التضخم المالي وغلاء الأسعار الأعلى في المجتمع العربي

عرضت نتائج البحث خلال ورشة عمل عُقدت في المركز الجماهيري في مدينة أم الفحم، أمس الأربعاء، نظمها المنتدى الاقتصادي العربي بالتعاون مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد.

التضخم المالي وغلاء الأسعار الأعلى في المجتمع العربي

ورشة عمل للمنتدى الاقتصادي العربي في أم الفحم، أمس (عرب 48)

أظهرت نتائج بحث أجراه المنتدى الاقتصادي العربي بالتعاون مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد، أن سعر السلة الغذائية في المجتمع العربي أعلى بـ17% من السلة الغذائية في المجتمع اليهودي، وذلك خلال بحث تعقب السلة الغذائية منذ العام 2019 ولغاية 2021.

وتبين من نتائج البحث أن التضخم المالي ارتفع بشكل كبير خلال السنة والنصف الأخيرة إذ وصل إلى 5.2% في البلاد، وهي النسبة الأعلى خلال السنوات العشر الأخيرة، وذلك بسبب تفشي أزمة فيروس كورونا، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع غلاء المعيشة في البلاد والعديد من دول العالم.

وعرضت نتائج البحث خلال ورشة عمل عُقدت في المركز الجماهيري في مدينة أم الفحم، أمس الأربعاء، نظمها المنتدى الاقتصادي العربي بالتعاون مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في البلاد، وذلك بحضور عدد من المختصين الاقتصاديين ورئيس بلدية أم الفحم، د. سمير محاميد، ورئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، ورئيس المنتدى الاقتصادي العربي، د. سامي ميعاري.

وعن نتائج البحث، قال الباحث الاقتصادي والمحاضر في جامعة تل أبيب ورئيس المنتدى الاقتصادي العربي، د. سامي ميعاري، لـ"عرب 48" إن "المعطيات تظهر مدى التضخم المالي في إسرائيل بشكل عام وفي المجتمع العربي بشكل خاص، حيث يقارن البحث بين سلة الغذاء في المجتمعين العربي واليهودي، إذ أنه خلال البحث تم تقسيم المجتمع الإسرائيلي إلى أربعة أقسام، ومنها العائلات العربية في منطقة المثلث، والعائلات العربية في منطقة الجليل، والعائلات اليهودية في المدن الكبرى وبلدات أخرى (يهودية)".

سلة الغذاء في البلدات العربية

وعن سعر سلة الغذاء الأعلى في المناطق، قال ميعاري إنه "بعد تعقب سعر سلة الغذاء منذ العام 2019 وحتى العام 2021، صدمنا بالنتائج، إذ أن سلة الغذاء الأغلى هي في البلدات العربية في منطقة المثلث، تليها البلدات في منطقة الجليل، ومن ثم البلدات الأخرى، حيث يصل الفرق بين سعر سلة الغذاء في البلدات العربية في المثلث وسلة الغذاء في البلدات اليهودية إلى 17%، وكذلك بين منطقة المثلث ومنطقة الجليل فإن الفرق بسعر سلة الغذاء 4%، وهذه النتائج صادمة جدًا".

سامي ميعاري (عرب 48)

وأضاف أن "النسب في أسعار مواد التنظيف في منطقة المثلث أعلى بـ35% وفي منطقة الجليل أعلى بـ25% من الأسعار في المجتمع اليهودي، وهذا فرق كبير بين المجتمعين، واللافت في هذه المعطيات أن أغلب هذه السلع الغذائية ومواد التنظيف يتم استيرادها من خارج البلاد، وعلى ما يبدو أن استيراد المواد وحتى وصولها إلى المناطق العربية يستهلك الكثير من الأموال، مما يجعل أسعارها أعلى بكثير".

المنافسة تُخفض الأسعار

وأشار إلى أن "المنافسة الكبيرة الموجودة في المناطق اليهودية تؤدي إلى خفض أسعار المواد الغذائية ومواد التنظيف، لذلك تكون الأسعار أغلى في المناطق العربية بسبب قلة المنافسة بين الشبكات والمحال التجارية".

وعن أسعار الخبز، قال ميعاري إن "أسعار الخبز مغايرة، إذ أن سعر الخبز ومشتقاته الأرخص في منطقة المثلث، ومن ثم تأتي منطقة الجليل، والأغلى في المناطق اليهودية، والواضح أن صنع الخبز في المناطق العربية يؤدي إلى انخفاض أسعار الخبز".

الخضروات والخبز أرخص في المثلث

وعن أسعار الخضروات والفواكه، قال ميعاري إن "أسعار الخضروات والفواكه أقل في منطقة المثلث والجليل، ومن المتوقع أن سبب انخفاض أسعارها في المثلث والجليل استيرادها من الضفة الغربية، الأمر الذي يؤدي إلى خفض أسعارها في هذه المناطق، خاصة أن منطقة المثلث هي الأقرب للضفة الغربية من الجليل، ولذلك الأسعار بها أرخص من الجليل".

