"غياب سليماني فرصة لمنع تموضع إيران في سورية والعراق"

مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة: اغتيال سليماني "أحدث فراغا" في المنظومة الإيرانية التي أدارت التموضع في سورية ومشروع تحسين دقة الصواريخ. "فقد كان سليماني يحرك خيوط هذه المنظومة لوحده، واغتياله كان بمثابة خطوة غيّرت قواعد اللعبة"

صور سليماني في شوارع طهران، يوم الخميس الماضي (أ.ب.)

اعتبرت تقديرات جهاز الأمن الإسرائيلي أن اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، سيؤدي إلى "تغيير للأفضل" بما يتعلق بقدرة إيران على التأثير وإظهار قوتها في الشرق الأوسط. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم، الثلاثاء، عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع، قوله إن غياب سليماني والوضع الحاصل في أعقاب الاغتيال "يفتح نافذة فرص أمام إسرائيل، وبإمكاننا ويتحتم علينا استغلالها من أجل وضع حد للمجهود الإيراني لإقامة وتأسيس جبهة ضد إسرائيل في سورية والعراق، وكذلك من أجل إنهاء رغبة (أمين عام حزب الله حسن) نصر الله بالتعامل معنا".

وأشار المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، رون بن يشاي، إلى أن هذه النظرية تستند إلى تقديرات في إسرائيل مفادها أن النظام الإيراني موجود حاليا في "نقطة حضيض تاريخية"، لأن العقوبات الاقتصادية الأميركية اقتطعت أكثر من 9% من الناتج القومي الإيراني في السنة الماضية، والتدهور الاقتصادي لا يزال مستمر.

وأضاف بن يشاي أن النظام الإيراني تلقى "ثلاث ضربات انطباعية ومعنوية ووظائفية شديدة، وهي اغتيال سليماني، وإسقاط، بالخطأ، طائرة الركاب الإيرانية والمحاولة الكاذبة لإخفاء هذا الإخفاق".

ووفقا للمحلل العسكري في موقع "واللا" الإلكتروني، أمير بوحبوط، اليوم أيضا، فإن التقديرات الإسرائيلية في أعقاب اغتيال القيادي العسكري في حركة الجهاد الإسلامي في غزة،، بهاء أبو العطا، هي أنه أحدث ردعا في صفوف الجهاد وأيضا في صفوف حماس وحزب الله. "والاعتقاد أنه من الجائز جدا أنهم القادمين في الدور يلعب دائما في رؤوس قادة المنظمات، وخاصة في الفترة التي تلي الاغتيال".

وتابع بوحبوط أن "مفعول الاغتيال تعاظم بشكل خاص في أعقاب اغتيال سليماني. وقرار ترامب أحدث ردعا واسعا في صفوف قادة المنظمات في الشرق الأوسط، الذين يهددون حليفات واشنطن، وبينهن إسرائيل".

لكن بن يشاي أضاف أن إيران لم تفقد قدراتها، وأنه "من الناحية الفعلية لم تفقد إيران قدرتها على إلحاق أضرار وتهييج وتقويض الاستقرار في الشرق الأوسط، وتهديد سوق الطاقة العالمي، لكن النظام بات أقل ثقة بنفسه، ويظهر ارتباكا ويتخوف بشكل خاص من المجهول. وقد نجح (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب غير المتوقع في إخراج آيات الله من توازنهم".

وحسب بن يشاي، فإن الرد الإيراني على الاغتيال بقصف قاعدتين أميركيتين في العراق، وأسفر عن خسائر ضئيلة، يؤكد المقولة أن "الإيرانيين، وخاصة النظام الحالي، يرتدعون عندما تمارس القوة ضدهم. وبالإمكان فهم ذلك على خلفية صدمة الحرب العراقية – الإيرانية، التي فقدت فيها الأمة الإيرانية جيلا كاملا من الشبان، ولكن التاريخ يشهد أيضا على أن الشعب وقيادته متزنون ويدركون جيدا متى يكون توازن القوى ليس في صالحهم وعندها يرتدعون ويعيدون التفكير".

