تحليلات إسرائيلية: الأزمة الأميركية - الإيرانية ومعضلة الغارات في سورية

"إذا أدى الاغتيال في نهاية الأمر إلى إجلاء القوات الأميركية من العراق، فهذه ستكون بشرى إشكالية بالنسبة لإسرائيل. وبانعدام وجود جنود أميركيين في المنطقة، سيتراجع التزام واشنطن بتنفيذ خطوات أخرى ضد الإيرانيين"

تحليلات إسرائيلية: الأزمة الأميركية - الإيرانية ومعضلة الغارات في سورية

مخلفات صاروخ إيراني أطلق على قاعدة عين الأسد، فجر اليوم (تويتر)

فيما تستبعد إسرائيل هجوما إيرانيا ضدها، في أعقاب اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بغارة أميركي، إلا أنها تتوجس ردا باتجاهها في حال هجوم أميركي ضد إيران بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدتين عسكريتين في العراق تتواجد فيهما قوات أميركية، فجر اليوم الأربعاء. كذلك تتحسب إسرائيل من انسحاب محتمل للقوات الأميركية من الشرق الأوسط، ومن العراق خصوصا.

واعتبر المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، رون بن يشاي، أن التهديد الإيراني ضد إسرائيل، بعد الهجوم الصاروخي الإيراني، اليوم، "غايته ردع إسرائيل من المشاركة في رد أميركي، في حال حدوثه".

ورجح بن يشاي أن "إطلاق الصواريخ على القاعدتين الأميركيتين ليس نهاية المطاف، وسيستمر الإيرانيون في محاولة تنفيذ عمليات انتقامية لاغتيال قاسم سليماني".   

وأشار بن يشاي إلى أنه "ما زال ليس واضحا كيف سيرد الأميركيون على الهجوم، وإذا كانوا سيردون أصلا. وإذا لم يكن عدد المصابين الأميركيين كبيرا، والأضرار ليست خطيرة، فبالإمكان التقدير أن ترامب سيقرر ألا يرد، وبذلك يستجيب عمليا لطلب الإيرانيين بعدم التصعيد. وتغريدة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، غايتها التوضيح لواشنطن أن القيادة في طهران تطلب أن يتم النظر إلى مهاجمة القاعدتين كعملية مدروسة وليست فتاكة، لأنها لا تريد التصعيد... وإسرائيل موجودة خارج اللعبة، في هذه الأثناء، ويمرر الإيرانيون إلينا رسائل ردع وحسب".  

من جانبه، أفاد المراسل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، بأن "اغتيال سليماني لا يشير بالضرورة إلى تغيير اتجاه أميركي في اختيار إستراتيجيتهم في المنطقة، التي تمثلت في السنوات الأخيرة بتقليص قواتهم في الشرق الأوسط والامتناع عن الحرب. لكن البشرى الهامة في التطورات الأخيرة، وبالنسبة لإسرائيل أيضا، هي أن الولايات المتحدة بعملية الاغتيال غير المتوقعة، أعادت لنفسها الردع في المنطقة، بعدما تضرر كثيرا في السنة الأخيرة، بعدما تصدع (الردع الأميركي) مرة تلو الأخرى في أعقاب عدم الرد على الاستفزازات الإيرانية العنيفة".  

وأضاف أنه "بالنسبة لإسرائيل، فإن التقديرات ما زالت أن احتمال هجوم إيراني ضدنا ضئيل، لكن رغم ذلك ستتم في الفترة القريبة المحافظة على جهوزية عالية وخاصة في سلاح الجو وأجهزة الاستخبارات".

ولفت ليف رام إلى أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) سيعقد اجتماعا، اليوم، في الوقت الذي تحافظ فيه إسرائيل على الهدوء، "ومن خلال التشديد على الرسالة بأن التطورات الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران ليست مرتبطة بإسرائيل". لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وجه تهديدا مباشرا لإيران، اليوم.

وأضاف ليف رام أنه إلى جانب استعراض تقارير استخبارية حول تقييم الوضع، فإنه "يتوقع أن يبحث الكابينيت في إمكانيات وسيناريوهات أخرى، ترد فيها الولايات المتحدة عسكريا على الهجوم الصاروخي وتصعيد الوضع في المنطقة، الأمر الذي يتطلب رفع مستوى الجهوزية عندنا أيضا".

وأشار ليف رام إلى أن في الوضع الحالي، المتوتر والقابل للاشتعال، "يُطرح السؤال والمعضلة حيال استمرار العمليات والهجمات ضد استمرار التموضع الإيراني في سورية. ويبدو أنه في المرحلة الحالية تحاذر إسرائيل جدا، انطلاقا من الإدراك أن لأي عملية في المنطقة، كالتي نفذتها إسرائيل في السنوات الأخيرة، يمكن أن تكون تبعات أخرى. ولم تصدر تقارير في الفترة الأخيرة حول هجمات منسوبة لإسرائيل في سورية أو العراق، وبالإمكان التقدير أن هذه المعضلة ستطرح في مداولات الكابينيت أيضا".

وأشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أنه "توجد لدى القيادة الإسرائيلية، حتى الآن، أسباب كافية للرضى من الخطوة الأميركية. وقد أخرج ترامب من الطريق عدوا عنيدا لإسرائيل وجعل شركاء وأذرع أخرى لإيران، وعلى رأسهم أمين عام حزب الله حسن نصر الله، يفكرون مرتين قبل أن يخاطروا بتنفيذ خطوات خطيرة، يمكن أن تكلفهم حياتهم أيضا".

لكن هرئيل أضاف أنه "إذا أدى الاغتيال في نهاية الأمر إلى إجلاء القوات الأميركية من العراق، كما يبدو الأمر الآن، فهذه ستكون بشرى إشكالية بالنسبة لإسرائيل".    

وأضاف هرئيل أنه "بانعدام وجود جنود أميركيين في المنطقة، سيتراجع التزام واشنطن بتنفيذ خطوات أخرى ضد الإيرانيين. واستهداف سليماني يمكن أن يجعل القيادة الإيرانية إلى التفكير مجددا في تسريع البرنامج النووي، من أجل ضمان بقائه. وحتى بعد الاغتيال، يصعب القول إن بإمكان إسرائيل أن تكون متأكدة من استعداد الولايات المتحدة للعمل من أجل منع طهران من تحقيق تطلعها هذا، رغم تعهد ترامب بذلك من خلال تغريداته".

التعليقات