الاحتجاجات ضد إضعاف القضاء: الجيش الإسرائيلي يخشى تراجع التجنيد

تحليلات: تتسع مشاركة ضباط وجنود حاليون وسابقون في الاحتجاجات ضد الخطة الحكومية لإضعاف جهاز القضاء وقلق من تأثير ذلك على أداء الجيش، فيما يتصاعد التوتر الأمني في الأراضي الفلسطينية وقد يصل إلى انتفاضة

الاحتجاجات ضد إضعاف القضاء: الجيش الإسرائيلي يخشى تراجع التجنيد

مسرة قوات الاحتياط ومسؤولين أمنيين سابقين باتجاه القدس، أمس (أ.ب.)

يسود قلق بالغ في الجيش الإسرائيلي من الشرخ الآخذ بالاتساع في المجتمع الإسرائيلي في أعقاب خطة إضعاف جهاز القضاء والاحتجاجات ضدها، خاصة وأن هذا الشرخ تسلل إلى داخل الجيش إثر مشاركة ضباط حاليين وفي قوات الاحتياط في الاحتجاجات، وفق محللين عسكريين في الصحف الصادرة اليوم، الجمعة.

وقال ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي، في الأيام الماضية، إن "هذا التخوف بالغ وحقيقي، ولم يشهد الجيش مثله منذ سنين، وعلى الأقل منذ تنفيذ خطة الانفصال عن غزة"، في العام 2005، وفق ما نقل عنهم المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع.

وأضاف الضباط أن "الشرخ الاجتماعي العميق يستوجب الإدراك أنه ليس الاقتصاد الإسرائيلي يمكن أن يتضرر خلال موجة الاحتجاج الحالية، وإنما الجيش أيضا". ويقول الضباط إنه يتزايد عدد الأهالي الذين لن يرسلوا أولادهم للتجنيد، فيما يوضح أهالي آخرون إنهم سيرفضون إرسال أولادهم إلى "خدمة عسكرية قتالية"، أو أنهم هم أنفسهم يهددون بأنهم سيرفضون الخدمة في قوات الاحتياط.

وقال ضابط في هيئة الأركان العامة إن الجيش لم يصادف حتى الآن حالات تحقق فيها هذا التهديد، "لكن هذا لا يعني أن التخوفات ليست حقيقية، وعلى الجيش الاستعداد لذلك، وألا نتفاجأ من إمكانية أن نصادف رفض تجنيد أو خدمة في الاحتياط". وطولب قادة كتائب في قوات الاحتياط والقوات النظامية إبداء يقظة حيال تحولات داخل الجيش، ومحاولة منع الشرخ إلى داخل الجيش.

نتنياهو وبن غفير ومطالب المستوطنين تنذر بتصعيد (Getty Images)

وبحسب يهوشواع، فإنه مورست ضغوطا على رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، كي يعبر عن موقف ضد مشاركة ضباط في الاحتياط بالاحتجاجات، لكنه امتنع عن ذلك حتى الآن. واعتبر قسم من الضباط أنه لن يكون تأثير للاحتجاجات على محفزات التجنيد، وفي موازاة ذلك "يعتقد كثيرون أن هذه المرة، خلافا لمواجهات سياسية واجتماعية سابقة، الأزمة أعمق ولن تتجاوز الجيش، إذ أنه لا يوجد أي مجال في المجتمع الإسرائيلي لم يتسلل هذا التوتر إليه".

ولفت المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى العلاقة بين الاحتجاجات في إسرائيل وتأثيرها على الجيش وبين التعيد الحاصل في الضفة الغربية. وأضاف أن تحذير رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، وليام بيرنز، الأسبوع الماضي، من احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة، يعكس التقارير التي استمع إليها أثناء زيارته لإسرائيل قبل ذلك بأسبوع.

وأضاف أنه بالرغم من أن ليس جميع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تصف التصعيد بأنه انتفاضة، إلا أنه يوجد إجماع بينها على الوضع يتدهور في الحلبة الفلسطينية وأنه يحتمل حدوث تصعيد أكبر، وخاصة خلال شهر رمضان المقبل.

ورأى هرئيل أن "فترات الهدوء بين العمليات التي ينفذها فلسطينيون، إلى جانب الأنباء في مناطق أخرى، بدءا من الانقلاب القضائي وحتى الزلزال في تركيا، تُنشئ في الرأي العام الإسرائيلي شعورا كاذبا وكأنه لا تغيير في الوضع. لكن من الناحية الفعلية الميدان في الضفة يعتز، وخاصة إلى الشمال من نابلس. وفي الجانب الفلسطيني لا يوجد هدوء في استمرار سقوط قتلى بنيران الجيش الإسرائيلي، وعددهم أكثر من أربعين منذ بداية العام الحالي".

ونشأت الشهر الماضي مبادرات احتجاج ضد الخطة الحكومة في أوساط خريجي دورات لسلاحي الجو والبحرية وضباط في سلاح المدرعات. ونظم ضباط وجنود في قوات الاحتياط، وكذلك مسؤولين أمنيين سابقين بينهم رئيس الموساد الأسبق، تمير باردو، مسيرة ضد الخطة هذا الأسبوع لمسافة خمسين كيلومترا، انطلقت من اللطرون باتجاه مقر المحكمة العليا في القدس، واستمرت ثلاثة أيام.

وفي ظل احتمال حدوث تصعيد واسع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في موازاة الأزمة السياسية في إسرائيل، فإن "تصالب هاتين الظاهرتين سيضع علامة استفهام على أحد البنود الأساسية في العقد غير المكتوب بين المواطن ودولته، وهو التجنيد للجيش أثناء مصيبة. ألن تضر مواجهة داخلية سياسية في الأشهر المقبلة بأداء الجيش والتجنيد لصفوفه، في قوات الاحتياط ولاحقا في القوات النظامية؟"، وفقا لهرئيل.

وأضاف أنه يصعب توقع مشكلة، وأن قوات الاحتياط سجلت تجنيدا بمستوى مرتفع خلال حروب إسرائيل في العقود الماضية. لكن هرئيل شكك في أن هذا الوضع سيستمر: "السؤال هو ماذا سيحدث في وضع احتكاك متواصل، مرتبط بالظروف السياسية الداخلية أيضا وباستمرار الاحتلال والاستجابة لمطالب المستوطنين. وهناك تهديد آخر في الخلفية، وهو عزم الأحزاب الحريدية على إنهاء تشريع قانون تجنيد عاقر، سيسمح عمليا بشرعية قانونية نهائية لتهرب جماعي لناخبيها من الخدمة العسكرية".

التعليقات