تقرير: شركات سايبر إسرائيلية تبيع أنظمة تجسس لبنغلاديش

أربع شركات سايبر هجومي إسرائيلية باعت برامج تجسس إلى حكومة بنغلاديش بالرغم من انتهاكها الشديد والمتواصل لحقوق الإنسان في الدولة. وأحد مؤسسي هذه الشركات هو قائد سابق لوحدة بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية

تقرير: شركات سايبر إسرائيلية تبيع أنظمة تجسس لبنغلاديش

قوات أمن بنغلادشية، الشهر الماضي (Getty Images)

باعت أربع شركات سايبر هجومي برامج تجسس، من خلال اعتراض هواتف خليوية ومضامين إنترنت، إلى حكومة بنغلاديش بالرغم من انتهاكها الشديد والمتواصل لحقوق الإنسان في الدولة، وفقا لتقرير استقصائي نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم، الثلاثاء، استنادا إلى وثائق رسمية لحكومة بنغلاديش وسجلات صادرات دولية.

وبيعت برامج التجسس إلى "المركز الوطني لرصد الاتصالات" (NTMC )، وهو وحدة تابعة لوزارة الداخلية البنغلادشية، المسؤولة هم رصد مضامين الإنترنت والشبكات الاجتماعية في الدولة وفرض الرقابة العسكرية على الإنترنت والتنصت على المواطنين. وتأتي هذه الصفقات الأمنية رغم أن بنغلاديش لا تعترف بإسرائيل ولا تقيم علاقات دبلوماسية معها.

وإحدى شركات السايبر الهجومي هي شركة "باسيتورا" (Passitora)، التي أسسها القائد السابق للوحدة التكنولوجية في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، طال ديليان. وهذه الشركة مسجلة في قبرص.

وباسمها السابق WiSpear، كانت هذه الشركة ضالعة في فضيحة، بدأت عندما كشف ديليان، في مقابلة مع مجلة "فوربس"، عن نظام SpearHead، الذي يشمل سيارة فان مزودة بأجهزة تجسس وبرامج تتبع الهواتف النقالة، من أجل استخراج معلومات من هذه الهواتف من خلال شبكات خليوية وواي فاي وبضمن ذلك معلومات مشفرة مثل مراسلات واتسآب ومنشورات في فيسبوك وقوائم جهات اتصال وتسجيلات لمحادثات ورسائل نصية من أي هاتف ذكي بقطر نصف كيلومتر.

الشرطة البنغلادشية تقمع وتعتدي على متظاهرين، الشهر الماضي (Getty Images)

وأظهرت سجلات تصدير أنه في حزيران/يونيو الماضي، تم إرسال نظام SpearHead من سويسرا إلى دكا، عاصمة بنغلاديش، وأن المزود الذي أرسل النظام هو شركة "باسيتورا"، والمشتري هو NTMC. وشملت الشحنة المرسلة، بزنة 991 كيلوغرام، برنامج اعتراض المحادثات ومضامين في الشبكات الاجتماعية وفي الهواتف الذكية وبرنامج تشغيل النظام، وخوادم ومحركات وما إلى ذلك، بتكلفة 5.7 مليون دولار.

وشركة "باسيتورا" هي جزء من مجمع الشركات "إنتليكسا"، التي أسسها ديليان، وتطور تكنولوجيا متطورة للتجسس واختراق هواتف ذكية، تبيعها لوكالات حكومية في العالم. وكانت الصحيفة قد كشفت، في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عن بيع شركات ديليان برامج تجسس متطورة إلى "قوات الدعم السريع" ("الجنجويد" سابقا) الضالعة في جرائم حرب، والتابعة لنائب رئيس مجلس السيادة في السودان، محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

وتدعي مصادر إسرائيلية رسمية في مجال السايبر الهجومي أن عمل شركات ديليان لا تخضع لرقابة وزارة الأمن الإسرائيلية لأن هذه الشركات ليست مسجلة في إسرائيل. إلا أن وزارة الأمن الإسرائيلية لم تعقب بشكل واضح على استفسار الصحيفة حول ما إذا كانت قد صادقت على بيع أنظمة تجسس لبنغلاديش. وقالت الوزارة إن "وزارة الأمن لا تنشر معلومات حول سياسة الصادرات الأمنية، لاعتبارات أمنية وسياسية وإستراتيجية".

وبحسب وثائق رسمية لحكومة بنغلاديش، فإنه لا يتم التقدم إلى مناقصات إسرائيلية، لكن مجال السايبر الهجومي في بنغلاديش لا ينصاع إلى هذه "التعليمات".

