النفط يفقد 22% من قيمته الشرائية خلال 2018

شهدت أسعار النفط الخام خلال العام الماضي انخفاضًا مستمرًّا أفقدها نحو 22% من قيمتها، مثل هام برنت الذي وصل سعره حاليًّا، في نهاية 2018، إلى 52.2 دولارًا للبرميل، وهو مبلغ أقل بـ 14.7 دولارا عن المستويات التي أنهى النفط عندها 2017 البالغة

النفط يفقد 22% من قيمته الشرائية خلال 2018

توضيحية (أ ب)

شهدت أسعار النفط الخام خلال العام الماضي انخفاضًا مستمرًّا أفقدها نحو 22% من قيمتها، مثل هام برنت الذي وصل سعره حاليًّا، في نهاية 2018، إلى 52.2 دولارًا للبرميل، وهو مبلغ أقل بـ 14.7 دولارا عن المستويات التي أنهى النفط عندها 2017 البالغة 66.9 دولار.

نتج تراجع النفط بشكل رئيس، من تخمة المعروض في ظل إنتاج قياسي لكبار المنتجين كالولايات المتحدة، وروسيا، والسعودية، إضافة لدول منظمة "أوبك"، إذ جاءت زيادات الإنتاج، بعد صعود النفط لأعلى مستوى خلال العام عند 86.7 دولارًا للبرميل في تشرين الأول/ أكتوبر 2018.

وبالإضافة لتخمة المعروض، فإنّ هناك عدّة عوامل أخرى أثرت على الأسعار بينها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتوقعات بتراجع نمو الاقتصاد العالمي، وبالتالي تأثر الطلب على النفط.

ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أنّ مطالبة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب مرارًا، عبر "تويتر"، بضرورة انخفاض أسعار النفط، قد أثّرت سلبًا على الأسعار؛ إذ قالت شركة "بريتيش بتروليوم" إنّ ترامب كان أحد العوامل المؤثرة بالسلب على سعر النفط.

وشهد النفط وأسعاره عدة مراحل بين الصعود والنزول، إذ بدأت أسعار النفط 2018 على استقرار قرب مستويات نهاية 2017، لتحوم حول 67 دولارًا للبرميل، حتى التاسع من نيسان/ أبريل، ومنذ اليوم التالي بدأت الأسعار تتجاوز 70 دولارًا للبرميل.

وتواصلت ارتفاعات الأسعار حتى أعلن الرئيس الأميركي، في أيار/ مايو، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران، لينهي الخام شهر مايو فوق 77 دولارًا.

وتعد إيران ثالث أكبر منتج للنفط الخام في "أوبك"، بمتوسط إنتاج يومي يبلغ 3 ملايين برميل، وبحجم صادرات يومية 2.1 مليون برميل.

وعلى وقع الانسحاب، والإعلان عن تقارير بإمكانية تأثر الإمدادات العالمية، يضاف له نجاح اتفاق خفض الإنتاج، صعد خام برنت في حزيران/ يونيو الماضي إلى متوسط 75 دولارًا للبرميل، وفي نهاية الشهر نفسه وجد المشاركون في اتفاق خفض الإنتاج، حاجة إلى تقليص حجم الخفض، ليبلغ تقليص الإنتاج الجديد 1.2 مليون برميل، بدلًا من 1.8، بدأ مطلع تموز/ يوليو 2018.

إلا أن أسعار النفط واصلت الصعود، مدفوعة بالعقوبات على إيران، إذ دخلت الحزمة الأولى منها في آب/ أغسطس 2018، متعلقة بعمليات مصرفية وصادرات صناعية، ليبلغ خلال شهر أيلول/ سبتمبر، بلغ خام برنت 80 دولارًا للبرميل، ما دفع الرئيس الأمريكي في ثلاث مناسبات للتغريد على "تويتر"، مطالبًا "أوبك" بخفض الأسعار فورًا.

لكن اجتماعًا للمشاركين في اتفاق خفض الإنتاج، استضافته الجزائر يوم 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، رفض فيه المجتمعون تنفيذ أية زيادات في الإنتاج، والإبقاء على الأرقام الحالية، حتى نهاية 2018.

وتفاعلت أسعار النفط مع التصريحات القادمة من الجزائر، ليسجل خام برنت 84 دولارًا للبرميل، ثم 86 دولارًا مع قرب دخول حزمة عقوبات ثانية على طهران، التي دخلت حيز التنفيذ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.

وسجلت الأسعار أعلى مستوى لها خلال 4 سنوات عند 86.7 دولارًا للبرميل في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مدعومة من العوامل المذكورة، كما شهد تشرين الثاني/ نوفمبر إنتاجًا قياسيًّا لكبار المنتجين على رأسهم الولايات المتحدة.

وواصل الإنتاج الأميركي الضغط على أسعار الخام، بتسجيل مستويات قياسية شهرًا تلو الآخر حتى وصل مستوى قياسي عند 11.7 مليون برميل يوميًّا في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي؛ كما سجلت السعودية إنتاجًا قياسيًّا أيضًا خلال الشهر ذاته، عند 11 مليون برميل، لتعويض النقص المتوقع في الإمدادات العالمية، مع بدء تطبيق العقوبات الأميركية على النفط الإيراني.

وأظهرت بيانات وزارة الطاقة الروسية أن إنتاج البلاد اليومي من النفط بلغ 11.37 مليون برميل يوميًّا في نوفمبر الماضي، وهي مستويات مرتفعة للإنتاج الروسي، كما شهد الشهر ذاته، ارتفاعًا لإنتاج منظمة "أوبك" إلى 32.97 مليون برميل يوميًّا، وهو أعلى بأكثر من 1% عن متوسط إنتاج المنظمة خلال 2017، الذي كان عند 32.62 مليون برميل يوميًّا.

خيبة الأمل

تعرض منتجو النفط لخيبة أمل كبيرة خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، في ظل بدء أسعار النفط في التراجع من مستوياتها المرتفعة، رغم بدء تطبيق العقوبات الأميركية على إيران بعد استثناء 8 دول من حظر استيراد النفط الإيراني، ما أفرغ العقوبات من مضمونها كثيرًا.

وشهدت الأسواق تخمة في المعروض نتيجة الاستثناءات الأميركية والإنتاج القياسي لكبار المنتجين، ما أطاح بالأسعار من مستويات فوق 86 دولارًا إلى 59 دولارًا بنهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

ويبدأ مطلع 2019، تنفيذ اتفاق جديد لخفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميًّا، بين كبار المنتجين في "أوبك"، ومنتجين مستقلين بقيادة روسيا، في محاولة لاستعادة استقرار السوق بعد التراجعات المتواصلة.

التعليقات