مفاعل ديمونا العجوز... تشرنوبل إسرائيل؟

"سمع بنفسه ممثلي اللجنة للطاقة الذرية يقدمون تقارير كاذبة للجنة التكنولوجيا التابعة للكنيست، والتي كان عضوا فيها في العام 2004. وبعد التحفظات التي طرحها، من خلال تجربته في تشغيل المفاعل، فقد كان الرد أن أمن الدولة يقتضي ذلك"

مفاعل ديمونا العجوز... تشرنوبل إسرائيل؟

(أ ف ب)

"سمع بنفسه ممثلي اللجنة للطاقة الذرية يقدمون تقارير كاذبة للجنة التكنولوجيا التابعة للكنيست، والتي كان عضوا فيها في العام 2004. وبعد التحفظات التي طرحها، من خلال تجربته في تشغيل المفاعل، فقد كان الرد أن أمن الدولة يقتضي ذلك"


بعد عرض مسلسل "تشرنوبل" والكارثة النووية التي تسبب بها، يثور مجددا النقاش حول ما إذا كان ذلك من الممكن أن يحصل ذلك في إسرائيل.

يقول البروفيسور في الكيمياء، عوزي إيفين، وأحد المشاركين في إقامة مفاعل "ديمونا"، فإن الإجابة العادية على السؤال تكون لا، ولكنه يشير إلى الكذب في التقارير التي قدمت للكنيست، ويلمح إلى خطورة المفاعل التي يجري التستر على الحقائق والتفاصيل بشأنه بذريعة "أمن الدولة".

وللمقارنة، يشير إلى أن قدرة المفاعل الروسي "تشرنوبل" تفوق قدرة مفاعل ديمونا بنحو 30 مرة، بالنتيجة فإن ذلك ينسحب على النفايات النووية الناتجة، والتي يؤدي انتشارها في حال وقوع حادث أو عملية إلى كارثة تمتد لعشرات أو مئات السنوات.

وكتب في صحيفة "هآرتس"، أن السبب الأول لانفجار المفاعل الروسي كان يكمن في مراحله الأولى وطريقة تخطيطه. فمفاعل من هذا النوع غير مستقر وكان يجب عدم بنائه. ويضيف أن المهندسين السوفييت كانوا يعلمون بذلك، ولكن تم إسكاتهم بذريعة "أمن الدولة".

ويتابع أن هذه الحقيقة هي السبب في عدم بناء أي مفاعل مماثل لتشرنوبل في العالم، باستثناء الاتحاد السوفييتي سابقا، حيث يوجد نحو 10 مفاعلات أخرى مماثلة له في المناطق التي كانت جزءا من الاتحاد السوفييتي.

وبحسبه، فإن أمن الدولة كان على حساب الأمان في تشغيل المفاعل، وتم إنزال عقوبات قاسية على كل من حذر من ذلك في الاتحاد السوفييتي.

أما مفاعل ديمونا، يضيف، فهو لا يواجه مصاعب تخطيط مماثلة، ولكن يوجد "إخفاء حقائق حول تشغيله".

ويشدد على أنه سمع بنفسه ممثلي اللجنة للطاقة الذرية يقدمون تقارير كاذبة للجنة التكنولوجيا التابعة للكنيست، والتي كان عضوا فيها في العام 2004. وبعد التحفظات التي طرحها، من خلال تجربته في تشغيل المفاعل، فقد كان الرد أن "أمن الدولة يقتضي ذلك".

ويشير إلى أنه تم استدعاؤه  إلى "جلسات توضيح"، والتي كانت عبارة عن تهديد مبطن، من قبل اثنين من رؤساء اللجنة للطاقة الذرية، وحذراه من مغبة الاستمرار في هذا الاتجاه. ويقر بأن هذه التحذيرات كان لها مفاعيلها عليه.

وكتب أيضا أن مفاعل ديمونا صغير جدا مقارنة بتشرنوبل، ولكنه يعمل وينتج نفايات نووية منذ نحو 55 عاما، بينما تتراكم النفايات وتخزن في موقع المفاعل، لدرجة أن كمية النفايات المشعة التي تراكمت في ديمونا لا تقل كثيرا عن الكمية التي انتشرت في كارثة مفاعل تشرنوبل، والذي تم تفعيله مدة سنتين فقط قبل أن ينفجر.

ومن أجل تقديم كمية النفايات النووية، يكتب إيفين، أنه يجب معرفة قدرة التشغيل في المفاعل والمدة التي يعمل بها، ولكن ذلك "سر دولة" لا يمكن مناقشته، تماما مثل الاتحاد السوفييتي. بحسبه.

وعن أسباب قلقه، يكتب أنه حتى لو كان خطر انفجاره، نتيجة حادث كما حصل في تشرنوبل، غير قائم، فإن إسرائيل "محاطة بأعداء طوروا أسلحة دقيقة بما يكفي لإصابة المفاعل. ولا يمكن الاعتماد على أن اعتباراتهم ستدفعهم إلى تجنب استهداف واسع للمدنيين". وهنا يشير إلى أن النفايات النووية وكيفية تخزينها ومدى الحماية المتوفرة لها من القصف المكثف يعتبر أيضا سرا من أسرار الدولة مثل الاتحاد السوفييتي.

وينهي بالقول إنه "في حال وقوع تخريب أو حادث، بسبب عمر المفاعل العجوز الأقدم في العالم ولا يزال يتم تشغيله، يجب أن يتم إخلاء مدينة ديمونا والعرب البدو في المحيط، ما يعني أنه سيتوجب إخلاء أكثر من 60 ألف شخص. فهل يعادل هذا الخطر الفائدة من استمرار عمل المفاعل؟ يبدو أن هذا التوازن اليوم لم يعد قاطعا".

تجدر الإشارة إلى أن البروفيسور إيفن كان قد سرّب، في أيار/ مايو 1981 إلى رئيس المعارضة في حينه، شمعون بيرس، استعداد رئيس الحكومة، مناحيم بيغين، لضرب المفاعل النووي العراقي. وفي أعقاب ذلك بعث بيرس برسالة إلى بيغين يدعوه إلى إلغاء العملية، ومعالجة المسألة بواسطة ضغوط سياسية من جانب فرنسا المزودة للمفاعل، والضغط على الرئيس العراقي صدام حسين. في نهاية المطاف أدت الرسالة إلى تأجيل العملية مدة تزيد عن شهر.

كما سبق وأن دعا إيفين إلى إغلاق المفاعل النووي، وقال إن هناك مبالغة كبيرة في عرض ما يسمى "الخطر الوجودي على إسرائيل من المشروع النووي الإيراني"، واعتبر الاتفاق النووي أفضل من الوضع الذي كان قائما قبل الاتفاق.

التعليقات