مراقبة تحركات مرضى كورونا: إدمان إسرائيلي على سمّ الشاباك

محللون: "أي خطوة أخرى مشابهة إنما تزيد من عمق وشدة هذا الإدمان وحسب، وتضع مصاعب أكبر أمام الفطام. ويصعب التصديق أن الحكومة كانت ستقرر تشريع ذلك لو لم يشبّهوا المصابين بالفيروس بمن يحمل قنبلة موقوتة في مطعم"

مراقبة تحركات مرضى كورونا: إدمان إسرائيلي على سمّ الشاباك

سوق "محانيه يهودا" في القدس، يوم الجمعة الماضي (أ.ب.)

عبرت منظمات حقوقية وخبراء قانون عن معارضة شديدة لقرار الحكومة الإسرائيلية، أول من أمس الأحد، بالعودة إلى استخدام "أداة" الشاباك لمراقبة تحركات مرضى ومشتبهين بالإصابة بمتحورة فيروس كورونا الجديدة "أوميكرون"، كونها تنتهك حقوق الإنسان وخصوصيته.

وقدمت المنظمات الحقوقية - جمعية حقوق المواطن، مركز عدالة، أطباء لحقوق الإنسان و"خصوصية لإسرائيل" – التماسا إلى المحكمة العليا طالبت فيه بإلغاء أنظمة الطوارئ التي أقرتها الحكومة، والتي تسمح بالاستعانة بـ"أداة" الشاباك لمراقبة تحركات مرضى. وشدد الالتماس على أن هذه "الأداة" تشكل خرقا سافرا لقرارين صادرين عن المحكمة العليا، في نيسان/أبريل العام الماضي وآذار/مارس الماضي.

وقررت المحكمة في قرارها الثاني، أنه يجب دراسة حجم المس بالحقوق والخصوصية وكرامة الإنسان. ثانيا، دراسة النجاعة المشكوك فيها لمراقبة التحركات الذين خالطوا مرضى كورونا، التي غايتها الأصلية مختلفة تماما. ثالثا، دراسة التبعات السلبية الواضحة لاستخدام هذه "الأداة"، إذ قرابة 40% من الأشخاص الذين طولبوا بالدخول إلى حجر صحي لم يكونوا بحاجة لذلك. وقد تم بهذه الطريقة إدخال حوالي 400 الف شخص ما مجموعه مليون ونصف المليون يوم إلى حجر غير مبرر، وفق ما أشار الخبير القانوني، بروفيسور مردخاي كرمنيتسر، في صحيفة "هآرتس" اليوم، الأربعاء.

وأضاف كرمنيتسر أن "أي موافقة على مس آخر بالحقوق، تضع بصمة سلبية على مكانة الحقوق وأهميتها، وتمهد الطريق نحو مس آخر"، لكن "لأن الحديث يدور عن عدد قليل من المرضى المؤكدين، يصعب قبول أنه ليس بالإمكان إجراء تحقيق وبائي ناجع ليس أقل من استخدام مراقبة الشاباك، من خلال استخدام كافة القدرات في مجهود سريع ومكثف".

وحذر من أن "الاستعانة بجهاز أمني سري لهدف ليس أمنيا تنطوي على تبعات سلبية، تتجاوز المس بحقوق الإنسان". وأشار كرمنيتسر إلى أن الحكومة السابقة ادعت بأن استخدام "أداة" الشاباك في الماضي سيكون مؤقتا وستتنازل عنه بعد إقامة منظومة التحقيق الوبائي. لكن بعد إقامة هذه المنظومة لم يتم إلغاء استخدام "أداة" الشاباك. "وحقيقة أنه بالإمكان استلال وسيلة سحرية شاباكية في حالة الطوارئ هي دليل ساطع على أنهم لا يبذلون جهدا من أجل العثور على أساليب أخرى. وبما أن مكافحة كورونا لن تنتهي قريبا، فماذا سيفعلون عندما تكتشف المتحورة غير المعروفة القادمة؟".

مركز تطعيم ضد كورونا في تل أبيب، الأسبوع الماضي (أ.ب.)

ولفت كرمنيتسر إلى أن "الظاهرة الأوسع التي تظهر أمام أعيننا هي النشاط الأمني الجاري لدينا، وتظهر في أي مشكلة، وبينها تلك التي لا علاقة لها بأمن الدولة. ويضاف إلى ذلك اعتبار أن الشاباك هو الحل البديل لأي مشكلة. ومؤخرا فقط رأينا كيف أن ضلوع الشاباك في مواجهة المواجهات التي اندلعت أثناء عملية ’حارس الأسوار’ العسكرية (العدوان على غزة) شكل حلا سحريا كهذا، عندما تمكن من استخراج اعترافات كاذبة من عرب لم يكونوا ضالعين في حدث عنيف. وفقط بفضل كاميرات وثقت الحدث، تم إنقاذ من جرموا أنفسهم، في أحضان الشاباك، من عقويات سجن طويلة".

وشدد على أنه "يوجد هنا إدمان على سم الشاباك، وأي خطوة أخرى مشابهة إنما تزيد من عمق وشدة هذا الإدمان وحسب، وتضع مصاعب أكبر أمام الفطام. ويصعب التصديق أن الحكومة كانت ستقرر تشريع ذلك لو أن الوزراء المؤيدين لاستخدام أداة الشاباك لم يشبّهوا المصابين بالفيروس بمن يحمل قنبلة موقوتة في مطعم محتشد. وهذا تشبيه كاذب".

من جانبه، تطرق المحلل القانوني في موقع "زمان يسرائيل" الإخباري، يوفال يوعاز، إلى رد النيابة العامة على التماس المنظمات الحقوقية، وبموجبه فإنه من دون "أداة" الشاباك لمراقبة التحركات "لن يكون بالإمكان مكافحة انتشار أوميكرون. ولذلك تعارض الحكومة إصدار أمر احترازي يجمد الاستعانة بالشاباك حتى سن قانون حوله". وأشار يوعاز إلى التناقض بين رد النيابة وبين قرارات المحكمة، التي تبين منها أن إسهام الشاباك في مكافحة كورونا هامشي للغاية.

وادعت النيابة في ردها على الالتماس أن "أوميكرون" ليست مجرد متحورة جديدة وإنما هي "وباء جديد"، وان استخدام قدرات الشاباك لا يخرق قرارات سابقة صادرة عن المحكمة العليا، لأن قرار المحكمة السابق صدر في ظروف أخرى، وتوجد الآن ظروف جديد. أي انه "بالنسبة للحكومة هذه ليست متحورة جديدة وإنما وباء جديد" وفقا ليوعاز.

يشار إلى أن الشاباك راقب تحركات 22 شخصا خلال الأسبوع الحالي ورصد مخالطتهم مع 74 شخصا آخر. إلا أن تحقيقا وبائيا عاديا وجد 186 مخالطة بين مرضى مؤكدين ومشتبهين وبين أشخاص آخرين، الأمر الذي يدل على عدم نجاعة "أداة" الشاباك.

التعليقات