تحليلات: موقف إسرائيل من الاتفاق النووي تغيّر.. عليها إعادة التفكير بسياستها

"حيز التأثير الإسرائيلي ضئيل، وإيران موجودة في نقطة انطلاق أفضل من الماضي في المفاوضات". "والتاريخ أثبت أن الدولة التي تقرر الوصول إلى القنبلة، وصلت إليها فعلا. وسياسة إسرائيل الحالية تدفع إيران إلى هذا الاتجاه"

تحليلات: موقف إسرائيل من الاتفاق النووي تغيّر.. عليها إعادة التفكير بسياستها

جلسة مفاوضات بين الدول العظمى وإيران، نهاية العام الماضي (Getty Images)

تواصل إسرائيل محاولاتها في إقناع الإدارة الأميركية بعدم التوقيع على إحياء الاتفاق النووي بين الدول العظمى وإيران. وفي هذا السياق، يتوجه وزير الأمن، بيني غانتس، إلى واشنطن غدا، الخميس، فيما يتواجد في العاصمة الأميركية رئيس مجلس الأمن القومي، إيال حولاتا، الذي عقد لقاءات مع نظيره الأميركي، جيك سوليفان، تمحورت حول الاتفاق النووي.

وصرح مسؤولون إسرائيليون، سياسيون وأمنيون، بأن "اتفاقا سيئا" كالاتفاق النووي الموقع عام 2015 أفضل من عدم وجود اتفاق أبدا. وعكست هذه التصريحات الموقف الذي ساد في جهاز الأمن الإسرائيلي في الأشهر الماضية. لكن هذا الموقف تغير "لأن الاتفاق الجديد الذي تطرحه دول الاتحاد الأوروبي أسوأ مما توقعوا في إسرائيل"، وفق ما ذكر المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، اليوم الأربعاء.

وتحاول إسرائيل ممارسة ضغوط على واشنطن كي تشدد مواقفها، وأن تطالب بأن يكون موعد انتهاء سريان الاتفاق النووي أطول من الاتفاق السابق، وإبقاء العقوبات على شركات تقيم علاقات اقتصادية مع حرس الثورة الإيرانية، وعدم الموافقة على مطلب إيران بمنح ضمانات بألا تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق في المستقبل، وعدم إغلاق ثلاثة ملفات فتحتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران حول خرق الاتفاق النووي السابق، حسب ليف رام.

وأشار ليف رام إلى أن "حيز التأثير الإسرائيلي ضئيل"، خاصة وأنه في إسرائيل يعتقدون أن الإدارة الأميركية تريد إغلاق هذا الموضوع، وأنها تدرك "القضايا الخطيرة في الاتفاق الآخذ بالتبلور".

وزير خارجية إيران ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي في طهران، حزيران/يونيو الماضي (Getty Images)

وأضاف أن "إيران موجودة في نقطة انطلاق أفضل من الماضي، وخاصة بكل ما يتعلق بتخصيب المادة الانشطارية بمستويات عالية. والتجربة والخبرة بتخصيب اليورانيوم لمستوى 60% وتطوير ونصب أجهزة طرد مركزي متطورة، منحت الإيرانيين حيزا من الثقة بالذات بما يتعلق بقدراتهم التكنولوجية من أجل التقدم كثيرا في المجال الذي واجهو فيه في الماضي مصاعب كثيرة".

وتابع ليف رام أنه "في جميع الأحوال، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق قبل أربع سنوات ليس فقط أنه لم يحقق الفنطازيا الإسرائيلية بجعل إيران تتنازل عن حلم السلاح النووي بسبب أعباء العقوبات والأزمة الاقتصادية الشديدة، وإنما اتضح أنه خطأ إستراتيجي دفع قادة طهران إلى أربع سنوات مثمرة جدا بكل ما يتعلق بمجال تخصيب المادة الانشطارية".

من جانبه، رأى رئيس لجنة الخارجية والأمن السابق في الكنيست، عوفر شيلح، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، أن "إيران هي التي ستقرر إذا سيتم التوصل لاتفاق متجدد بينها وبين الدول العظمى بخصوص النووي... وفي واشنطن والعواصم الأوروزبية اتخذ القرار. عندما يتخذ آية الله خامنئي القرار، سيتم توقيع الاتفاق".

وأشار إلى أنه بنظر إسرائيل، الاتفاق الجديد الآخذ بالتبلور أسوأ من الاتفاق الذي انسحبت الولايات المتحدة منه، عام 2018، "وجيد أقل مما وُضع على الطاولة في المراحل الأولى من المفاوضات. وسيكون الواقع الميدان أسوأ أيضا. فالإيرانيون تقدموا جدا في صنع أجهزة طرد مركزي، وهم قادرون على تخصيب يورانيوم بسرعة أكبر من الماضي".

ولفت شيلح إلى أنه للسياسة الإسرائيلية، الذي اتبعها رئيس الحكومة الأسبق بنيامين نتنياهو، في العقد الأخير إسهام كبير في "هذا الوضع المحزن"، من خلال تهجمه على إدارة أوباما وتدخله بالسياسة الأميركية الداخلية، ودفعه ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي، "رغم أن إيران استوفت شروطه ورغم أن معظم المسؤولين المهنيين الضالعين في هذا المجال اعتقدوا أن وجود الاتفاق أفضل بالنسبة لنا. واستمر ذلك بمعارضة الحكومة الحالية الأوتوماتيكي لأي اتفاق، وخطاب منفلت حول مهاجمة إيران وعمليات منسوبة لنا، التي لا علاقة لها بالبرنامج النووي الإيراني". وشدد على أن سياسة الحكومة الحالية تأتي بهدف كسب نقاط ضد نتنياهو في معركة الانتخابات القريبة للكنيست.

وشدد شيلح، وهو حاليا باحث كبير في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، على أنه "حتى الاتفاق غير الجيد، إذا تم توقيعه، أفضل من وضع لا يكون فيه اتفاق. فقد أثبتت إيران أنه لا يمكن التغلب عليها بواسطة عقوبات، وبهجمات سرية أو بتهديدات مهاجمتها عسكريا".

ورأى أن "الأهم هو إبعاد النظام الإيراني عن اتخاذ قرار بحيازة سلاح نووي. فقد أثبت التاريخ أن الدولة التي تقرر الوصول إلى القنبلة، مهما يحدث، وصلت إليها فعلا. ولقرار كهذا تبعات هائلة، ولذلك فإن النظام الإيراني، مهما كان متطرفا، امتنع عن اتخاذه حتى الآن. بينما سياسة إسرائيل الحالية تدفعه إليه. وحان الوقت للتفكير بسياسة (إسرائيلية) مختلفة".

التعليقات