المغرب وإسرائيل: 60 عامًا من العلاقات الاستخباراتيّة (غير) السريّة

ليس من قبيل الصدفة أن ينصّ إعلان تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمغرب، الذي أعلن، أمس، الخميس، على مصطلح "إعادة" لا "بدء"، كما حدث مع الدول العربيّة الأخرى التي سبقت المغرب إلى التطبيع، فـستّة عقود تعاون المغرب وإسرائيل استخباراتيًا وحتى عسكريًا

المغرب وإسرائيل: 60 عامًا من العلاقات الاستخباراتيّة (غير) السريّة

المعارض المهدي بن بركة

ليس من قبيل الصدفة أن ينصّ إعلان تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمغرب، الذي أعلن، أمس، الخميس، على مصطلح "إعادة" لا "بدء"، كما حدث مع الدول العربيّة الأخرى التي سبقت المغرب إلى التطبيع، فـستّة عقود تعاون المغرب وإسرائيل استخباراتيًا وحتى عسكريًا "تعاونًا وثيقًا"، بحسب ما يقول مراسل الشؤون الاستخباراتيّة في "نيويورك تايمز"، رونين بيرغمان، اليوم، الجمعة.

وادّعى بيرغمان أن إسرائيل ساعدت المغرب على اغتيال الزعيم المعارض المهدي بن بركة، بالإضافة إلى دعم المغرب في الحصول على سلاح وجمع معلومات استخباراتيّة وكيفيّة استخدامها، في مقابل مساعدة المغرب إسرائيل في هجرة يهود المغرب إليها وشن عمليّة ضد زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، "وحتى التجسّس على دول عربيّة أخرى".

وبدأت هجرة اليهود المغاربة إلى فلسطين مبكرًّا، حتى أن يهود المغرب شكّلوا أكثر من 40% من سكان إسرائيل بعد العام 1949، قبل أن تتراجع النسبة لاحقًا. ومع نيل المغرب استقلاله عن فرنسا عام 1956، حظرت المملكة الوليدة هجرة اليهود إلى فلسطين، إلا أن الموساد استمرّ في عمليات تهجير اليهود، قبل أن تفشل إحدى عملياته عام 1961 وتغرق إحدى سفن الهجرة في البحر، وقضى معظم من كان عليها نحبه.

الحسن الثاني وقادة إسرائيليّون (أ ب)
الحسن الثاني وقادة إسرائيليّون (أ ب)

إلا أن العلاقات المغربيّة – الإسرائيليّة شهدت تغيّرًا مع اعتلاء الملك الحسن الثاني العرش عام 1961. ويدّعي بيرغمان أن إسرائيل "بذلت جهودًا ناجحة جدًا" لتوطيد العلاقة، ويروي أن الموساد التقى بالمعارض البارز المهدي بن بركة الذي سعى إسقاط الملك الحسن، قبل أن يوشي الإسرائيليون به إلى الملك.

ولاحقًا اختفى بن بركة، ولا تزال آثار مختفية إلى الآن.

وبعد هذه الوشاية، "سمح الملك الحسن الثاني بهجرة جماعية لليهود إلى فلسطين، وللموساد ببناء محطّة له في المغرب"، وفق بيرغمان، الذي أضاف أن إسرائيل زوّدت المغرب بالأسلحة ودرّبت المغاربة على استخدامها. وزوّدت المغرب بتكنولوجيا تعقّب وساعدت في تنظيم جهاز الاستخبارات المغربيّة؛ وتبادل الاثنان (المغرب وإسرائيل) المعلومات التي جمعت من قبل عملائهما في بداية تعاون مماثل امتدّ لسنوات".

وبلغ التعاون نقطة "حرجة" عام 1965، "عندما اجتمع القادة العرب وقادة الضباط في الدار البيضاء، وسمح المغرب للموساد باختراق غرق اجتماعاتهم وغرفهم الخاصّة" وبحسب بيرغمان فإنّ هذا التنصّت أعطى إسرائيل "رؤية غير مسبوقة على التفكير والقدرات والخطط العربيّة، التي تبيّن لاحقًا أنها حيويّة للموساد والجيش الإسرائيلي في الاستعداد لحرب 1967".

ويذكر بيرغمان بما قاله رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة في الجيش الإسرائيليّة الأسبق، شلومو غازيت، عام 2016، إنّ هذه التسجيلات، التي كانت حقيقةً إنجازًا عسكريًا مذهلا، أسّست شعورنا بأننا سنربح الحرب ضد مصر".

وبعد السماح للموساد بالتجسس على القادة العرب، حدّد الموساد مكان بن بركة، بناءً على طلب مغربي، وساهم في استدراجه إلى باريس. "وهناك، قام المغاربة وفرنسيون متحالفون معهم بتعذيبه حتى الموت، وقام عملاء الموساد بالتخلّص من الجثّة"، التي لم يُعثر عليها حتى اليوم.

وبعد ذلك بعقد، شكّل الملك الحسن وحكومته قناة خلفيّة بين مصر وإسرائيل، وتحوّل المغرب إلى موقع الاجتماعات السريّة بين مصر وإسرائيل قبل اتفاقيّات كامب ديفيد التي أنهت الحرب بين إسرائيل ومصر. "ولاحقا ساعدت إسرائيل في إقناع الولايات المتحدة بتزويد المغرب بمساعدات عسكريّة".

كما ساهمت الاستخبارات المغربيّة في عملية فاشلة للموساد عام 1995 لتجنيد مساعد أسامة بن لادن، بهدف العثور على بن لادن وقتله، وفقًا لما نقل الموقع عن مسؤول سابق في الموساد كان شريكًا في المخطّط، طالبًا عدم ذكر اسمه.

وذكر بيرغمان أن المغرب تواصل أكثر من مرّة مع إسرائيل للتوسّط لدى الإدارة الأميركيّة للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربيّة، وأن من قام بدور الوساطة هو الزعيم الديني للطائفة اليهودية الصغيرة المتبقيّة في المغرب، سيرجي باردوغو.

التعليقات