وكانت الصحيفة قد كشفت العام الماضي عن أن شركة "سيلبريت" الإسرائيلية باعت أنظمة لاختراق الهواتف النقالة إلى وحدة في الشرطة البنغلادشية يخضع المسؤولون فيها لعقوبات أميركية بسبب مسؤوليتهم عن اختفاء آلاف الأشخاص وممارسة التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان.

شريحة دعائية لسيارة التجسس التي طورتها شركة ديليان

كذلك أفاد تقرير لقناة الجزيرة بأن شركة "بيكسيكس" (Picsix) الإسرائيلية باعت المخابرات العسكرية البنغلادشية نظام تجسس واختراق هواتف نقالة.

وكشف التقرير الاستقصائي اليوم عن أربع صفقات أخرى، اشترت من خلالها هيئات حكومية بنغلادشية ضالعة في انتهاك حقوق الإنسان في الدولة برامج تجسس على الهواتف النقالة لمواطنين واختراق شبكات لاسلكية ورصد مضامين في الإنترنت.

ورغم أن شركات السايبر الهجومي الإسرائيلية مسجلة في دول أخرى لكن ارتباطها بإسرائيل واضح، وفقا للصحيفة. وتوقع على الصفقات أحيانا شركات وساطة مسجلة في جزر العذراء وقبرص وسنغافورة.

وقررت حكومة بنغلاديش، في حزيران/يونيو 2021، شراء سيارة تجسس مزودة بوسائل لاعتراض محادثات خليوية ورسائل نصية ورصد موقع المستخدم واختراق شبكات لاسلكية وغير ذلك. وبحسب وثائق الحكومة فإنها تعاقدت مع شركة "تورو غروب" من سويسرا. لكن تبين أنه لا توجد شركة بهذا الاسم مسجلة في سويسرا، وإنما في جزر العذراء البريطانية، وعنوانها في جنيف، حيث يقع مقر شركة تزود خدمات تسجيل شركات أجنبية.

ويتبين من تفاصيل في موقع الإنترنت الرسمي لشركة "تورو غروب" أن مديرها العام هو مواطن إسرائيلي، يدعى أساف إلياس، الذي كان يملك مؤخرا جزءا صغيرا من أسهم لشركة أخرى مسجلة في بريطانيا، إلى جانب أشخاص آخرين في صناعة السايبر الهجومي الإسرائيلية.

ولفتت الصحيفة إلى أنه لا أحد من شركاء إلياس في الشركة البريانية يزود سيارات تجسس، باستثناء شركات ديليان. ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر قولها إن "تورو غروب" عملت كوسيط في صفقات عديدة لصالح شركات ديليان.

وأضافت الصحيفة أن وثائق رسمية للحكومة البنغلادشية دلّت على صفقة أخرى، في العام 2019، عندما اشترت وكالة المخابرات الداخلية نظام اعتراض اتصالات إنترنت من شركة "بريلايسيس" (Prelysis)، وهي شركة مسجلة في إسرائيل وقبرص، لكن الشركة في قبرص في حالة "سبات"، بينما يظهر اسم الشركة الإسرائيلية في وثائقها الرسمية.

وتظهر في سجلات الصادرات القبرصية، في تموز/يوليو 2019، بيع شركة "كورلكو – تك" المسجلة في قبرص، لجيش بنغلاديش أنظمة تتبع هواتف خليوية، بمبلغ 1.6 مليون دولار. ويظهر في مسجل الشركات في سنغافورة أن مالك شركة "كورلكو-تك" هو مواطن إسرائيلي يدعى إيال ألموغ.

كذلك تكشف سجلات الصادرات القبرصية عن صفقة بين NTMC وبين شركة أخرى باسم U-TX، التي زودت بنغلاديش بمعدات تجسس بمبلغ مليوني دولار ونظام تتبع هواتف خليوية للاستخبارات العسكرية البنغلادشية بمبلغ نصف مليون دولار، في العام 2021.

وأفادت الصحيفة أن شركة السايبر U-TX أسسها إسرائيليون في قبرص، وهي مسجلة وتعمل فيها، ومديرها العام مواطن إسرائيلي يدعى دافيد حلد. واشترت شركة "فرينت" التي يتم تداول أسهمها في ناسداك، شركة U-TX في العام 2014. وباعت "فرينت" أدوات تجسس سيبراني لأنظمة قمعية، بينها جنوب السودان وأوزبكستان وكازاخستان. وأضافت الصحيفة أن "فرينت" فصلت عنها دائتها الأمنية، العام الماضي، وأصبحت تعرف باسم شركة "كوغنايت" (Cognyte)، ومقرها في العنوان نفسه لشركة "فرينت" في مدينة هرتسيليا بوسط إسرائيل. وتعمل U-TX من خلال "كوغنايت" اليوم.

التعليقات