"المشروع الاستيطاني انتصر وهذا انتحار قومي"

رئيس "الصندوق الجديد لإسرائيل"، الذي يمول منظمات حقوقية إسرائيلية، يصف نفسه كصهيوني يعارض الاستيطان، ويحذر من أن الجيل الشاب من الأميركيين اليهود يبتعد عن إسرائيل ويصفها كدولة أبرتهايد، ويقول إنه يوافق على أجزاء من "قانون القومية"

أميركيون يهود يتظاهرون ضد نقل السفارة الأميركية إلى القدس (رويترز)

رغم أن إسرائيل تشهد معركة انتخابية عاصفة، إلا أن قضية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لا يحتل مكانا مركزيا فيها. وعقب على ذلك الرئيس الحالي لـ"الصندوق الجديد لإسرائيل"، البروفيسور الأميركي – يهودي ديفيد مايرز، بالقول إنه "بهذا المفهوم، المشروع الاستيطاني انتصر". وأضاف في مقابلة معه نشرتها صحيفة "ماكور ريشون"، يوم الجمعة الماضي، أن "الدولة ستخسر من ذلك بشكل كبير، برأيي. فقد أثبت المشروع الاستيطاني قوته، وجعل هذه العملية غير قابلة للتغيير. وأعتقد أن الضحية الأكبر هي دولة إسرائيل كدولة ديمقراطية ويهودية. وهذا انتحار قومي".

ومايرز هو رئيس قسم التاريخ اليهودي في جامعة UCLA في كاليفورنيا، وهو يهودي متدين، ويقول إنه يواظب على الذهاب إلى الكنيس ويحافظ على قدسية يوم السبت، وأنه ينتمي إلى تيار "الأرثوذكسية العصرية". ويمول "الصندوق الجديد لإسرائيل" منظمات حقوقية في إسرائيل، توصف بأنها "يسارية" لأنها مناهضة للسياسات الإسرائيلية الرسمية، وخاصة بما يتعلق بالاحتلال والممارسات ضد الفلسطينيين والأقلية الفلسطينية في إسرائيل.

ورفض مايرز وصفه بأنه ليس صهيونيا، لكنه يكرر تأييده لأن تكون إسرائيل "دولة يهودية وديمقراطية" ولا يرى التناقض الموجود في هذه العبارة. وقال إن "الصهيونية لم تكن رتيبة أبدا. ولأسفي، يوجد اليوم تعريف واحد للصهيونية، منذ العام 1967، وفيما تتموضع فوق اي شيء المسألة الإقليمية وليس مواضيع مثل الشعب، الثقافة واللغة. ويوجد دافع خلاصي أيضا. وهذه ليست صهيونيتي. وإذا كنا نتحدث عن صهيونية تتحدث عن ’مركز روحاني’، أو عن المبادئ السامية في وثيقة الاستقلال، فأنا صهيوني. (لكن) بالنسبة للكثيرين، الصهيونية هي عمليا تأييد للمشروع الاستيطاني أو موافقة كاملة على سياسة حكومة إسرائيل. وهذا أشبه بولاء أيباك (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية – أي اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة) لدولة إسرائيل. وبالنسبة لهم، إذا كنت نقديا، فأنت تنتمي إلى المعسكر غير الصحيح، المعادي للصهيونية. وأنا أؤيد دولة يهودية وديمقراطية".  

ورأى مايرز أنه "من الناحية المادية، يهود الولايات المتحدة موجودون في أفضل مكان في التاريخ اليهودي خارج إسرائيل. لدينا مكانة، وقدرة على الوصول إلى مراكز القوة، وتعليم عال. لكن ما يجعلنا أنا وأنت ألا ننام في الليل هو الجيل القادم. ونحن ضحايا نجاحاتنا. إننا نفقد الجيل القادم بسبب قوة الجاذبية للثقافة المحيطة بنا. ويوجد فشل مطلق للتعليم اليهودي من ناحية شكل تعليمنا الجيل الشاب عن إسرائيل، وفي أعقاب ذلك هو يبتعد عن إسرائيل".  

