدا رويدا ومن دون انحراف... والآن نحن نعيش في واقع الدولة الثنائية القومية. ويتبين من معطيات دائرة الإحصاء اليوم أن التغييرات المستقبلية لن تكون كبيرة من حيث حجم السكان، لا لدى اليهود ولا لدى العرب".

إلا أن ديلا فيرغولا لفت إلى أن "ما سيحدث في المستقبل سيكون مختلفا. سيزداد عدد الحريديم بين السكان اليهود، ولكن مجموع اليهود لن يتغير بصورة دراماتيكية. والزيادة لدى السكان اليهود هي قضية مختلفة، لكنها الشرط للحفاظ على المعطيات الحالية. وإذا كان هناك عدد أقل من الحريديم، فإن عدد اليهود سيقل ونسبة العرب سترتفع أكثر. وهذه حقائق ولا يمكن التهرب منها".

وتابع أنه "صحيح أن الفرق بين اليهود والعرب تقلص بالولادات لأن اليهود ينجبون أكثر والعربينجبون أقل. ورغم ذلك، ينسون دائما، ويبدو عن قصد، أن الأفراد يموتون، وعندها ينبغي النظر إلى الفرق في الوفيات. إذ أن نسبة الوفيات بين السكان العرب أقل بكثير من النسبة بين السكان اليهود، لأن أعمارهم (أعمار العرب) صغيرة أكثر. ونحن ’مسنون’ أكثر ولذلك لدينا وفيات أكثر. وهكذا، بينما الفرق في الولادات لم يعد كما كان في الماضي، فإن الفرق في الوفيات يعمل كله لصالح العرب، ولذلك فإنه لا يغير الصورة العامة. والأمر اللافت اليوم هو أنه لسنا ’نحن’ من يقول ذلك، وإنما الجيش الإسرائيلي. وهذه هيئة رسمية وليست، واعذروني على التهكم، ’مجموعة مهووسة من اليساريين".

وأشار ديلا فيرغولا إلى أن "كل هذه هي تحولات بطيئة. والمسألة المهمة هي أن لهذه التحولات تبعات سياسية كبيرة جدا. ويتوقع أن يسكن في الحدود المختلفة لدولة إسرائيل مجموعات سكانية مختلفة. والمسألة المصيرية هي مسألة الأغلبية اليهودية".

وخلص ديلا فيرغولا إلى أن 58% من يهود الولايات المتحدة انصهروا في المجتمع الأميركي، "والوضع في كندا أخطر". وتعبير "انصهار" في المفهوم اليهودي هو أن المنصهر، الذي تزوج من غير يهودي، لم يعد يهوديا. ويتوقع خبراء يهود في الديمغرافيا أنه خلال 300 عام لن يبقى يهود في أميركا الشمالية. "والوضع في روسيا ليس واعدا، وفقط الحريديم ينقذون وضع يهود الشتات".

التعليقات