تقرير: إسرائيل تخشى مطالبتها بتأييد طرف بالصراع الأميركي – الروسي

قلق إسرائيلي من أن الأزمة الأوكرانية تصرف أنظار العالم عن إيران، ورغم العلاقات الجيدة مع روسيا والولايات المتحدة، إلا أن مناورة روسية بالبحر المتوسط، الأسبوع الحالي، وتحمل رسالة للناتو، تستهدف مصالح إستراتيجية إسرائيلية

تقرير: إسرائيل تخشى مطالبتها بتأييد طرف بالصراع الأميركي – الروسي

وزير الدقاع الروسي خلال تدريب في قاعدة حميميم، الثلاثاء الماضي (أ.ب.)

تشير التقديرات الحالية للجيش الإسرائيلي إلى أنه ينبغي انتظار أسبوعين آخرين على الأقل من أجل التيقن إذا كانت روسيا ستغزو أوكرانيا أم لا، وأنه لم تتجمع بعد إثباتات واضحة تدل على تغير جوهري في النوايا الروسية، وفقا لتقرير للمحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، اليوم الجمعة.

ونقل التقرير عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إنه "بعد أسبوعين أو ثلاثة سيبدأ ذوبان الثلوج وستصبح الأراضي الأوروبية وحلية "وتكاد تكون غير ممكنة لعبور المدرعات الروسية الثقيلة. وإذا لم يحدث أي شيء حتى ذلك الحين، فإن الضغوط العسكرية (الروسية) ستكون أقل تأثيرا".

ونقلت الولايات المتحدة إلى حلفائها، وبضمنهم إسرائيل، قبل عشرة أيام، تحذيرا من أن غزوا روسيا لأوكرانيا سيبدأ في 16 شباط/فبراير الجاري. وبحسب التقرير، فإن المواد الاستخباراتية التي تلقتها إسرائيل كانت مقنعة، وذلك إلى جانب إلغاء تدريبا جويا مشتركا لقيادة المنطقة الوسطى للجيش الأميركي وسلاح الجو الإسرائيلي، ونقل القوات الأميركية التي كانت ستشارك في هذا التدريب ومعداتها إلى أوروبا. وبعد التحذير الأميركي، قررت إسرائيل مطالبة مواطنيها في أوكرانيا بالمغادرة ووضع خطة لإجلائهم، وأصدرت تحذير من السفر إلى أوكرانيا، فيما تمتنع عن تأييد جانب ضد آخر.

لكن يوم الثلاثاء الماضي، أي قبل ساعات من "الغزو الذي لم يحدث"، وصل وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، غلى قاعدة حميميم الجوية في سورية. وشكلت زيارة شويغو نفيا قاطعا للحملة الأميركية التي تتحدث منذ أسابيع عن غزو روسي.

شويغو في دمشق، الثلاثاء الماضي (أ.ب.)

وأشار التقرير إلى أن الأزمة الأوكرانية تثير "قلقا حقيقيا" في إسرائيل بسبب صرفها أنظار العالم عن إيران. وحسب الادعاء الإسرائيلي، ضاعفت إيران حاليا كمية اليورانيوم المخصب بحوزتها، خلال شهرين منذ استئناف محادثات فيينا، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بحيث بإمكانها صنع قنبلتين بدلا من واحدة. "وليس هناك أحدا سيوقف الإيرانيين، فيما تتواجد الشريكتان المركزيتان في المحادثات، روسيا والولايات المتحدة، في مواجهة... وليس صدفة أن إسرائيل أوفدت مندوب وزارة الخارجية إلى فيينا لاستيضاح ما يحدث هناك. فقد بقيت إسرائيل لوحدها عمليا".

وتابع التقرير أنه في إيران يتخوفون من أن الولايات المتحدة أو إسرائيل ستستغل الأزمة في أوروبا لمهاجمة المنشآت النووية، بينما التخوف معاكس في إسرائيل وأن "انصراف أنظار العالم قد يدفع إيران إلى الاستنتاج أنه بالإمكان تنفيذ عمل عدائي ضد إسرائيل، من جهة سورية أو اليمن أو العراق. ووضع عدائي كهذا وتوتر مرتفع للغاية قد يقود إلى أخطاء".

