اجتماع أميركي روسي إسرائيلي: اعتراف بالأسد وإبعاد إيران

تشير توقعات إسرائيلية إلى أن مستشار الأمن القومي الروسي سيحاول خلال اجتماع مع نظيريه الأميركي والإسرائيلي، سيعقد في إسرائيل، الحصول على اعتراف بشرعية نظام الأسد، وتمكينه من المنافسة في انتخابات قادمة..

اجتماع أميركي روسي إسرائيلي: اعتراف بالأسد وإبعاد إيران

بولتون، بن شبات وبتروشيف (أ ب)

اعتبر الدبلوماسي الإسرائيلي، تسفي ماغين، أن اجتماع مستشاري الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، والروسي، نيكولاي بتروشيف، والإسرائيلي، مئير بن شبات، في إسرائيل، في نهاية حزيران/يونيو الجاري، هو إنجاز للسياسة الإسرائيلية "التي نجحت بالمناورة بين مصالح موسكو وواشنطن وأن تكون شريكا لحوار بين الدول العظمى حول مستقبل سورية والتدخل الإيراني في هذه الدولة". ويحاول ماغين "إزالة جزء من الضبابية التي تغلف الاجتماع"، حسبما كتب في مقال نشره اليوم، الخميس، موقع "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، وهو أحد كبار الباحثين فيه.

ورجح ماغين أن اجتماع مستشاري الأمن القومي الثلاثة سيبحث قضايا عالمية مطروحة على أجندة الولايات المتحدة وروسيا، وذلك "على ضوء توثيق الحوار بينهما". لكن فيما يتعلق بمستقبل سورية، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل على الأقل، تعتزمان البحث في "بلورة سياسة مشتركة حيال سورية وإيران". وفيما يتعلق بسورية تحديدا، فإن إسرائيل والولايات المتحدة ستفضلان مسار التسوية الذي تقوده الأمم المتحدة في جنيف، وليس وفق مسار الأستانة الذي تشارك فيه روسيا وإيران وتركيا فقط.

وأضاف ماغين أن الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان "دفع إصلاحات سياسية في سورية"، وفي المقابل "ستطالب روسيا بموافقة أميركية على المكانة الرسمية للرئيس بشار الأسد، بحيث يتمكن من المنافسة في الانتخابات المقبلة على الرئاسة في سورية".

وأشار ماغين إلى أنه على خلفية التوتر الأميركي – الإيراني في الخليج، فإن "الولايات المتحدة تتوقع دعما روسيا لسياستها في الموضوع الإيراني، وخاصة بما يتعلق بممارسة عقوبات من أجل إعادة إيران إلى المفاوضات التي تهدف إلى تحسين الاتفاق النووي، وكذلك تقليص التأثير الإيراني في سورية خاصة وفي الشرق الأوسط عامة".   

ولم يستبعد ماغين أن التقرب الروسي من إسرائيل نابع بالأساس من رغبتها بالتقرب من الولايات المتحدة، وأن "عقد الاجتماع في إسرائيل هو على ما يبدو تعبير آخر عن ذلك". وأضاف أن "الإدارة الأميركية معنية، في الفترة الحالية على ما يبدو، بمحاولة استغلال استعداد روسيا لإخراج قوات إيران من سورية بالتعاون مع إسرائيل، وربما أيضا العمل ضد إيران من أجل خفض التوتر في الخليج ودفعها إلى الموافقة على استئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي"، وأن لروسيا مصلحة في إنهاء الأزمة السورية قريبا، وتحسين العلاقات مع أوروبا حول مناطق الاتحاد السوفييتي السابق، وتأمل برفع العقوبات الأميركية التي فرضت عليها إثر الأزمة الأوكرانية.

العلاقات الروسية - الإيرانية   

أشار ماغين إلى أنه بينما ما زال ليس واضحا بعد ما إذا كان سيتم التوصل إلى تفاهمات أميركية – روسية، فإن روسيا وإيران شريكتان في الحرب في سورية إلى جانب نظام الأسد، ولكن "الفجوات في موقفيهما آخذة بالاتساع تدريجيا بالنسبة لرسم مستقبل سورية. وازداد التوتر بينهما مؤخرا على خلفية التوتر بين إيران والولايات المتحدة".  

وحسب تقدير ماغين فإن "قرار روسيا بتغيير شكل التعاون بينها وبين إيران، إلى جانب تقربها من الغرب وإسرائيل، تبلور قبل سنة"، وأنه كان بالإمكان رصد التعبير عن ذلك بمقترحات قدمتها روسيا إلى الولايات المتحدة وإسرائيل تقضي بإبعاد إيران عن سورية، والتي جرى طرحها خلال قمة هلسنكي، في تموز/يوليو العام الماضي، وكذلك في مؤتمر عقد في باريس في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

لكن تطبيق هذه المقترحات واجه معارضة جهات ذات تأثير داخل روسيا، والتي تخوفت من التقرب من الولايات المتحدة والتخلي عن العلاقات مع إيران، وتفضيل استمرار المواجهة بين الدولتين العظميين، الذي تعتبر فيه إيران شريكا ضد الغرب. إلا أن ماغين اعتبر أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، نجح في دفع هذه المقترحات رغم استمرار المعارضة الداخلية لها، واستدرك أنه ما زال مبكرا تقييم جدية القيادة الروسية بتنفيذ المقترحات، خاصة في أعقاب معارضة إيران ونظام الأسد لهذه المقترحات.

