تحليلات: إسرائيل تبحث عن "صورة انتصار" في خان يونس

محللون يشككون بخطط إسرائيل: "إذا لم نطهر غزة وضواحيها خلال 59 يوما، لن نتمكن من تطهير خانيونس وضواحيها بفترة أقصر. وإسرائيل تميل منذ سنوات طويلة إلى البحث عن ’صور انتصار’ رمزية، ولا تقود غالبا إلى انتصار فعلي في الحرب"

تحليلات: إسرائيل تبحث عن

نازحون من خانيونس تحت القصف الإسرائيلي، السبت الماضي (أ.ب.)

شكك محللون إسرائيليون اليوم، الثلاثاء، في إمكانية أن تحقق إسرائيل "أهدافها" في الحرب التي تشنها على قطاع غزة. ويشيرون إلى أنه بالرغم من همجية هذه الحرب والقصف التعسفي الشديد والتوغل البري في المناطق المكتظة بالسكان، في خانيونس، إلا أن حركة حماس ما زالت بعيدة عن إمكانية استسلامها، لكن إسرائيل تسعى في وضع كهذا إلى اغتيال رئيس حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، بادعاء أن تحقق ذلك سيمنحها "صورة انتصار".

ودعا المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، إلى "خفض توقعات" في صفوف الإسرائيليين. وأشار إلى أن "عملية الجيش الإسرائيلي البرية في منطقة خانيونس لن يكون حجمها وقوتها مشابهان للعملية البرية في شمال القطاع".

وأضاف أن "العملية البرية في خانيونس لا يمكن أن تستمر أكثر من عشرة أيام أو أسبوعين. فإذا لم نطهر مدينة غزة وضواحيها خلال 59 يوما من القتال، لن نتمكن من تطهير خانيونس وضواحيها خلال فترة أقصر بكثير".

وحذر من أن "الدمج بين مليوني مهجر – 1.8 مليون (نازح) من شمال القطاع و200 ألف مهجر جديد من خانيونس – وضغط أميركي يُملي قيود العملية العسكرية. وكذلك مخاطر النيران الصديقة. فالثمن الذي ندفعه في هذا الموضوع في شمال القطاع مقلق جدا. ومن شأن خانيونس أن تجبي ثمنا مشابها".

شهداء خارج مستشفى في خانيونس، اليوم (Getty Images)

وتطرق برنياع إلى "الضغط الأميركي" على إسرائيل، واعتبر أن التهديد الأكبر يتمثل "بتراجع الدعم الأميركي للجيش الإسرائيلي. وهذا لم يحدث بعد، لكن إمكانية حدوث ذلك واقعية، ويؤثر على أي قرار يتخذه الكابينيت وعلى أي خطة عسكرية".

إلا أن دعم الرئيس الأميركي، جو بايدن، لإسرائيل لم يتراجع، بالرغم من تراجع شعبيته في الاستطلاعات التي تستشرف نتائج انتخابات الرئاسة، في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. كما أن الكونغرس لم يصادق حتى الآن على خطة بايدن لمنح مساعدات لإسرائيل بمبلغ 14 مليار دولار، بسبب شروط يضعها الحزب الجمهوري، إلى جانب شروط أخرى يضعها قسم من الحزب الديمقراطي وتتعلق بشكل مباشر بالممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.

وسعى برنياع، كغيره من المحللين الإسرائيليين، إلى صبغ إدارة بايدن بألوان إنسانية، وأنها تريد ممارسة ضغوط على إسرائيل على إثر القصف الوحشي في قطاع غزة واستشهاد آلاف المدنيين وغالبيتهم من الأطفال والنساء. إلا أنه بالرغم من هذه المشاعر الأميركية المزعومة، فإن إدارة بايدن لم تمنع إسرائيل من استمرار حربها على المدنيين. لكن برنياع أشار إلى "تعلقنا بالولايات المتحدة أكبر مما الحكومة الإسرائيلية مستعدة على الاعتراف به".