وتعتبر إسرائيل أن زيارة شويغو إلى سورية ضد مصالحها. فقد وصل وزير الدفاع الروسي إلى سورية من أجل الإشراف على مناورة بحرية روسية، استمرت حتى أول من أمس، في شرق البحر المتوسط. وشاركت فيها بوارج حربية وطائرات "ميغ-31" التي تحمل صواريخ فوق صوتية وبالإمكان تسليحها برؤوس حربية نووية، وطائرات قاذفة إستراتيجية من طراز "توبول 22 أم-3". وقد "شعرت إسرائيل جيدا بهذا النشاط العسكري البحري، إثر الاكتظاظ الإلكتروني الثقيل الذي وضع مصاعب أمام الطائرات في مناطق معينة"، وفقا للتقرير.

وأضاف التقرير أن "هذا كان استعراض قوة روسي في حلبة ثانوية، بالنسبة لهم. وتم التخطيط للمناورة الروسية منذ وقت طويل، لكنها خرجت إلى حيز التنفيذ عندما نقلت الإدارة الأميركية إلى البحر المتوسط، قبل أسبوعين، قوة بحرية وفي مركزها حاملة الطائرات هاري ترومان التي مكثت مقابل في الخليج في الأشهر الأخيرة، في إطار استعراض قوة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مقابل روسيا".

بارجة روسية خلال المناورة بالبحر المتوسط، أول من أمس (أ.ب.)

وتابع التقرير أنه "عندما يصبح البحر المتوسط، كحلبة ثانوية، ملعبا مكشوفا في المواجهة بين روسيا والناتو، فإن هذا يستهدف هوامش المصلحة الإستراتيجية الإسرائيلية. فإسرائيل، مثل جميع دول المنطقة، هي معظى إحصائي وحسب في استعراض مخطط له جيدا وفي مركزه صراع بين روسيا والولايات المتحدة حول مناطق تأثير في وسط أوروبا. واندلع التوتر بين روسيا واوكرانيا، في شباط/فبراير العام الماضي، إثر سلسلة خطوات معادية لروسيا أقدم عليها الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الذي أوضح لبوتين نهائيا أنه لن يغير سياسته الموالية للغرب، وإنما العكس".

ولفت التقرير إلى أن روسيا أوضحت لإسرائيل أن الطلعة الجوية لطائرات مقاتلة روسية وسورية، في 24 كانون الثاني/يناير الماضي، وتحليقها فوق كافة الحدود السورية لم تكن تحمل رسالة موجهة إلى إسرائيل، وإنما "حملت رسالة مزدوجة. الأولى للسوريين: نحن معكم في الحفاظ على سيادتكم. والثانية كانت تذكيرا للأميركيين حول من الذي يسيطر هنا". وبحسب التقرير، فإن الطلعات الجوية الروسية والسورية فوق الحدود السورية تكررت منذئذ ثلاث مرات على الأقل. لكن بعد ذلك شنت الولايات المتحدة غارة في سورية وقتلت قائد تنظيم "داعش".

وبحسب التقرير، فإنه "لا يوجد أي سبب يجعل إسرائيل تغير أجندتها الأمنية وفي مقدمتها العمليات الجوية والبرية ضد التموضع الإيراني في سورية"، لكن "الأزمة بين الدولتين العظميين والمناورة البحرية الروسية تستوجب حساسية أكثر من جانب إسرائيل. ولم تكن لدى الروس أي مشكلة بأن ينقلوا إلى إسرائيل، قبل المناورة البحرية، تحذيرات بشأن مناطق جوية وبحرية تجري فيها المناورة. وهذا كله قد يتغير عندما يطلق أحد ما الرصاصة الأولى. وعندها ستطالب إسرائيل من جانب الأميركيين والأوروبيين بالتعبير علنا عن حليفتها المركزية".

التعليقات