السودان: إقالة محافظ البنك المركزي والإبقاء على السياسات المسببة للأزمة

أعلنت السلطات الجزائرية، اليوم الثلاثاء، إقالة محافظ البنك المركزي، محمد خير الزبير، بعد استلامه للمنصب بستة أشهر فقط، الأمر الذي يتزامن مع الاحتجاجات في السودان

السودان: إقالة محافظ البنك المركزي والإبقاء على السياسات المسببة للأزمة

احتجاجات ضد الحكومة في الخرطوم (أرشيفية - أ ف ب)

أعلنت السلطات الجزائرية، اليوم الثلاثاء، إقالة محافظ البنك المركزي، محمد خير الزبير، بعد استلامه للمنصب بستة أشهر فقط، الأمر الذي يتزامن مع الاحتجاجات في السودان.

وكان الرئيس عمر البشير، قرر في أيلول/ سبتمبر الماضي، تعيين الزبير محافظا لبنك السودان عقب وفاة المحافظ الذي سبقه، ليواجه أزمات اقتصادية مستفحلة كان للبنك المركزي نصيب منها، وفي مقدمتها أزمة شح الأوراق النقدية داخل الأسواق المحلية، والهبوط الكبير للعملة الوطنية أمام النقد الأجنبي، وهي العوامل التي ساهمت بانطلاق موجة الاحتجاجات في السودان في 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 57 شخص بحسب الناشطين، واعتقال مئات المتظاهرين والناشطين السلميين.

وكانت أولى قرارات الزبير إنشاء آلية مستقلة من خارج الحكومة لتحديد سعر صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية تحت مسمى (آلية صناع السوق)، والتي تهدف إلى القضاء تدريجيا على السوق السوداء للعملة المحلية، وإعادة العمليات النقدية الأجنبية إلى القنوات الرسمية (البنوك ومحال الصرافة المرخصة).

ورغم أن الآلية الجديدة تمسكت بسعر صرف واحد منذ إنشائها في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، وحددته بسعر 47.5 جنيها للدولار الواحد، إلا أن أسعار الصرف في تداولات الأسواق الموازية (السوداء)، تصاعدت إلى أكثر من 70 جنيها للدولار الواحد.

وأمر الزبير أيضا بطباعة فئات جديدة من العملة المحلية وطرحها؛ شملت فئة (100 - 200) جنيها و(500 جنيها) قيد التنفيذ. إلا أنه وبحسب خبراء اقتصاد، فإن السياسات التي اتخذها الزبير في سبيل معالجة الوضع الاقتصادي، لم تنجح، حيث ما تزال المشاكل قائمة.

وترى الكاتبة الصحفية المهتمة بالشأن الاقتصادي، سمية سيد، أن الزبير "بذل محاولات جادة" في معالجة الأزمات التي واجهته، إلا أن سياساته لم تجد "الوقت الكافي" حتى تظهر نتائجها.

وقالت سيد إنه "من الصعب تقييم سياسات الزبير في الفترة الوجيزة التي تولى فيها مهمة محافظ بنك السودان".

ورفضت الكاتبة، التخبط الذي تمارسه الحكومة السودانية في عمليات الإحلال والإبدال، في الطاقم الاقتصادي، وتعده أحد أزمات الاقتصاد الراهنة.

وأكدت أن حل مشاكل الاقتصاد السوداني لا تكمن في الأشخاص بقدر ما تكون في السياسات والمنهج المتبع، لا سيما وأن الأشخاص تأثيرهم ضعيف على العملية الاقتصادية.

واستشهدت بالارتباك الكبير الذي أصاب سوق العملات الموازية، بعد إعلان إعفاء محمد خير الزبير، وتكليف حسين يحي جنقول، بمهامه.

وتشهد أسواق العملات السوداء بالعاصمة السودانية الخرطوم، تصاعدا لقيمة الدولار أمام الجنيه.

وبلغ سعر شراء الدولار 67 جنيها في تداولات أول من أمس الأحد، مقابل 58 جنيها بعد إعلان البشير لحالة الطوارئ التي منعت تداول العملات خارج القنوات الرسمية.

واعتبرت سيد أن الهدف من إعفاء الرجل من منصبه، يكمن في استفحال أزمات شح الأوراق النقدية وارتفاع سعر الصرف بعد القرارات التي نفذها، في ظل استعجال الرئاسة على حلها.

واتفق الخبير الاقتصادي، عبدالله الرمادي، مع ما ذكرته سيد حول أن تغيير الأشخاص لن يساهم في حل المشكلة الاقتصادية المستفحلة بالبلاد.

ولفت الرمادي إلى أن الزبير، لم يستطع إحداث اختراق في الملف الاقتصادي، لأنه أداره بذات العقلية التي تسببت في الأزمة.

وانتقد الرمادي سياسات الزبير فيما يختص بإنشاء آلية "صناع السوق"، واتهمها بأنها السبب في خلق مزيد من تدهور قيمة الجنيه السوداني.

وقال إن "مشكلة أسعار الصرف بالسودان، يكمن حلها الوحيد في وجود حصيلة مليارية حتى يتوفر النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية".

ويعاني السودان من أزمات في الخبز والطحين، والوقود والأوراق النقدية، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق غير الرسمية، إلى أرقام قياسية مقابل الدولار الواحد، الأمر الذي كان محركا لعشرات آلاف المواطنين الذين اندفعوا للتظاهر في الشوارع والمطالبة بإسقاط نظام البشير.

التعليقات