تحليلات إسرائيلية: القائمة السوداء تحذر من "الضم الحاصل" بالضفة

القائمة السوداء لمجلس حقوق الإنسان الأممي هي "تحذير للولايات المتحدة وإسرائيل، إثر نشر صفقة القرن وعشية الانتخابات في البلاد، وأبرزت إجماع الإسرائيليين على الدفاع عن المستوطنات، وبضمنها شهادة وفاة اليسار الصهيوني"

تحليلات إسرائيلية: القائمة السوداء تحذر من

نتنياهو في مستوطنة "مفوؤوت يريحو"، الأثنينن الماضي (أ.ب.)

أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن رفضها للقائمة السوداء، التي شملت 112 شركة، بينها 94 شركة إسرائيلية و18 عالمية، تمارس أنشطة تجارية في المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967، القدس والضفة الغربية وهضبة الجولان، التي نشرها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس الأربعاء، وأعلنت عن مقاطعة المجلس الأممي، وهو تهديد تستخدمه إسرائيل ضد المجلس في كل مرة يعلن فيها عن قرار ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في بيان، إن "من يقاطعنا سيُقَاطَع. مجلس حقوق الإنسان الأممي منحاز ولا تأثير له. ولذا أوعزت بقطع جميع علاقاتنا معه، ولهذه الأسباب بالذات اتخذت الإدارة الأميركية هذه الخطوة سوية معنا. عملنا خلال السنوات الأخيرة على سن قوانين في معظم الولايات الأميركية تنص على أنه يجب التحرك بحزم ضد كل من يحاول مقاطعة إسرائيل. ولذلك، لا أهمية لهذا المجلس. وبدلا من الاهتمام بحقوق الإنسان يحاول هذا المجلس تشويه سمعة إسرائيل فقط لا غير. نرفض هذه المحاولة بكل حزم واشمئزاز". وحذا وزراء نتنياهو حذوه، وأطلقوا تصريحات ضد مجلس حقوق الإنسان الأممي.

ولفت مراسل صحيفة "معاريف" في أوروبا، غدعون كوتس، اليوم الخميس، إلى أن مجلس حقوق الإنسان الأممي أرجأ نشر هذه القائمة السوداء منذ سنتين، وأن القائمة السوداء الأصلية كانت تشمل 321 شركة، وليس 112 فقط، وأن المجلس نفسه قال إن نشرها لا ينطوي على أهمية قانونية، ولا يعتبر قرارا دوليا.

وأضاف كوتس أن معظم الشركات التي شملتها القائمة السوداء مشمولة في "قوائم المقاطعة"، وبينها قوائم حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمار منها وفرض عقوبات عليها (BDS)، "وحتى لو تبنت الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التقرير (القائمة السوداء) واتخذت قرارات تدعو الشركات إلى وقف نشاطها ’المحظور’، فإن العقوبات المحتملة ضدها منوطة بالقرارات السيادية للدول نفسها".

ورأى كوتس بالقائمة السوداء أنها تشكل "ضغطا اقتصاديا على الشركات الدولية – من الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، هولندا، لوكسمبورغ وتايلاند. وبعضها قد توقف نشاطها بمبادرة ذاتية، ليس في المناطق (المحتلة) فقط وإنما في إسرائيل أيضا، مثلما فعلت على سبيل المثال AirBNB، قبل أن تراجعت عن قرارها".

واعتبر أن نشر القائمة السوداء في التوقيت الحالي، يأتي "كتحذير وإلقاء قفاز نحو الولايات المتحدة وإسرائيل، إثر نشر خطة السلام الأميركية ("صفقة القرن") وعشية الانتخابات في البلاد. وذلك، من أجل التحذير أيضا من نية ضم مناطق من دون موافقة المجتمع الدولي".

"الضم الحاصل"

رأت المحللة السياسية في صحيفة "هآرتس"، نوعا لانداو، أن "التأييد الإسرائيلي الجارف، أمس، للمشروع الاستيطاني"، في أعقاب نشر القائمة السوداء، "أثبت مرة أخرى كيف أن الضم، الذي يتحدث عنه الجميع الآن، قد تم فعليا منذ وقت طويل. ومن دون أي تصويت دراماتيكي في الكنيست أو استفتاء شعبي ومن دون أي فضل لإدارة ترامب، امتثلت المؤسسة الرسمية كلها لدولة إسرائيل بشكل واضح إلى جانب المستوطنات في الضفة الغربية".

أعمال بناء واسعة في مستوطنة "أريئيل" (أ.ب.)

وفوجئت لانداو من "ضبط النفس" الذي أظهره نتنياهو في تعقيبه على القائمة السوداء، بعدم اتهامه مجلس حقوق الإنسان بـ"معاداة السامية". وأضافت أن إسرائيل تقاطع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي والعديد من الهيئات الدولية الأخرى، "فماذا يعني ضم مقاطعة المجلس إلى مجموعات الهيئات الدولية".

وتطرقت لانداو إلى تعقيب الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، على نشر القائمة السوداء، بأن "هذه المبادرة المخزية تذكرنا بفترات مظلمة في تاريخنا". وأشارت إلى أنه بنظر ريفلين، نشر القائمة السوداء يساوي المحرقة، لكن "يجدر التذكير أن هذه القائمة لا تشمل عقوبات ولا مقاطعة فعلية أيضا، وبالتأكيد لا تشمل أفران غاز. وهذا الرئيس نفسه الذي استضاف الآن قافلة جوية من عشرات الزعماء في مؤتمر ضد معاداة السامية في القدس، ودعاهم إلى حماية الديمقراطية، وذكر ’قدرة المجتمع الدولي على الاتحاد حينها، والعمل من أجل هدف مشترك، وواجب وضرورة مواصلة المجتمع الدولي اليوم بالعمل سوية على أساس القيم المشتركة’". وأضافت لانداو أنه "يبدو أن القانون الدولي والمؤسسات الدولية ليست ديمقراطية كفاية بالنسبة لريفلين، أو أن الحديث ربما عن الحفاظ بشكل انتقائي على الديمقراطية المريحة له".

