تقرير إسرائيلي: الاتفاق الإستراتيجي الصيني الإيراني تجاري بالأساس

"للصين علاقات وثيقة مع السعودية والإمارات، وتصفهما بأنهما ’شريكات إستراتيجيات’ أيضا. وأهمية إسرائيل ضئيلة ولا تؤخذ بالحسبان في مجمل اعتبارات الصين، باستثناء التخوف من هجوم عسكري على المنشآت النووية في إيران"

تقرير إسرائيلي: الاتفاق الإستراتيجي الصيني الإيراني تجاري بالأساس

زيارة الرئيس الصيني لطهران، عام 2016 (أ.ب.)

تفيد مسودة اتفاق إستراتيجي بين الصين وإيران لـ25 عاما، نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، في 11 تموز/يوليو الحالي، بأن تحصل الصين على أفضلية في الاستثمارات في مشاريع بنى تحتية في إيران – في مجالات عدة بينها المواصلات، الموانئ، الشوارع، القطارات، البنوك والاتصالات. وذلك إلى جانب التعاون في مجالات السايبر، الأبحاث، التطوير والاستخبارات، إضافة إلى إمكانية إجراء تدريبات عسكرية مشتركة. وفي المقابل، تلتزم إيران بتزويد منتظم للنفط والغاز للصين، وبتخفيض أسعار لفترة طويلة. وتنص مسودة الاتفاق أيضا على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة للصناعات العسكرية وتطوير أسلحة.

وجاءت المداولات بين الجانبين حول الاتفاق استمرارا لزيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، لطهران عام 2016، التي جرى خلالها تحسين العلاقات إلى "تعاون إستراتيجي شامل". وأشار تقرير صدر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب أمس، الأربعاء، إلى أن الصين وصفت بصيغة مطابقة علاقاتها مع السعودية خلال جولة شي نفسها في الخليج، وكذلك علاقاتها مع عشرين دولة أخرى أيضا.

وجرى خلال زيارة شي لإيران توقيع 17 اتفاقا، والاتفاق على توسيع التبادل التجاري بعشرة أضعاف، ليصل إلى 600 مليار دولار، "وثمة شك إذا كانت الصين ستفي بغايته حتى لو لم تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، عام 2018، وفرضت عقوبات اقتصادية واسعة على إيران، أدت إلى تراجع حجم التبادل التجاري بين الصين وإيران"، حسب التقرير.

وأضاف التقرير أن الكثير من الاتفاقيات بين الجانبين "بقيت حبرا على ورق" بعد أربع سنوات من زيارة شي، "وليس فقط أن الصين لم تساعد في تقدم الاتفاقيات، وإنما نشر الذراع المالي الذي يعمل مقابل إيران، "بنك كونلون" ومقره في بكين، طوال الوقت قوائم الشركات الإيرانية التي تخضع لعقوبات أميركية ورفض منحها ائتمانا". ورغم ذلك، استمرت الصين في استيراد النفط من إيران، "فيما الكميات الرسمية أقل من الحقيقية التي استوردت إلى الصين، وعن طريق ماليزيا بالأساس".

مصلحة إيرانية

لإيران مصلحة باتفاق كهذا مع الصين في ظل العقوبات الأميركية، وعبر الرئيس حسن روحاني عن أمله بتوقيع الاتفاق في آذار/مارس المقبل. رغم ذلك، اتهم الرئيس الإيراني السابق، محمد أحمدي نجاد، حكومة روحاني بالتوقيع على صفقة سرية ومشبوهة مع الصين. وبحسب التقرير، فإنه تعالت في شبكات التواصل الاجتماعي انتقادات وتخوفات من أن إيران ستتحول إلى "محمية صينية"، وأن الصين تقمع أقلية الأويغور المسلمة.

منشأة نطنز بعد التفجير (أ.ب.)

في المقابل، تعالت أصوات مؤيدة للاتفاق، وترى فيه حبل إنقاذ هام للاقتصاد الإيراني. كما أن الزعيم الأعلى لإيران، علي خامنئي، عبر عن تأييده لهذا الاتفاق. وأشار التقرير إلى أن "للتعاون بين الصين وإيران مصلحة واضحة لطهران"، خاصة وأن "إيران موجودة الآن في إحدى اصعب الفترات التي شهدتها، بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور إثر العقوبات الأميركية، انخفاض سعر النفط وتبعات وباء كورونا، وبسبب اغتيال قاسم سليماني وكارثة إسقاط الطائرة الأوكرانية، والضغوط الأميركية لتمديد حظر بيع الأسلحة لإيران، والتفجير في نطنز مؤخرا".