وحول مدى إنفاق العائلة العربية على الغذاء مقارنةً بالعائلة اليهودية، قال ميعاري إن "العائلة العربية تنفق بالشهر 3 آلاف شيكل، فيما تنفق العائلة اليهودية 2100 شيكل، وهذا فرق كبير بين العائلتين، خاصة أن دخل العائلة اليهودية يصل إلى 21 ألف شيكل وفي المقابل دخل العائلة العربية يصل إلى 13 ألف شيكل، وهذا فرق كبير جدًا ومقلق".

إنتاج محلي

وعن الحلول، أوضح ميعاري أن "تشجيع الإنتاج الذاتي والمحلي وفتح مناطق صناعية في المجتمع العربي هو أفضل الحلول، إذ أننا نلاحظ افتتاح مصانع في مجال الألبان والأجبان في الآونة الأخيرة، وهذا يساعد بشكل كبير في خفض الأسعار في المجتمع العربي بهذا المجال، بالإضافة إلى ذلك، المطلوب أن تكون خطة اقتصادية إستراتيجية طويلة وقصيرة الأمد من أجل فتح مناطق صناعية التي تؤدي إلى دعم الإنتاج المحلي، ودعم المنتجات المحلية التي أسعارها مرتفعة ويوجد بها تضخم مالي، بمعنى يجب أن تكون خطة تدعيم خاصة لخفض الأسعار".

وفي سياق الخطة الاقتصادية الإستراتيجية، قال ميعاري إنه "يجب أن تجتمع كل مركبات المجتمع المدني، والأحزاب العربية، والسلطات المحلية العربية، وذلك تحت غطاء لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، لأنها هي الجسم الذي يضم المجتمع العربي تحت غطاء واحد، وهو الإطار المخول بوضع مثل هذه الخطط والبرامج".

عمر فندي (عرب 48)

ومن جانبه، عقب مراقب الحسابات والمستشار الاقتصادي، عمر فندي، على نتائج البحث بالقول إن "هذه الخطوة مباركة، إذ لأول مرة توجد دراسة مهنية جدية بهذا الموضوع، والتي أظهرت فارق مستوى الأسعار بين المجتمعين العربي واليهودي، واختلاف سلة الاستهلاك بين المجتمعين، والفرق في الدخل بين العائلة العربية والعائلة اليهودية، وتبين أن دخل العائلة العربية أقل من اليهودية بنحو 40%".

إهمال البنية التحتية

وعن أسباب ارتفاع تكاليف المعيشة في المجتمع العربي، قال فندي لـ"عرب 48" إنه "للأسف الشديد، التكاليف المعيشية أعلى في العائلة العربية مقارنةً باليهودية، بسبب الاحتياجات للعائلة، إذ أن العائلة اليهودية من الممكن أن تعيش بدون سيارة، وفي العائلة العربية هناك العديد من المركبات لأبناء العائلة الواحدة، وهذا بسبب عدم توفر المواصلات العامة في كل الأحياء، بالإضافة إلى ذلك انهيار السلة التعليمية في المجتمع العربي، بسبب مستوى المدارس الحكومية المتدني في الكثير من البلدات العربية، الأمر الذي يجعل العائلة تستثمر بأبنائها في مدارس خاصة".

التمييز العنصري

وعن التكاليف المرتفعة في المجتمع العربي، أوضح فندي أن "هناك العديد من الأمور التي تؤدي إلى فوارق كبيرة بين المجتمعين العربي واليهودي، أهمها التمييز العنصري الذي تتبعه الدولة في توزيع الموارد المتوفرة، والإهمال في البنية التحتية في المجتمع العربي، والتمييز بالدخل بين العائلتين العربية واليهودية، والتمييز في التعليم، بالإضافة إلى القروض الإسكانية التي يُحرم منها المجتمع العربي، وتوجه المواطنين العربي للاقتراض من جهات تأخذ فائدة مرتفعة، كل هذه الأمور تجعل الفوارق كبيرة".

وختم فندي بالتطرق إلى تصور الوضع الاقتصادي في ظل تشكيل الحكومة الجديدة، وقال إن "هذه الدولة التي نعيش بها في مختلف حكوماتها تقوم بتوزيع الميزانيات على أساس عنصري، لذلك انتظار الخطط لا يأتي بالفائدة على المجتمع العربي، وباعتقادي من المهم أن نستثمر بالتعليم من أجل تحسين مجتمعنا من جانب اقتصادي، لأن الحكومات المتعاقبة تتطرف أكثر وتصبح عنصرية تجاه مجتمعنا".

التعليقات