السعودية وإيران وجهتا ضربة لنتنياهو لا تمنع تطبيعا مع إسرائيل

تقرير: استئناف العلاقات تعبير عن مصالح الأطراف: السعودية تعتبر أن واشنطن تخلت عنها، وإيران تريد تقليص الهيمنة الأميركية، وبكين تنافس على نفوذ بالمنطقة* رئيس الموساد الأسبق: رفض إسرائيل استئناف العلاقات ليس حكيما

السعودية وإيران وجهتا ضربة لنتنياهو لا تمنع تطبيعا مع إسرائيل

الوسيط الصيني يتوسط المفاوضان الإيراني والسعودي، يوم الجمعة الماضي ( Getty Images)

اعتبرت تحليلات إسرائيلية أن استئناف العلاقات بين إيران والسعودية بوساطة الصين، التي تم الإعلان عنه يوم الجمعة الماضي، لن يؤثر على احتمال تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل في المستقبل، لكن من الجهة الأخرى، يوجه استئناف العلاقات ضربة لسعي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى تطبيع علاقات مع السعودية وإلى ترسيخ معسكر معاد لإيران.

وجاء في تقرير صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، أمس الأحد، أن "الخطوة السعودية تنطوي، من الناحية المعنوية على الأقل، على استهداف للجهود التي أعلن عنها رئيس الحكومة بالتوصل إلى تطبيع فعلي مع الرياض، وكذلك لجهود إسرائيل لترسيخ معسكر معاد لإيران في المنطقة".

إلا أن التقرير اعتبر أنه "ليس من شأن استئناف العلاقات بين السعودية وإيران أن يمنع تطبيع علاقات مستقبلي مع إسرائيل. ففي حالة الإمارات أيضا، لم يكن من شأن إعلانها عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل أن يمنع إعادة سفيرها إلى طهران وتوثيق العلاقات، وبضمنها العسكرية، مع إيران".

وأشار التقرير إلى أن اعتبارات الرياض أوسع من تلك الإماراتية "وتتعلق بقضايا مرتبطة بالحلبة الفلسطينية، بقضايا عميقة في العلاقات مع الولايات المتحدة، وخاصة تلك المرتبطة بمبيعات أسلحة وضمانات أمنية وبالمكانة الخاصة للسعودية كحامية للأماكن المقدسة الإسلامية".

نتنياهو في روما، يوم الجمعة الماضي (Getty Images)

وأشار التقرير إلى أن "الخطوة السعودية توضح مرة أخرى مصالحها الجيو-إستراتيجية الناجمة عن توازن قوى واضح لصالح طهران. ورغم أن التخوف السعودي من إيران لم ينخفض حتى بعد استئناف العلاقات بينهما، ورغم أن المصلحة بعلاقات أمنية عميقة مع واشنطن مستمرة، فإن من شأن الخطوة الأخيرة أن تعكس إدراكا/ تخوفا أن الالتزام الأميركي ليس كافيا، وأن إيران باتت دولة عتبة نووية وربما في الطريق إلى دولة نووية، وإسرائيل لا تشكل شبكة أمان مقابل التهديد الإيراني".

وبالنسبة لإيران، بحسب التقرير، فإن استئناف العلاقات مع السعودية بوساطة صينية "سيعزز شعور إيران بالثقة بالنفس وأن بمقدورها مواجهة تشديد العقوبات الذي تطالب به واشنطن وإسرائيل، على إثر التقدم المقلق للبرنامج النووي الإيراني. وقد تعزز هذه الخطوة الجبهة مع روسيا والصين التي تستند إيران إليها".

ورأى التقرير أن الإعلان عن استئناف العلاقات بين السعودية وإيران كان مفاجئا، وأن هوية الوسيط، أي الصين، كان مفاجئا أكثر. وتطرق إلى الأزمات التي عصفت بالجانبين منذ قطع العلاقات بينهما، عام 2016، بعد إعدام السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر، ومهاجمة حشود إيرانية السفارة السعودية في طهران، والهجوم الإيراني على منشآت شركة أرامكو في السعودية بطائرات بدون طيار وصواريخ موجهة عن بعد، عام 2019، وإثر ذلك امتناع إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عن الوقوف عسكريا إلى جانب السعودية، الأمر الذي عزز قناعة الأخيرة بأن عليها الاعتماد على دول عظمى متنوعة.

ووفقا للتقرير، فإن مصلحة إيران في استئناف العلاقات تأتي ضمن سياستها لتحسين وتعزيز علاقاتها مع الدول العربية المجاورة من خلال تقليص الهيمنة الأميركية، بينما مصلحة السعودية برغبتها في إنهاء الحرب ضد الحوثيين في اليمن، المدعومين من إيران. كما سبق استئناف العلاقات خطوة مشابهة من جانب الإمارات والكويت اللتان استأنفتا علاقاتهما مع طهران.

ورحبت واشنطن باستئناف العلاقات بين إيران والسعودية، التي أطلعت الإدارة الأميركية مسبقا على الاتصالات لاستئناف العلاقات. وأشار التقرير إلى أن هذه الخطوة تخدم مصلحة الإدارة الأميركية التي تسعى إلى خفض التوتر في الخليج واستئناف المحادثات حول الاتفاق النووي. إلا أن الوساطة الصينية في استئناف العلاقات بين السعودية وإيران تعكس تزايد ضلوع الصين في الخليج ويعزز مكانتها مقابل الولايات المتحدة في المنطقة.

إسرائيل – إيران؟

وتطرق رئيس الموساد الأسبق، إفراييم هليفي، إلى استئناف العلاقات بين السعودية وإيران، بمقال نشره في صحيفة "هآرتس" اليوم، الإثنين، على خلفية تبادل الاتهامات بين نتنياهو وقادة المعارضة ورفض الجانبان لاستئناف العلاقات. ورأى أن "رفض استئناف العلاقات ليس حكيما وليس مطلوبا. وليس بمقدور إسرائيل أن تغيّر القرار، وليس من الحكمة أن تبحث عن مواضيع خلافية مع الصين في هذا الموضوع بالذات".

وأشار هليفي أيضا، إلى أن "هذه الخطوة لن تمس بالعلاقات القائمة بين إسرائيل والسعودية. فقد احتفلت إسرائيل قبل فترة قصيرة بفتح المجال الجوي السعودي، وحركة التنقل الجوي بين إسرائيل والسعودية هي إنجاز هام وذو أهمية سياسية واقتصادية لجميع الإسرائيليين الذين يسافرون اليوم إلى جنوب شرق آسيا والصين".

وأضاف أن إسرائيل لا تعرف شيئا عن تفاصيل المداولات بين السعودية وإيران، وأنه لا يوجد مؤشر على أن "الإيرانيين طرحوا خلال المفاوضات شروطا حول كل ما سيتعلق بعلاقات السعودية مع إسرائيل، أو أن الصين انشغلت بجوانب متعلقة بإسرائيل من خلال وساطتها. وصحيح القول إن نتنياهو لم يكن بإمكانه أن ينجح في إحباط استئناف علاقات الرياض مع طهران".

وتابع هليفي أنه "على إثر تراكم المعطيات المكشوفة، ينبغي أن يكون هذا هو الوقت الذي ادرس فيه إسرائيل إذا حان الوقت لفحص إمكانية استغلال هذا الحدث من أجل المبادرة إلى فحص حذر لإمكانية بدء عملية تلمس إسرائيلي إيجابي نحو طهران. فالعداء الإيراني – السعودي كان شديدة في الفترة الأخيرة، وها هي الصين تنجح في جلب العدوتين إلى استئناف العلاقات بينهما".

التعليقات