ضباط في الحرس الثوري يُصلون لذكرى سليماني (أ.ب.)

وأشار إلى أن التقديرات في إسرائيل والغرب إلى أنه بعد قصف القاعدتين الأميركيتين، وبعد جمع معلومات استخبارية واستعدادات عملانية، ستشن إيران موجة أخرى من الهجمات بهدف دفع الأميركيين إلى الانسحاب من العراق.

وأضاف بن يشاي أن الوجود الأميركي في العراق، بنظر إيران، يشكل "تهديدا مباشرا على النظام، ولا يسمح بتفعيل وإدارة ’المحور الشيعي’ بشكل مباشر وبحيث يخدم بشكل كامل، ومن دون عراقيل، المصالح الاقتصادية، الإستراتيجية، العسكرية والدينية لنظام آيات الله".

ونقل بن يشاي عن مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة قولها إن الاعتقاد في جهاز الأمن هو أن اغتيال سليماني "أحدث فراغا" في المنظومة الإيرانية التي أدارت التموضع في سورية ومشروع تحسين دقة الصواريخ. "فقد كان سليماني يحرك خيوط هذه المنظومة لوحده، واغتياله كان بمثابة خطوة غيّرت قواعد اللعبة".

وكتب بن يشاي وبوحبوط أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن خليفة سليماني في قيادة "فيلق القدس"، إسماعيل قآني، لا يتمتع بقدرات وخصال سلفه، وأنه بحسب الإسرائيليين، "قآني هو شخصية رمادية ولا يعرف اللاعبين الرئيسيين في العراق واليمن وسورية ولبنان، الذين كان سليماني شخصيا يفعلهم. وعمل قآني بالأساس في الجبهات الثانوية التي كان فيلق القدس نشطا فيها، وخاصة في أفغانستان وباكستان والشؤون اللوجيستية".

ولم تنجح ما تسميها إسرائيل "المعركة بين حربين" على التموضع الإيراني في سورية أو تقييد نشاط حزب الله. لكن وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، الذي يعتبره ضباط في الجيش الإسرائيلي متهورا وأنه يسعى من توليه المنصب مؤقتا إلى جني مكاسب سياسية، يعتبر أن الهجمات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية ليست كافية من أجل دفع إيران إلى الانسحاب. إلا أن بن يشاي نقل عن المصدر الأمني تقديره إنه "بالإمكان تحقيق هذا الهدف إذا شن الجيش الإسرائيلي معركة هجومية مكثفة ومتواصلة وفتاكة ضد قواعد الإيرانيين وأذرعهم في الأراضي السورية".

وأضاف المصدر الأمني نفسه أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، وضباط كبار آخرين "ينظرون مبدئيا بشكل مشابه إلى الفرص الكامنة في الوضع الحالي في إيران. إلا أنهم يعون جيدا أيضا التصعيد الذي يمكن أن يحدث إذا هاجمنا بشدة المنظومة الإيرانية في سورية. وواضح أن عملا (عسكريا) كهذا يتطلب مصادقة الكابينيت (الحكومة الأمنية المصغرة، وليس واضحا إذا تمت مناقشة هذا الأمر وكافة تبعاته".

وأشار المحللان إلى أن التقديرات الحالية هي أن إيران ستحضر في نهاية المطاف إلى مفاوضات مع الولايات المتحدة والقوى الكبرى وستوافق على إعادة بحث الاتفاق النووي، وسيحدث ذلك على الأرجح بعد الانتخابات التشريعية القريبة في إيران وبعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي ستجري في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

لكن المصدر الأمني الإسرائيلي اعتبر أنه "في هذه الأثناء، يحظر علينا السماح للإيرانيين بأن ينجحوا بأن يقيموا في ساحتنا الخلفية، في سورية والعراق، غول صاروخي وميليشيات كالتي أقاموها ضدنا في لبنان بعد حرب لبنان الثانية وفيما نحن نجلس دون حراك ونشاهدها كيف تكبر وتتعاظم أمام أعيننا".

التعليقات