إضعاف جهاز القضاء: لماذا يعمل ليفين مثل "لص بالظلام"؟

عمم وزير القضاء ليفين، أمس، مذكرات القوانين التي تشملها خطة إضعاف الجهاز القضائي، بشكل مخالف لدستور الحكومة ويستبعد وزارة القضاء، وبصياغة جهات خارجية مثل منظمة "كوهيليت" اليمينية المتطرفة

إضعاف جهاز القضاء: لماذا يعمل ليفين مثل

مظاهرة المحامين في تل أبيب ضد خطة ليفين، اليوم (Getty Images)

لم تُلغِ المحكمة العليا الإسرائيلية منذ تأسيسها أي قانون أساس بادعاء أنه غير دستوري. وعلى مدار ثلاثين عاما شطبت المحكمة العليا 22 بندا في قوانين. رغم ذلك، فإن أحد بنود خطة إضعاف جهاز القضاء، التي تنفذها حكومة بنيامين نتنياهو بقيادة وزير القضاء، ياريف ليفين، يقضي بمنع المحكمة العليا من إلغاء قوانين سنها الكنيست.

ويرجح محللون قانونيون أن سن قانون يشمل منع المحكمة العليا من "إلغاء قوانين" نابع من خطة ستسن الحكومة من خلالها قوانين أساس، التي توصف بأنها دستورية، تنتهك حقوق إنسان أساسية، بحيث تلزم المحكمة العليا بالتدخل. وربما تسنّ قانونا يهدف إلى تبرئة نتنياهو من التهم الجنائية التي يحاكم عليها حاليا. إلا أن المحكمة لن تتمكن من التدخل في قوانين كهذه.

ومن أجل أن تلغي المحكمة العليا قانونا عاديا، ثمة حاجة إلى تأييد 80% من الهيئة القضائية الكاملة للمحكمة، أي تأييد 12 قاضيا من أصل 15 لإلغاء القانون. ويعني ذلك أن احتمال إلغاء قانون يكاد يكون معدوما. زد إلى ذلك، أن بإمكان الكنيست إعادة سن القانون بأغلبية 61 عضو كنيست في دورتها التالية.

ليفين (أرشيفية - Getty Images)

وعمم ليفين، مساء أمس، مذكرات القوانين التي تشملها خطة إضعاف جهاز القضاء. والإجراءات المتبعة بهذا الخصوص هي أن مذكرات القوانين الحكومية تصاغ في دائرة الاستشارة والتشريع الخاضعة للمستشارة القضائية للحكومة، كي لا تكون منحازة ولا تخضع لنقد معين.

إلا أنه لم يمرّ على تنصيب حكومة نتنياهو سوى أسبوعين، ما يعني أن مذكرات القوانين هذه صيغت بسرعة كبيرة تدل على أن صياغتها لم تجر في وزارة القضاء. وطالب محللون ليفين بالكشف عن الجهة التي صاغت هذه المذكرات.

وكشفت رسالة بعثتها المستشارة القضائية للكنيست، ساغيت أفيك، إلى رئيس لجنة القانون والدستور في الكنيست، سيمحا روتمان، اليوم الخميس، أن مشروع القانون الذي يطرحه الأخير لإضعاف مكانة المستشارين القضائيين للحكومة والوزارات، صاغه المحامي شمعون نطف، من منظمة "كوهيليت"، وهي واحدة من أكبر منظمات اليمين الإسرائيلي وأكثرها تأثير على صناع القرار، في حكومات نتنياهو وأحزاب اليمين. وهذه المنظمة بادرت إلى سن "قانون القومية" العنصري.

وأضافت أفيك في الرسالة أن دائرة الاستشارة القضائية ليست ضالعة في صياغة مشروع القانون، وأن "من شأن ذلك أن يجعل أعضاء الكنيست يعتقدون أنها وجهة نظر قانونية وضعتها الاستشارة القانية للجنة. وبالطبع، فإن الوضع ليس على هذا النحو".

وبغض النظر عن الجهة التي صاغت مذكرات قوانين خطة ليفين، مع العلم إنه لم تُصغ في وزارة القضاء، فإن صياغة مذكرة القانون بخصوص إلغاء الرقابة القضائية من جانب المحكمة العليا على قرارات الحكومة ومنع المحكمة من استخدام ذريعة عدم المعقولية، تشير إلى أن هذا القانون يهدف إلى ترسيخ حكم فردي من دون إمكانية لمراقبة قرارات الحكومة.


المحكمة العليا الإسرائيلية (أرشيف - أ.ب.)

وتغيير آخر لإضعاف جهاز القضاء يستهدف تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة. وبحسب المذكرة التي عممها ليفين، أمس، فإن عدد أعضاء لجنة تعيين القرار سيزداد من 9 إلى 11 عضوا. وسيتم إخراج مندبيّ نقابة المحامين منها، واستبدالهم بمندوبيْن يعينهما وزير القضاء. وسيرتفع عدد السياسيين، وزراء وأعضاء كنيست، من أربعة إلى ستة، وبينهم مندوب واحد فقط من المعارضة. ويعني ذلك تعزيز الأغلبية الائتلافية، بحيث تكون أغلبية في اللجنة مؤيدة للائتلاف بالمطلق، على حساب مندوبي الجمهور. وبموجب مذكرة القانون، بالإمكان تعيين رئيس للمحكمة العليا من خارج المحكمة.

ويستبعد محللون قانونيون أن يوافق قضاة المحكمة العليا على الاستمرار في عملهم بحال تعيين رئيس للمحكمة يفتقر للخبرة في عمل المحكمة وقيادة الجهاز القضائي. ورجحوا أنه في حال حدوث أمر كهذا، فإن المحكمة العليا ستشهد استقالات جماعية لقضاتها.

والجدير بالذكر أن مذكرات القوانين التي عممها ليفين، أمس، لم تنشر أبدا في موقع المذكرات الحكومية الإلكتروني، كما أن طريقة نشرها تتناقض مع التعليمات التي ينص عليها دستور الحكومة، ما يرجح أن ليفين يسعى إلى استبعاد انتقادات الجمهور. وبذلك يعمل ليفين مثل "لص في الظلام" على حد تعبير أحد المحللين.

التعليقات