ثلث الشبان اليهود وخُمس العرب يغادرون الجليل

رغم مشروع "تهويد الجليل" الذي يسعى لإحداث أغلبية يهودية، إلا أن العرب يشكلون 53% واليهود 47%* "الأمر الذي يُبقي الأفراد في مكان معين هو الأمن الاقتصادي والتشغيلي والأمني، وتوجد في منطقة الجليل عدة أمور ليست آمنة"

ثلث الشبان اليهود وخُمس العرب يغادرون الجليل

بلدة أفيفيم في شمال البلاد - وضع أمني غير مستقر (أ.ب.)

أظهرت دراسة نُشرت مؤخرا، وجود حركة هجرة من شمالي البلاد إلى وسطها، منطقة تل أبيب خصوصا، وأنه على الرغم من أن هذه الهجرة تشمل شبانا يهودا وعربا، فإن العرب في منطقة الجليل يشكلون 53% من السكان، بينما يشكل اليهود 47%، وذلك رغم مشروع "تهويد الجليل" ومغريات للسكان اليهود، مثل السكن في فيلات وإعفاءات في ضريبة الدخل.

وأشارت معطيات جمعتها "مجموعة بارتو للاستشارة الاقتصادية والإستراتيجية" إلى أنه خلال العام الماضي غادرة منطقة صفد، التي تشمل 64 بلدة صغيرة وتمتد إلى سهل الحولة، 5300 شخص، وهاجر إليها 4400 شخص. كذلك جرى تسجيل هجرة سلبية من مناطق عكا ومرج بن عامر وطبرية.

ووفقا لمجموعة بارتو، فإنه منذ العام 2000 غادر منطقة الجليل قرابة 30% من الشبان اليهود حتى سن 25 عاما، بينما غادرها 20% من الشبان العرب.

ونقلت صحيفة "ماكور ريشون"، أول من أمس الجمعة، عن مدير عام مجموعة بارتو، البروفيسور دورون لافي، الخبير في الاقتصاد العام والمحاضر في كلية تل حاي،، قوله إنه "يتبين من تحليل المعطيات وبعد اختزال الهجرة الإيجابية أننا فقدنا معظم الشبان المتعلمين الذين وُلدوا وترعرعوا هنا وكان بإمكانهم تطوير المنطقة. وهذا عدد هائل يعكس فقدان كافة احتمالات حدوث اختراق الطريق الاقتصادية التي كان يمكن أن يحدث في هذه المنطقة".

وإلى جانب فشل مشروع "تهويد الجليل"، فإن الهجرة اليهودية السلبية من الجليل "تلغي النمو الطبيعي" للسكان اليهود في الجليل. وأشار لافي إلى أن "الحكومة لا تنجح في تحريك سكان جدد نحو الشمال، والشرائح السكانية القوية هي التي تغادر بالأساس، بسبب وجود ضائقة تشغيلية نوعية وبسبب عيوب في البنية التحتية في مجالات التعليم والصحة والمواصلات".  

وحسب معطيات مجموعة بارتو، فإن في مقابل هجرة الشبان اليهود إلى وسط البلاد، فإن العرب يغادرون الجليل باتجاه المثلث ويافا، وذلك لأن المشغلين في منطقة تل أبيب لا يستوعبون العرب. وفي حالة العرب أيضا، الذين يغادرون الجليل هم الأكثر تأهيلا وتعليما ويواجهون مصاعب بالعثور على عمل ملائم في شمال البلاد.

ويظهر من أقوال مسؤولين في معهد "ميغيل"، المتخصص في مجالات مثل البيوتكنولوجيا والبيئة والغذاء، ويعتبر أحد المعاهد الإسرائيلية الرائدة في أبحاث الزراعة، ويعتمد على ميزانيات حكومية سنوية، أن الاعتماد على ميزانيات حكومية لا يضمن الاستقرار الاقتصادي للباحثين العاملين في المعهد.

وقال مدير معهد "ميغيل"، دافيد زيغدون، إن "الأمر الذي يُبقي الأفراد في مكان معين هو الأمن الاقتصادي والتشغيلي والأمني، وتوجد في منطقة الجليل عدة أمور ليست آمنة". وأشار إلى أن ميزانية العام الحالي تشارف على نهايتها، وبسبب الأزمة السياسية في إسرائيل، التي تمنع تشكيل حكومة، فإن هناك تخوفات إزاء ميزانية العام 2020 المقبل.

وأضاف زيغدون "أنا أعتمد على ميزانية الدولة، ولذلك لا أعرف شيئا عن ميزانيتي المقبلة"، لافتا إلى أنه "في مقابل ذلك، توجد في وسط البلاد شركات خاصة كثيرة ذات استقرار اقتصادي، وبإمكانها طرح أماكن عمل للشبان الملائمين. وعندما أحاول إقناع أشخاص من وسط البلاد بالقدوم للعمل في الشمال، فإنهم يسألون عن حيز العمل الذي بإمكاني تقديمه للباحثين، وأنا لا يمكنني أن أقدم يقينا لهم اليوم".

وقال لافي أن المسؤولية عن الهجرة السلبية من الجليل لا تقع على الحكومة فقط، وإنما على رؤساء السلطات المحلية في هذه المنطقة أيضا. "يوجد عدد كبير جدا من السلطات المحلية في الشمال، وبسبب انتشارها وانفصالها عن بعضها، فإنها لا تنجح بالتنظيم وإحداث كتلة هامة من أجل دفع الحكومة إلى العمل. والحكومة تتخوف من أنها إذا ضخت أموالا إلى مشاريع كبيرة هنا، فإنه ليس مؤكدا أن تنجح القيادة المحلية في الاستفادة منها كي تنجح. وفي نهاية الأمر، تبحث الحكومة عن الارتباط مع نجاحات. وأسوأ شيئ بالنسبة لها هو استثمار موارد لا تثمر عن شيء في النهاية".

وتشير المعطيات إلى أنه غادر بلدة كريات شمونيه منذ تأسيسها 200 ألف شخص. وقال لافي إنه "حتى أولئك الذين جاؤوا من منطلقات أيديولوجية للاستيطان في الجليل، يئسوا في مرحلة ما وأدركوا أن مستوى الحياة الذي سيحصلون عليه في وسط البلاد أعلى بكثير، ولذلك عادوا إلى هناك".

التعليقات