العليا بين شرعنة قتل الفلسطينيين في غزة ونزع شرعيتهم في الداخل

مرة بعد أخرى يتكشف قصور القضاء الإسرائيلي، وعلى رأسه المحكمة العليا، التي تقف، عندما يتعلق الموضوع بالعرب الفلسطينيين في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو داخل الخط الأخضر، محايدة في أحسن الأحوال، ومشرعنة لأعمال القتل

العليا بين شرعنة قتل الفلسطينيين في غزة ونزع شرعيتهم في الداخل

مرة بعد أخرى يتكشف قصور القضاء الإسرائيلي، وعلى رأسه المحكمة العليا، التي تقف، عندما يتعلق الموضوع بالعرب الفلسطينيين في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو داخل الخط الأخضر، محايدة في أحسن الأحوال، ومشرعنة لأعمال القتل والتنكيل أو داعمة لقوانين التمييز العنصري المصممة خصيصا للمس بالعرب الفلسطينيين وممثليهم.

وقد عبرت العليا الإسرائيلية مؤخرا هذين الامتحانين بـ" نجاح منقطع النظير"، عندما ردت التماس المنظمات الحقوقية التي لجأت إليها لتقول رأيها القانوني في المذبحة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي على "حدود غزة"، وعندما ردت الالتماس ضد تشريع القانون الذي يخول الكنيست بإقالة أحد أعضائها والموجه أساسا ضد النواب العرب.

في الحالة الأولى، أغمضت المحكمة العليا عينيها عن قيام الجيش الإسرائيلي بخرق بنود القانون الدولي، من خلال تشريع اطلاق النار على من يسميهم "محرضين مركزيين" أو "مخلين مركزيين بالنظام" وذلك رغم إقرار رئيسة المحكمة، إستر حيوت، الذي انضم إليه القاضي نيل هندل، بأن هذا التصنيف مخالف لبنود القانون الدولي.

في هذا السياق عبر أستاذ القانون الإسرائيلي أيال غروس، في مقال نشرته "هآرتس" عن استهجانه من الفحوة الفاصلة بين القلق الذي عبر عنه القاضي ملتسر من كثرة أعداد القتلى والمصابين بالجزء العلوي من أجسامهم وفي الظهر، وعدم ارتياح القاضية حيوت من خلق تصنيف جديد يسمى "محرضين رئيسيين" أو مخلين رئيسيين بالنظام"، يجوز إطلاق النار عليهم بشكل مخالف للقانون الدولي، وبين قرار المحكمة بعدم التدخل في خيارات الجيش الإسرائيلي وإرجاء فحص قضية الوقائع ومجمل القضية القضائية عمليا إلى ما بعد وقوع إطلاق النار، وهو ما يعتبره غروس بمثابة دفن للقضية مع جثث الأموات الذين يقضون من إطلاق النار.

في القضية الثانية رد قضاة المحكمة العليا، بإجماع تركيبتها الموسعة التي تضم تسعة قضاة، الالتماسات التي قدمت ضد قانون إقالة عضو كنيست بادعاء تحريضه على العنصرية وتأييده للكفاح المسلح ضد دولة إسرائيل، وهو القانون الذي دفع به نتنياهو، على خلفية اجتماع أعضاء الكنيست من التجمع بعائلات شهداء القدس المحتلة.

اللافت أن رئيسة المحكمة، إستر حيوت، أقرت أن "القانون يشكل مسا ملموسا بالحقوق الأساسية"، ولكنها أضافت أنه "يحتوي على منظومة توازنات وفرملات" وخلصت إلى أنها "لا تستطيع القول، إنه ينفي جوهر الهوية الديمقراطية للدولة ويزعزع أواصر المبنى الدستوري".

وفي هذا الإطار استغرب أستاذ القانون الإسرائيلي، روعي بيلد، في مقال نشرته "هآرتس" أن قرار العليا لم يتضمن أي إشارة إلى أن القانون أعد ليستعمل وسيلة ضد أعضاء الكنيست العرب، الذين فور تحوله إلى حقيقة ناجزة بعد القرار، تحول كل واحد منهم إلى عضو كنيست مع وقف التنفيذ، يرتبط وجوده بكرم أخلاق زملائه اليهود.

بيلد يرى بالقانون مسا مباشرا بجسم الديمقراطية الإسرائيلية المثخن والعليل، على حد تعبيره، ويرى أن هذا المس لا يرتبط بما إذا كان القانون سيفعل، لأنه لن يفعل ضد أعضاء الكنيست اليهود الذين يحرضون على العنصرية بل سيفعل فقط ضد أعضاء الكنيست العرب، وفقط لأنهم عرب.

التعليقات