وتابع التقرير أن "إيران تأمل بأن الانشغال بالاتفاق سيضمن استمرار معارضة الصين لمحاولة أميركية لتمديد سريان حظر الأسلحة على إيران في مجلس الأمن الدولي، وسيسمح لها لاحقا بالتسلح بسلاح صيني وربما يحسن ذلك مكانتها في المفاوضات لشراء أسلحة من روسيا".

الصين تخفي اهتمامها بالاتفاق

يُخفي الصينيون اهتمامهم باتفاق كهذا مع إيران، حسب التقرير الإسرائيلي، والجهات الرسمية تكاد لا تتطرق إليه، باستثناء المتحدثة باسم وزارة الخارجية، التي قالت إن "الصين تتعامل باهتمام مع التعاون مع دول أخرى. وإيران دولة صديقة تحظى بتعاون طبيعي مع الصين"، وأضافت أنه "ليس لدي أي معلومات" حول مسودة الاتفاق.

وأشار التقرير إلى أنه "بنظر الصينيين، فإن اتفاقا كهذا، في حال تم توقيعه، ستكون له أهمية تجارية بالأساس، إذ يفترض أن يمنح منافع لشركات صينية لأمد طويل، وبضمن ذلك تطوير حقول نفط واستيراد الطاقة بأسعار منخفضة".

وأضاف التقرير أن "الصينيين يستغلون في حالات كثيرة ضعف دول من أجل الحصول على شروط جيدة، وفي هذه الحالة هم يستغلون أزمة كورونا واستمرار العقوبات على إيران وحاجتها لاستثمارات واسعة، في محاولة للحصول على شروط جيدة للأمد الطويل لمصلحة شركات صينية".

وأشار التقرير إلى أنه في موازاة علاقاتها مع إيران، تقيم الصين علاقات وثيقة، وتعززت في السنوات الأخيرة، مع السعودية والإمارات، وتصفهما الصين بأنهما "شريكات إستراتيجيات" أيضا. ورجح التقرير أن "تدرس بكين، كجزء من قرارها بالمصادقة على الاتفاق مع إيران، التبعات على علاقاتها مع الشريكات الخليجيات الأخريات، وستحاول تحييد قسم من التخوفات والتكهنات التي ظهرت في وسائل الإعلام العربية، على خلفية التعاون بين الصين وإيران، وخاصة في السياق العسكري".

واعتبر التقرير أن إيران هي التي سربت مسودة الاتفاق إلى "نيويورك تايمز"، وأن "توق إيران إلى نشر الاتفاق الآخذ بالتبلور يخدم مصالحها أكثر مما يخدم مصالح الصين"، وأن "المصاعب الماثلة أمام المصادقة عليه، في كلا الجانبين، لم تُحل بعد. وتجارب الماضي تدل على أنه حتى لو تم التوقيع على الاتفاق، فإن هذا ليس كفيلا بخروج جميع المشاريع المذكورة فيه إلى حيز التنفيذ".

إسرائيل والاتفاق

فيما يتعلق بإسرائيل، أشار التقرير إلى أن الصين ستحافظ على التوازن في علاقاتها مع إيران ومع دول الخليج العربية، وأن "هدف الاتفاق مع إيران ليس إبرام حلف عسكري ضد الولايات المتحدة أو السعودية وإسرائيل".

وأضاف أن "أهمية إسرائيل في هذه الحالة ضئيلة بالنسبة للصين ولا تؤخذ بالحسبان في مجمل اعتباراتها، باستثناء التخوف الصيني من هجوم عسكري إسرائيلي على المنشآت النووية في إيران، الذي قد يشعل حربا إقليمية وتقويض الاستقرار في المنطقة".

وتابع التقرير أن "الصينيين سيدرسون مستوى المخاطر لدى مصادقتهم على اتفاق كهذا وسيترددون في دفعه قدما إذا شعروا أن استثماراتهم المالية ستستهدف بسبب استمرار نشاط إيراني متحدي، سينعكس على استقرار المنطقة واستقرار إيران الداخلي أيضا. وجدير أن تستعرض إسرائيل هذا الجانب مقابل الجهات الصينية الرسمية".

التعليقات