إستراتيجية أميركية: إقامة شركات سايبر هجومي لإضعاف نظيراتها الإسرائيلية

تقرير: أقيمت خلال السنتين الأخيرتين شركات سايبر هجومي في الولايات المتحدة، وكذلك في أوروبا، في ظل "أزمة" شركات إسرائيلية، مثل NSO، وتقدم إغراءات لخبراء سايبر تتمثل براتب مضاعف وشروط أخرى

إستراتيجية أميركية: إقامة شركات سايبر هجومي لإضعاف نظيراتها الإسرائيلية

دعاية لكشف مخاطر NSO الإسرائيلية (توضيحية - Getty Images)

أقيم في السنتين الأخيرتين عدد من شركات السايبر الهجومي للتجسس في الولايات المتحدة خصوصا، وكذلك في أوروبا، وذلك في ظل "أزمة" تواجهها شركات إسرائيلية في هذا المجال، مثل شركة NSO. وتسعى هذه الشركات الأميركية والأوروبية إلى إغراء خبراء سايبر هجومي إسرائيليين للعمل لديها، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الأربعاء.

إحدى الشركات الأميركية هي "ديفنس برايم"، وهي الأحدث من نوعها. وقالت مصادر مطلعة إن قسما من شركات السايبر الهجومي الجديدة تُمول بـ"أموال عربية" وشركات أخرى مرتبطة مباشرة بأجهزة استخبارات دول بينها إسبانيا وإيطاليا، لكنها مرتبطة بالأساس بأجهزة الأمن الأميركية.

وجاء في إعلان باللغة العبرية نُشر في صفحة لينكدإن لصيادة هاكرز مركزية في إسرائيل، وفق وصف الصحيفة، أن "الوظيفة: باحث كبير في نقاط الضعف"؛ "مكان العمل: برشلونة"؛ "المشغل: شركة ستارت آب إسرائيلية – أميركية" تعمل "تحت الرادار". وتبين من تحقيق الصحيفة أن الراتب ضعف المتعارف عليه في شركات إسرائيلية كهذه، والشركة تتحمل كافة مصاريف انتقال سكن عائلة الهاكر من إسرائيل إلى إسبانيا. وتبين أن "ديفينس برايم" تقف وراء هذا الإعلان.

وقسم من المبادرين لإقامة هذه الشركة هم إسرائيليون يسكنون في الولايات المتحدة. وهذه الشركة مسجلة في الولايات المتحدة، وتعمل وفق القانون الأميركي، كما أن التمويل أميركي. وهي في مراحل تأسيس متقدمة حاليا، وتحاول جذب خبراء إسرائيليين.

احتجاجات العاملين في الهايتك في تل أبيب ضد إضعاف القضاء (Getty Images)

وأضافت الصحيفة أن "ديفينس برايم" أبرمت عقود عمل مع أربعة باحثين إسرائيليين على الأقل، وهم خبراء في كشف نقاط ضعف في منظومات محوسبة وشبكات اتصال من أجل اختراقها. وهؤلاء الباحثون غادروا أماكن عملهم في شركات إسرائيلية أو في أجهزة أمن إسرائيلية من أجل العمل في الشركة الأميركية الجديدة.

وغادر اثنان، بين الإسرائيليين الأربعة، عملهم في شركات سايبر هجومي إسرائيلية ومتخصصة في طمس أعقاب عمليات سيبرانية، وغادر اثنان آخران العمل في شركة سنغافورية بملكية إسرائيلية. إضافة إلى باحث كبير في جهاز الأمن الإسرائيلي، وصفته مصادر في هذا المجال بأنه يتمتع بمؤهلات بالغة وأنه "ذو قيمة إستراتيجية بالغة للدولة".

وهناك شركات أميركية أخرى في هذا المجال بدأت تعمل في السنتين الأخيرتين، بينها "إكليبس تكنولوجيس" التي تطور برامج في مجال "استخبارات الإشارات"، و"سييج تكنولوجيس" التي تزود "قدرات سيبرانية هجومية ودفاعية للإدارة الأميركية".

ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية مطلعة على هذا المجال قولها إن هذه الشركات هي جزء من إستراتيجية أميركية أوسع تهدف إلى إضعاف فرع السايبر الهجومي الإسرائيلي وتعزيز شركات أميركية منافسة على حساب الإسرائيلية.

وأضافت المصادر أن صناديق رأس المال الاستثماري والشركات الأمنية الأميركية تراهن على أنه إلى جانب الانتقادات العلنية لفرع السايبر من جانب الإدارة الأميركية، فإن المؤسسة الأمنية الأميركية تريد أن يكون لديها فرعا كهذا مزدهرا وهي مستعدة لدفع أموال لقاء ذلك.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب الإخفاق الأخلاقي لشركات السايبر الهجومي الإسرائيلية، التي لم تتردد عن بيع برامج التجسس المتغوّلة التي طورتها لأنظمة استبدادية لتنفيذ انتهاكات شديدة لحقوق الإنسان والحريات، واستخدمها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لممارسة "دبلوماسية السايبر" من خلال تزيد أنظمة عربية بهذه البرامج من أجل تطبيع العلاقات معها.

وأشارت الصحيفة إلى أن شركات سايبر إسرائيلية تواجه صعوبة في المنافسة على القوى العاملة الإسرائيلية في هذا الفرع، وذلك على إثر هروب الأدمغة إلى شركات أجنبية، إلى جانب دخول المال الأميركي إلى هذا الفرع، والانتقادات الدولية، وبينها من جانب البيت الأبيض، لبرامج التجسس الإسرائيلية. ويضاف إلى ذلك، التباطؤ الحاصل في فرع الهايتك الإسرائيلي وهجرة العاملين فيه إلى الخارج على خلفية خطة حكومة نتنياهو لإضعاف جهاز القضاء.

وقالت مصادر مطلعة على هذا المجال إن "سوق السايبر الإسرائيلي يواجه أزمة، أدت إلى تقليص نشاط عدد من الشركات وإغلاق قسم منها". ولم ينجم ذلك عن التباطؤ الاقتصادي في فرع الهايتك فقط، وإنما "بالأساس بسبب الصراع الدائر حول فرع السايبر بين الصناعات والجاليات الأمنية في إسرائيل والولايات المتحدة".

والتخوف في إسرائيل، وفقا للصحيفة، هو أن خبراء سايبر لن يعودوا إلى الخدمة العسكرية في الاحتياط، في وحدات تكنولوجية مثل الوحدة 8200، خاصة في ظل الاعتقاد بعدم وجود أفق للعمل في فرع السايبر الهجومي الإسرائيلي.

التعليقات