للمال أَيضا لون وعرق – حول تمييز البنوك الإسرائيلية ضد العرب

وكي تكتمل الصورة يجب النظر الى ارباح البنوك العاملة في الوسط العربي، التي هي شركات فرعية للبنوك الكبيرة العاملة في الوسط اليهودي، حيث يبلغ المردود المالي لهذه البنوك ضعفي المردود المالي للبنوك الاخرى، بما فيها البنوك الأم التي يتبعون لها والتي تخدم السكان "العاديين". بكلمات بسيطة، تقول الكاتبة، فان الفئتين السكانيتين الأكثر فقرا في اسرائيل تجلبان للبنوك الأرباح الأوفر.

للمال أَيضا لون وعرق – حول تمييز البنوك الإسرائيلية ضد العرب


في إسرائيل، لـ"المال أيضا لون وعرق" وفق ماتقول الكاتبة رفيت هيخت، التي تناولت في مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، اليوم الأربعاء، تمييز العنصري الذي تمارسه البنوك الإسرائيلية ضد المواطنين العرب في إسرائيل والذي كشف النقاب عنه تقرير مفتش البنوك الذي صدر مؤخرا.

الكاتبة تشير الى صفة غريبة تميز عدم مساواة ما تصفه بعصر اللبرلة و"السياسة المرتبة"،الذي يعبد طريق التمييز بين الانسان والآخر بتفسيرات وتسويغات مبررة ويغلفها بعروض مهندسة وأسباب منطقية وادعاءات علمية في حين يكشف الواقع في الميدان والمعطيات الموضوعية الحقيقة المرة عارية.

تمييز البنوك الإسرائيلية ضد الزبائن العرب هو مثال بارز على ذلك، ففي حين ينفي كل موظف كبير في أي بنك وجود أي تمييز ضد الزبائن العرب ويدعى عدم الجدوى الاقتصادية من إعمال التمييز ضد العرب لأن "المال هو المال" تأتي المعطيات لتحكي بجفاف قصة أخرى، حيث يكشف تقرير المفتش على البنوك ان التكلفة الشهرية للحساب الجاري في البنوك التي تعمل في الوسط العربي، بنك مركنتيل والبنك العربي الاسرائيلي أعلى بنسبة كبيرة من سائر البنوك ( 21.5 و19.7 مقابل 6.1 في بنك ياهف و11.9 في بنك هبوعليم). التمييز يطال "الحريديم" الذين يدفعون لقاء تكلفة الحساب الشهري في بنك "فاجي" 25.1 شيكل.

وكي تكتمل الصورة يجب النظر إلى أرباح البنوك العاملة في الوسط العربي، التي هي شركات فرعية للبنوك الكبيرة العاملة في الوسط اليهودي، حيث يبلغ المردود المالي لهذه البنوك ضعفي المردود المالي للبنوك الأخرى، بما فيها البنوك الأم التي يتبعون لها والتي تخدم السكان "العاديين". بكلمات بسيطة، تقول الكاتبة، فإن الفئتين السكانيتين الأكثر فقرا في إسرائيل تجلبان للبنوك الأرباح الأوفر.

مبررات الدفاع عن هذه المعطيات العنصرية كثيرة وبعضها بالغ النفاق، مثل، أن العرب و"الحريديم" غير منتظمين في أماكن عمل كبيرة ولذلك لا يمكن إعطاؤهم تخفيضات، والعرب والمتدينون لا يسددون الديون البنكية، والعرب يحبون شرب القهوة مع موظفي البنك والإكثار من الحديث، و"للحريديم" لا يوجد كمبيوترات في بيوتهم، ولذلك يكثرون الاستعانة بموظف البنك لتنفيذ عمليات بنكية مختلفة الأمر الذي يرفع سعر الخدمة. 

يمكن تفنيد هذه الاعاءات بسهولة، كما تقول الكاتبة، لأن تقارير البنوك "القطاعية" تخلو من اعتمادات معرفة على أنها "معطوبة" أو "منحطة" بنسبة أكبر من بقية البنوك. وقائمة المدينين الكبار في السوق المالي تتزين بالذات بأسماء يهودية "حلال" ومتنورة وليس بأسماء عربية. الكاتبة تلفت في نهاية مقالها إلى أن التكلفة العالية التي يدفعها العرب و"الحريديم" يشتق منها ظاهرة بشعة أخرى وهي أن الزبائن الأضعف في مختلف البنوك، يدفعون على نفس الخدمات عمولات أكبر من العمولات التي يدفعها الزبائن الأقوى كونهم يتمتعون بحماية رأس المال وأماكن عمل كبيرة. 

وتختم مقالها بالقول، إنه في عالم ينتقي كلماته بالذات من السذاجة المطالبة بمساواة بين الفقير والغني في مختلف المجالات، لكن أية عدالة تلك التي تقضي بأن يمول الضعفاء امتيازات الأقوياء- إنها حالة عبثية تشير إلى تدهور أخلاق المجتمع الذي وصلنا اليه، والذي يشكل سلوك البنوك أحد مظاهره. إنه تدهور لا يمكن تبييضه بأية نظرية اقتصادية أو موديل إدارة مخاطر، إنها بلطجة من قبل الأقوياء الذين يسعون مواصلة إحكام سيطرتهم.

التعليقات