وفيما يتعلق بالعلاقات الروسية – الإسرائيلية، اعتبر ماغين أن الأزمة بينهما في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية في سورية، في أيلول/سبتمبر الماضي، قد انتهت، وأن يوجد جهد "ملحوظ" من جانب القيادة الروسية من أجل تحسين العلاقات مع إسرائيل، رغم المعارضة الروسية الداخلية لتغيير السياسة الروسية في الشرق الأوسط. وحسب ماغين، فإن هذه الأزمة انتهت في نهاية شباط/فبراير الماضي، "عندما اقترح بوتين على رئيس الحكومة نتنياهو، خلال لقاء بينهما، إنشاء إطار جديد للتعاون في بلورة التسوية في سورية ومن خلال ذلك إخراج القوات الأجنبية، مع التشديد على إيران، من سورية. وربما يكون هدف خطوة كهذه دفع تفاهمات بين موسكو وواشنطن. وعلى الأرجح أن إسرائيل ساهمت في دفع مصالح روسيا بتوثيق الحوار مع الولايات المتحدة، ولذلك حظيت إسرائيل باعتراف روسي بالجميل".

"على إسرائيل المطالبة بقناة اتصال عسكرية مع النظام السوري"

 يبدو أن اجتماع مستشاري الأمن القومي الثلاثة سيتناول مسألة انسحاب القوات الأميركية من روسية. ووصف ماغين الاجتماع بأنه "مرحلة أخرى في استئناف الحوار الأميركي – الروسي، وهدفه الأساسي هو دفع المواضيع الهامة للأطراف المشاركة فيه في الحلبة الدولية"، إلى جانب "بلورة سياسة مشتركة تجاه سورية والتأثير الإيراني هناك، وبضمن ذلك إخراج القوات الأجنبية من سورية، ومحاولة بلورة استعداد لعمل مشترك لحل تحديات المنطقة".

وأضاف ماغين أنه "بما يتعلق بسورية تحديدا، فإن الاجتماع سيركز على استقرار الدولة وتسوية سياسية فيها، رغم أن ثمة شكا في ما إذا كانت الولايات المتحدة ستعترف بنظام الأسد أو المشاركة في تمويل إعادة إعمار سورية مقابل تعاون من جانب روسيا".  

وفيما يتعلق باختيار إسرائيل كمكان لاجتماع مستشاري الأمن القومي، رأى ماغين أن ذلك "يرمي إلى التشديد على دورها الإقليمي، خاصة على خلفية حقيقة أن التقارب الروسي – الأميركي لا يحظى حتى الآن بتأييد واسع سواء في الولايات المتحدة أو في روسيا. لكن ربما أنه توجد مصلحة لواشنطن وموسكو بالتعبير عن تأييد لإسرائيل، سواء في السياق السوري أو في السياق الإيراني. ولإسرائيل، التي تؤدي دورا في هذا الحوار، مصلحة بالمشاركة في محادثات متعلقة بأمور إقليمية تتعلق بسورية وإيران. لكن ربما أن إسرائيل تتحمل مخاطر معينة، وذلك لأنه قد تتحقق في هذه المحادثات تفاهمات تتطرق بالأساس إلى دفع تسوية في سورية واستقرارها، من دون توفير رد للمصالح الإسرائيلية في هذا السياق".

ورأى ماغين أنه حتى في حال لم يتوصل الاجتماع إلى اتفاق حول تسوية في سورية وإخراج القوات الإيرانية منها، فإن "مجرد عقده يحسن مكانة إسرائيل واحتمال أن تتمكن من التأثير على تسوية مستقبلية في سورية".

وخلص ماغين إلى أن "المستشار الروسي سيحاول خلال الاجتماع الحصول على شرعية لاستمرار حكم الأسد في سورية وعلى اعتراف بأنه الجهة التي انتصرت في الحرب الأهلية وأن لا بديل له، في السنوات القريبة المقبلة على الأقل. ولذلك، يفضل أن تطالب إسرائيل مقابل الاعتراف بحكم الأسد بمأسسة قناة اتصال عسكرية مقابل النظام السوري، من أجل تنسيق توقعات ومنه سوء فهم؛ والتيقن من أن النظام يمنع انتشار جهات إرهابية موالية لإيران في هضبة الجولان (غير المحتل)؛ ومنع تصعيد على خلفية تقديرات خاطئة بالنسبة لنوايا وعمليات الجانب الآخر".

التعليقات