ولفتت إلى أن "تأييد ضم المستوطنات فعليا كان بارزا في صفوف ما تبدو أنها معارضة إسرائيلية"، في إشارة إلى كتلة "كاحول لافان"، الذي وصف رئيسها، بيني غانتس، نشر القائمة السوداء بأنه "يوم أسود لحقوق الإنسان" وهاجم المجلس الأممي، بينما وصف زميله، يائير لبيد، المجلس بأنه "مفوضية حقوق الإرهابيين التابعة للأمم المتحدة".

واعتبر لانداو أن "التنديد المفاجئ جدا" كان تعقيب رئيس تحالف "القائمة التي تبدو كأنها يسارية"، أي "العمل – غيشر – ميرتس"، عمير بيرتس، بأنه "نعارض المقاطعة، وقرار الأمم المتحدة لا ضرورة له ومثير للغضب". وشددت لانداو على أن "هذه كانت شهادة الوفاة الرسمية لليسار الصهيوني (أي حزب ميرتس) مقابل الضم الحاصل، وفيما هو يندد بيده الأخرى بالضم الذي لم يحصل بعد" أي الذي لم يتم إعلانه رسميا.

وقالت لانداو إن وزارة الخارجية الإسرائيلية قدمت إحاطات للصحافيين حول نشر القائمة السوداء، وذكرت خلالها مرارا BDS، وأن الوزارة "ما زالت تعتقد خطأ أن حرب إسرائيل ضد حركة المقاطعة هي ضد مقاطعة إسرائيل كلها في حدود العام 1948. ونية إسرائيل، بقوانينها وأنشطتها، واضحة: الدفاع عن المستوطنات من المقاطعة. وليس التمييز بين حق إسرائيل بالوجود وبين الخلافات حول المستوطنات هو ما يهم الدولة، وإنما خلط الحدود بالذات"، مشيرة إلى أنه "في إسرائيل 2020، معاداة السامية وBDS هي كلمات مرادفة بالنسبة للمسؤولين الرسميين عن جملة الدفاع عن المشروع الاستيطاني".

"قائمة ذهبية"

وصف المحلل اليميني في صحيفة "يسرائيل هيوم"، ناداف شرغاي، مجلس حقوق الإنسان بأنه "المفوضية التي تتنكر كمفوضية حقوق إنسان للأمم المتحدة"، وزعم أن نشر القائمة السوداء "يمس بعشرات آلاف الفلسطينيين واليهود الذين يعملون سوية في المناطق الصناعية وأماكن عمل مشتركة" في المستوطنات.

واعتمد شرغاي الكذب على جمهور قرائه، وادعى أنه "لو زارت مفوضة حقوق الإنسان نفسها ’المستوطنات’ لاكتشفت أنه كوصفها ’يوجد تخوف كبير من المس بحقوق الإنسان’، ولكن ليس بسبب ’نشاط المصالح التجارية’ هذه، وإنما نتيجة ’للقائمة السوداء’".

واعتبر شرغاي أن القائمة السوداء هي "قائمة ذهبية"، زاعما أنه "في المستوطنات بالذات، كما هو الحال في شرقي القدس - فهي ’مستوطنة’ أيضا، أليس كذلك؟ - يحدث تعايش بين اليهود والعرب، وتُنسج علاقات عمل وصداقة. وهذا هو المختبر الحقيقي للسلام، الذي يخشاه اليسار (الإسرائيلي) والمنافقون في الأمم المتحدة".

ومضى شرغاي في تشويه الواقع، بأن "هذه هي الأداة الأنجح لطرد الإرهاب، العنف، الأفكار المسبقة والكراهية. وهنا (في المستوطنات) موضوعة أسس السلام والتعايش الحقيقي. ليس في أروقة الأمم المتحدة المعزولة عن الواقع وليس في الغرف الموصدة لبعض المؤسسات السخيفة لديها".

وكرر شرغاي لازمة قادة دولة الاحتلال، بأن "ذبح نظام الأسد مئات آلاف السوريين، أو قمع معارضي السلطان إردوغان في تركيا، وقمع الاسرى السياسيين في روسيا، والمذابح في إقليم دارفور"، الذين بحسب زعمه لم يتطرق إليها مجلس حقوق الإنسان الأممي، يبرر لإسرائيل عدوانها المتواصل بكافة الأشكال ضد الفلسطينيين".

واعتبر أنه "نحن كإسرائيليين، بإمكاننا التنديد بالنفاق والرد بطريقة بسيطة: ابحثوا في الحوانيت وشبكات التسويق عن منتجات المستوطنات. واشتروها هي بالذات. ابحثوا في ’القائمة السوداء’ عن مصالح تجارية وشركات تعمل في يهودا والسامرة. وفضّلوها. واستخدموا خدماتها. اشتروا منتجاتها، وقوضوا بهذه الطريقة الأساس الأخلاقي لـ’القائمة السوداء’، وحولوها إلى قائمة ذهبية".

التعليقات