ورجح برنياع أن العملية البرية في خانيونس ستكون الأخيرة. "ولن نتمكن من توسيعها إلى رفح، فلا يوجد مكان آخر يلجأ إليه المهجرون. والمرحلة الثانية من الحرب، التي بدأت بدخول بري إلى شمال القطاع، ستنتهي على الأرجح في خانيونس".

وأضاف أنه بعد ذلك "ستبدأ مرحلة المنطقة الفاصلة، أي إنشاء حزام أمني بين غزة وغلاف غزة. وهذا الحزام لن يوفر الكثير من الأمن، فالمنطقة ضيقة جدا ومكتظة جدا. وكانت إسرائيل تريد رؤية ضلوع مصر والسعودية ودول سنية أخرى، إلى جانب الولايات المتحدة، في إدارة غزة وإعادة إعمارها. لكن احتمال حدوث ذلك ليس كبيرا فيما إسرائيل تخطط لاستمرار عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة".

ووفقا للمحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإنه بالرغم من مرور شهرين على الحرب، "إلا أن الخلاصة ما زالت واضحة. حماس تواصل القتال، ولا يبدو أبدا في المدى الزمني القريب أنها تعتزم وضع سلاحها جانبا. وهذا يحدث بالرغم من تقدم عملية الجيش الإسرائيلي البرية".

وأشار إلى أن "المقاومة الفلسطينية حاليا، في الشجاعية وفي مخيم اللاجئين جباليا، حيث تعمل الفرقة العسكرية الإسرائيلية 162، لا تستند إلى وحدات كبيرة ومنظمة. وتنشط هناك بالأساس خلايا مسلحين صغيرة، التي تخرج من فتحات أنفاق وتحاول استهداف قوات الجيش الإسرائيلي".

محاولات تخليص عالقين تحت أنقاض مباني دمرها القصف الإسرائيلي في خانيونس (Getty Images)

وأضاف أن "توغل الجيش الإسرائيلي في جنوب القطاع موجه نحو مكان مركزي واحد، هو مدينة خانيونس ومخيم اللاجئين المحاذي لها. وإسرائيل تلمح إلى أن قائد حماس السنوار وقيادة الحركة يتواجدون هناك، ووجدوا ملاذا تحت الأرض. وتتواجد هناك كتائب حماس العملياتية المركزية أيضا، وعددها أربع، ولم تستهدف تقريبا حتى الآن. وقوة هذه الكتائب لم تتراجع لأنها لم تشارك في قتال مكثف مع الجيش الإسرائيلي حتى الآن".

وحسب هرئيل، فإن اختيار خانيونس للمرحلة الثانية من الحرب ليس عفويا. "ويظهر بوضوح أن الهدف هو ممارسة ضغط مكثف على السنوار والقياديين حوله"، وأنه بعد الدمار الرهيب الذي ألحقته إسرائيل بالقطاع "توجد الآن محاولة للتأثير على قيادة حماس. واقتراب القوات البرية إلى المدينة سيزيد المخاطر على المدنيين الفلسطينيين ويضع مصاعب أمام نقل المساعدات الإنسانية".

وأضاف أنه "كلما طالت الحرب وتعقدت، يظهر أن التفكير الإسرائيلي يتركز على الحاجة لاستهداف السنوار. والاعتقاد هو أن إخراج السنوار، وربما المجموعة المحيطة به أيضا، من الصورة سيسمح رغم كل شيء بفرض تغيير في موقف الحركة حيال استمرار القتال. ورغم ذلك، ينبغي الإشارة إلى أن الطريق من أجل تحقيق هذا الهدف ليست واضحة، وأن لدى إسرائيل ميْل منذ سنوات طويلة إلى البحث عن ’صور انتصار’ رمزية، ولا تقود غالبا إلى انتصار فعلي في الحرب".

التعليقات