وأوضح أن "الجيل الشاب يطرح أسئلة تختلف عن تلك التي طرحها جيلي. وهم لا يفهمون مثلي أن دولة إسرائيل تعود إلى السؤال حول ’كيف نحيا ونصمد كشعب’. إنهم ينظرون إلى إسرائيل على أنها جوليات، وليس أنها داود. وهم لا يدركون أن اليهود واجهوا خطر الإبادة. لقد زودنا الجيل الشاب ببضاعة ليست ناجحة: دولة إسرائيل كقصة بطولية. وهذا لم يعد ينجح. وهم يصلون إلى الحرم الجامعي في سن 18 عاما ويسمعون أن إسرائيل هي دولة أبارتهايد، ولا يعرفون ماذا يردون على ذلك".

وأضاف مايرز أنه لا يوافق على تعريف إسرائيل كدولة أبارتهايد، "رغم أنها كذلك في الحي اليهودي في الخليل. إذ يوجد هناك شوارع لليهود فقط". وحول موقفه من انسحاب إسرائيل من الخليل، وخاصة الحرم الإبراهيمي، قال إنه "في هذه الحالة أنا أؤيد كرامة الإنسان وتقديس حياة الإنسان كقيمة يهودية حيوية. ولا أريد أن أحسم موضوع الخليل حاليا، وإنما الإشارة إلى مبدأ بأنه ينبغي أحيانا المساومة على مبادئنا الدينية من أجل مبادئ دينية أخرى".

وفيما يتعلق بالقدس وحائط البراق، قال مايرز أنه "رغم الأهمية التاريخية، فإنه إذا كانت هناك مفاوضات جول الحائط المبكى، فإنني على استعداد لسماع مقترحات. والأمر المؤكد هو أنني لست مستعدا للتنازل عن إمكانية الذهاب بحرية إلى الحائط المبكى. وآمل أن نعود، في وقت ما، إلى المفاوضات حول دولة فلسطينية، وأعتقد أن القدس ستؤخذ بالحسبان في إطار المباحثات".

وشدد مايرز على أنه يكاد لا يتجول في الضفة الغربية، "لأنني لا أشعر هناك بالارتياح. لكني أذهب إلى هناك بين حين وآخر، وكنت في (مستوطنة) معاليه أدوميم. ومسألة المكانة القانونية للمناطق (المحتلة)، التي لم تعلن إسرائيل ماذا تفكر بشأنها، وهذه مكانة تنطوي على إشكالية، وإثر ذلك أنا لا أشعر براحة بزيارتها. واحتساء كأس نبيذ مصنوع في (مستوطنة) بساغوت لا يسعدني".

وقال مايرز "إننا لا نعارض منظمات ترفض شراء منتجات المستوطنات"، لكنه أضاف أن "كل نشاطنا مبني على محاربة الـBDS. إذ أن جميع منحنا نستثمرها في منظمات إسرائيلية". ووصف أقوال عضو الكونغرس الأميركي، إلهان عمر، أن "أيباك" ترشي أعضاء كونغرس كي يؤيدوا إسرائيل، بأنها "معادية للسامية من دون شك". لكن في الوقت نفسه، شدد مايرز على أن "أيباك يلحق ضررا بدولة إسرائيل. وهم لا يفرقون بالشكل الكافي بين مصالح حكومات إسرائيل والولايات المتحدة وبين المصلحة في دفع عملية سلام. وهم يعتبرون أن من لا يؤيدهم هو معاد للصهيونية".

وفيما يتعلق بـ"قانون القومية" العنصري، قال مايرز إنه "أوافق على جزء منه، وهناك مواضيع كثيرة أخرى ليست مذكورة فيه أو أنني لا أوافق عليها. على سبيل المثال البند الذي يتحدث عن الاستيطان اليهودي".

التعليقات